تواترت ردود الفعل الغاضبة ضد قرار واشنطن إلغاء الدعم المقدم لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين بالكامل، إذ تضمنت هذه الردود مشاعر الاستياء والتنديد بالقرار الذي يهدد مشاريع يستفيد منها الملايين في مخيمات لجوء بكل من فلسطين ولبنان والأردن وسوريا. وتوقع المسؤولون الفلسطينيون والأمميون أن يزيد هذا القرار من سوء الأوضاع في المنطقة. غزة - ميز الاستياء والغضب ردود الفعل الدولية والعربية بشأن قرار الولايات المتحدة وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، الذي يهدد المشاريع الحيوية التي يستفيد منها الملايين من الأشخاص داخل فلسطين وفي البلدان المجاورة لها. وسيطرت مشاعر الغضب والقلق السبت على الفلسطينيين الذين يرون أن واشنطن تسعى إلى “تصفية” قضيتهم، بعد قرار وقف تمويل الوكالة. وأعلنت واشنطن الجمعة وقف تمويل الأونروا، التي قالت إن أنشطتها “متحيزة بصور لا يمكن إصلاحها”، وسارعت إسرائيل إلى الترحيب بالقرار متهمة المنظمة الأممية التي تأسست قبل 70 عاما بأنها تعمل على “إطالة أمد” النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ووصفت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي القرار بأنه “متهور وغير إنساني”، وأضافت، في بيان باسم اللجنة التنفيذية، أن “هذا القرار خطوة مجحفة تستهدف الشريحة الأكثر ضعفا في المجتمع الفلسطيني وتعرض حياة أكثر من خمسة ملايين لاجئ لا يزالون يعانون من التشرد المتكرر والحرمان إلى الخطر”. ووصفت عشراوي الأونروا بأنها “شريان حياة بالنسبة للاجئين المقيمين في 58 مخيما في فلسطين المحتلة ولبنان والأردن وسوريا”. وقالت إن “اللاجئين هم الضحايا الفعليين الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم وأمنهم وأرضهم نتيجة لإقامة دولة إسرائيل، وها هم اليوم ومرة أخرى يقعون ضحية لقرارات الإدارة الأميركية”. وطالبت عشراوي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتقديم الدعم للأونروا. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، في بيان السبت، إن “الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية يدرسان التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لمواجهة القرار الأميركي بخصوص الأونروا، لاتخاذ القرارات الضرورية لمنع تفجر الأمور”. وأضاف أن “الأونروا تأسست بقرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، والذي ينص على استمرار دورها حتى إيجاد حل لقضية اللاجئين، كما أن خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة هذا الشهر سيتعرض لموضوع اللاجئين لأهميته تماما كقضية القدس”. واعتبر أن “هذا القرار الأميركي لا يخدم السلام، بل يعزز الإرهاب في المنطقة، وهو بمثابة اعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني”. بدوره، استنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط السبت القرار الأميركي، وقال في بيان إن القرار الذي صدر عن البيت الأبيض “يفتقر للمسؤولية والحس الإنساني والأخلاقي”. وتقدم الأونروا مساعدات لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ عبر توفير المدارس ومراكز الرعاية الصحية، وعبرت عن خشيتها في غياب التمويل من اضطرارها إلى إغلاق أكثر من 700 مدرسة بعد إغلاقها بصورة مؤقتة. وفي قطاع غزة المكتظ والمحاصر حيث يرتاد معظم الأطفال مدارس الأونروا، أثار القرار الأميركي الكثير من القلق. وقال أبومحمد حويلة (45 عاما)، من مخيم جباليا شمال القطاع وهو أب لتسعة أبناء، إن “وقف المساعدات سيؤثر بشكل كبير على أولادنا وسيحرم الآلاف من الطلاب من الذهاب إلى المدرسة”، واعتبر القرار “مجحف وظالم”. وقال هشام ساق الله (55 عاما) إن القرار “سيدمر مستقبل عدد كبير من الطلاب ويرميهم في الشارع ويحرمهم من أهم حق من حقوق الإنسان، إنه نوع من الابتزاز السياسي والضغط على الشعب الفلسطيني”. وعبرت الأمم المتحدة عن أسفها للقرار الأميركي، مؤكدة أن الأونروا “توفر خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين وتسهم في استقرار المنطقة”. ونددت الوكالة بقرار قطع المعونة عنها، رافضة الانتقادات الأميركية الموجهة إليها. كما أعربت “عن أسفها العميق وخيبة أملها” من القرار. وقال المتحدث باسم الأونروا كريس غونيس، السبت، إن “الناس سيشعرون بالمزيد من الاستياء والتهميش”، محذرا من “العواقب الخطيرة وغير المتوقعة” لهذا القرار. وكان غونيس قد حذر، الأربعاء، من أن المنظمة لن يكون لديها مال في نهاية سبتمبر. وقال هيو لولات، الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن القرار الأميركي وسيلة تسعى من خلالها واشنطن “بصورة منفردة إلى رفع مسألة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات”. وظهرت البعض من المبادرات لتأمين التمويل بعد القرار الأميركي، إذ أعلنت برلين الجمعة عن زيادة كبيرة في مساهمة ألمانيا في الأونروا ودعت شركاءها الأوروبيين إلى الاقتداء بها. والجمعة، أعلن الأردن عن تنظيم مؤتمر في 27 سبتمبر في نيويورك لدعم الأونروا التي تعاني عجزا ماليا يفوق 200 مليون دولار (170 مليون يورو).
مشاركة :