واشنطن - خلال شهري أكتوبر ونوفمبر من سنة 1986 تم الكشف عن عمليتين قامت بهما الحكومة الأميركية بخصوص تورّط مسؤولين في إدارة الرئيس رونالد ريغن في نشاطات غير قانونية. تتمثل هاتان العمليتان في توفير مساعدة للأنشطة العسكرية لمتمردي الكونترا في نيكارغوا في فترة حظر استمرت من أكتوبر 1984 إلى أكتوبر 1986، وبيع أسلحة أميركية إلى إيران في تعارض واضح للسياسة الأميركية المعلنة وفي خرق محتمل لعملية مراقبة تصدير الأسلحة. وفي أواخر شهر نوفمبر من عام 1986 أعلن مسؤولون في إدارة ريغن أن البعض من عائدات بيع الأسلحة الأميركية إلى إيران تم تحويلها إلى عصابات الكونترا. يستعيد الأميركيون اليوم هذه الفضيحة، والتي يقول عنها المحامي الأميركي ليتون ديتورا، إنها تتضمن دروسا نحتاجها الآن، فيما يعود إليها زاك دورفمان، المحلل السياسي في صحيفة فورين بوليسي، في تقرير حمل عنوان “كيف تقضي على فضيحة رئاسية”، يقول فيه “استطاع الجمهوريون القضاء على قضية إيران – كونترا. وقد يحدث نفس الشيء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وروسيا”.يرصد ديتورا وقائع تلك القضية مشيرا إلى أنه في التاسع عشر من ديسمبر 1986 كلفته عيّن القسم الخاص من محكمة الاستئناف الأميركية لدائرة كولومبيا لورانس إ. والش مدّعيا مستقلا بالتحقيق الذي توصّل في نهايته إلى النتائج التالية: * تتنافى عملية بيع الأسلحة إلى إيران مع سياسة الحكومة الأميركية وقد تكون خرقت قانون مراقبة تصدير الأسلحة. * خرقت عملية توفير وتنسيق الدعم لعصابات الكونترا الحظر الذي نص عليه ‘تنقيح بولند’ المفروض على المساعدات للأنشطة العسكرية في نيكارغوا. زاك دورفمان: استطاع الجمهوريون القضاء على قضية إيران – كونترا. وقد يحدث نفس الشيء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وروسيا وتدخلها في الانتخابات الأميركية زاك دورفمان: استطاع الجمهوريون القضاء على قضية إيران – كونترا. وقد يحدث نفس الشيء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وروسيا وتدخلها في الانتخابات الأميركية * تمت المراجعة الكاملة للسياسات التي تقف وراء عمليتي كل من إيران والكونترا وتم تطويرها على أعلى مستويات إدارة ريغن. * نفذت العمليات المتعلقة بإيران بعلم عدة مسؤولين، من بينهم الرئيس رونالد ريغن ونائب الرئيس جورج بوش، ووزير الخارجية جورج شولتز، ووزير الدفاع كاسبر و. وينبرغر، ومدير الاستخبارات المركزية وليام جي. كيسي، ومستشاري الأمن الوطني روبرت سي. ماك فرلان وجون بويندكستر. ومن بين هؤلاء المسؤولين لم ينشق عن قرار السياسة إلا وينبرغر وشولتز. * كميات كبيرة من الوثائق التي أعدت بشكل متزامن حجبتها إدارة ريغن بشكل ممنهج ومقصود عن المحققين. ويشير ديتورا إلى أنه على الرغم من الصعوبات الكبيرة المنجرة عن تدمير السجلات وحجبها والحاجة إلى حماية المعلومات السرية ومنح الكونغرس الحصانة لبعض المسؤولين المتورطين، تمكن المدعي المستقل من توجيه تهم جنائية ضد مسؤولين في الحكومة ومواطنين تورطوا في أنشطة غير قانونية نجمت عن قضية إيران – كونترا. الفضيحة الأكبر يقول ديتورا متذكرا فضحية إيران - كونترا “أملي في أنه من خلال مراجعة هذا الفصل الصغير من التاريخ يمكننا تعلم كيفية عدم فعل ذلك. وخوفي هو أنه من خلال مراجعة هذا الفصل الصغير من التاريخ يمكن للبعض تعلم كيفية فعل ذلك ثانية”. ويذهب في ذات السياق زاك دورفمان، قائلا “المغزى من إيران – كونترا هو أن عمليات التستر يمكن أن تنجح، وهذا ما يجب أن نقلق منه”. ويعتبر دورفمان أن الفضيحة السياسية الأميركية الأكبر خلال النصف الثاني من القرن الماضي هي المجموعة المعقدة للجرائم المعروفة باسم إيران – كونترا، التي يقول عنها إنها “تقدم نظرة ثاقبة حول كيف يمكن للفضيحة أن تتكشف في المستقبل. وإذا كانت دروس إيران – كونترا قد نُسيت بصورة غريبة، فربما نرغب في دراسة السبب وراء نسيانها، لأن مرتكبي الفضيحة قد نجحوا. ويؤكد قائلا "لعقود، “كانت قضية ووترغيت معيارا عندما تظهر فضيحة في واشنطن. لكن دروس ووترغيت تمت المبالغة فيها. ويكشف استمرارها في تصورنا الجماعي عن توجه أميركي خاص وهو، حتى في هذه الفترة من السخرية، الثقة في قوة تحقيق العدالة”. وينقل دورفمان قول كارل برنستاين إن “النظام الأميركي كان يعمل” في ووترغيت، ليعقب منتقدا بقوله “لكن هذا السيناريو مفرط في التفاؤل”. يرى دورفمان أن هناك تشابها كبيرا في التفاصيل بين هذه القضية، وما يجري اليوم بين ترامب وروسيا، مشيرا إلى أنه في إيران – كونترا، تآمر المسؤولون في إدارة ريغان مع العديد من الأنظمة الأجنبية لتغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وجزء من الفضيحة يدور حول معاملات غير لائقة مع قوة راعية للإرهاب. وفي إيران – كونترا، كذب مسؤولون أقوياء في الإدارة على المحققين الاتحاديين عن علاقاتهم مع مسؤولين أجانب من هذه الدولة العدائية. لا تنتهي مقارنات دورفمان بين ترامب روسيا عند هذا الحد، حيث يشير إلى أنه في إيران – كونترا، كان المدعي الخاص الذي كان يحقق في الفضيحة، لورانس والش، محاميا من الصفوة من نيو إنغلاند وكان جادا، وكان جمهوريا وكان عمله ممتازا، لكن هاجم الجمهوريونفريق والش، وطالبوا باستقالة محققين رئيسيين، واحتجوا على الفساد والتقصير المزعوم في التحقيق، على غرار ما يعيشه اليوم المستشار الخاص روبرت مولر لدى تحقيقه في تدخل موسكو في الانتخابات الأميركية، وعلاقة ترامب ودائرته بهاذ الأمر. أحد عشر شخصا أدينوا في قضايا متعلقة بإيران – كونترا، لكن المسؤولين الرئيسيين، وفق دورفمان، لم يلحق بهم أذى في تلك الفترة، انتقد بوب دول زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، المحققين في إيران – كونترا، وقال عنهم إنهم “قتلة مأجورون حصلوا على أجور عالية”. وكتب على لوحات في المؤتمر القومي للحزب الجمهوري لعام 1992 “أكبر مطاردة للسحرة منذ سالم”. وفي اعتبار والش، فإن دول كان شخصية رئيسية في تقويض الثقة العامة في مكتب المدعي الخاص وفي إحباط أنشطته. واليوم، يلعب مقربون من ترامب أمثال النائب ديفيننونيز وجيم جوردان دورا مماثلا. وقضى والش سبع سنوات لجمع التفاصيل عما كان بصورة جوهرية مؤامرة لخداع الولايات المتحدة، فقط من أجل رؤية مصالح سياسية قوية، كان مصيرها يعتمد في بعض الأحيان على القضاء على التحقيق، وإفساح الطريق أمامهم من خلال أزمة دستورية محتملة. وأدين أحد عشر شخصا في قضايا متعلقة بإيران – كونترا، لكن المسؤولين الرئيسيين، وفق دورفمان، لم يلحق بهم أذى. فقد أبطلت إدانة جون بويندكستر، وكان يعمل مستشارا للأمن القومي في عهد ريغان، عند الاستئناف في عام 1991، كما أبطلت إدانة أوليفر نورث. ليتون ديتورا: قضية إيران كونترا تتضمن دروسا نحتاجها الآن لكن خوفي أنه من خلال مراجعة هذا الفصل الصغير من التاريخ يمكن للبعض تعلم كيفية فعل ذلك ثانية ليتون ديتورا: قضية إيران كونترا تتضمن دروسا نحتاجها الآن لكن خوفي أنه من خلال مراجعة هذا الفصل الصغير من التاريخ يمكن للبعض تعلم كيفية فعل ذلك ثانية ورفضت قضية تورط ضابط سابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية عندما رفض المدعي العام في عهد جورج بوش، في مناورة غير عادية، رفع السرية عن وثائق تعد ضرورية للدفاع من قبل قاضي التحقيق. لكن الضربة القاضية الحقيقية للتحقيق، وفق دورفمان، فقد كانت عشية عيد الميلاد في عام 1992، عندما أصدر بوش عفوا عن خمسة مسؤولين على صلة بالأمر، من بينهم روبرت ماكفرلين، ومستشار أمن قومي آخر في عهد ريغان، وكاسبر واينبرغر، وزير الدفاع في عهد ريغان والذي لم تكن محاكمته قد بدأت بعد. ويعتقد والش أن واينبرغر حجب مذكرات إدانة رئيسية عن المحققين لسنوات أظهرت أن مسؤولين بالإدارة يحتمل أن يكون من بينهم ريغان نفسه، خرقوا القانون عن عمد، ومن ثم أحبطوا جلسات استماع العزل. اختبار حقيقي كتب والش في كتابه عن إيران – كونترا، الذي حمل عنوان فايروول، إن محاكمة واينبرغر قدمت “اختبارا حقيقيا لقابلية تطبيق حكم القانون على الطبقة العليا السياسية”. تقدم إيران – كونترا فرصة سياسية وقانونية للرئيس ترامب الذي لمح منذ أشهر إلى أنه سيصدر عفوا لحلفائه المتورطين في تحقيق مولر. ولماذا لا يفعل ذلك؟ إيران – كونترا توضح السبب، إنه التفسخ الذي ينتشر بعمق في المؤسسة السياسية الأميركية ويتجاوز ترامب نفسه. ويختم دورفمان تحليله بحوار قصير دار بين والش وأحد الصحافيين، إثر مؤتمر صحافي عقد عقب إعلان جورج بوش عن الإعفاءات عشية عيد الميلاد. وقال والش آنذاك إن تصرف الرئيس الأميركي “يظهر أن الأشخاص الأقوياء الذين لهم حلفاء أقوياء، يمكنهم ارتكاب جرائم خطيرة في المناصب العليا، ويسيئون عن عمد استخدام ثقة الرأي العام، دون عواقب”. في نهاية المؤتمر سأله أحد الصحافيين “هل الرسالة هنا هي إذا كنت تعمل لصالح الحكومة، فمن ثم فأنت فوق القانون؟”؛ ورد والش قائلا “إن هذا يعتمد على الرئيس الذي تعمل معه”. أغلب الأميركيين يدعمون مولر وصلت نسبة رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى درجة عالية بلغت 60 بالمئة، وفقا لاستطلاع جديد لصحيفة واشنطن بوست وشبكة أي. بي. سي. نيوز، والذي أظهر أيضا أن أغلبية واضحة من الأميركيين تدعم المحقق الخاص روبرت مولر الذي يجري تحقيقا في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية. وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن استطلاع الرأي أظهر أن غالبية الأميركيين تحولت ضد ترامب وتدرك جهوده للتأثير على وزارة العدل وتحقيق المستشار الخاص روبرت مولر واسع النطاق. ورأى ما يقرب من نصف الأميركيين أو 49 بالمئة تحديدا أن الكونغرس يجب أن يبدأ إجراءات توجيه اتهامات لترامب والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إقالته من منصبه، في حين يرى 46 بالمئة أنه لا ينبغي على الكونغرس القيام بذلك. وتعتقد أغلبية ضئيلة تمثل 53 بالمئة أن ترامب حاول التدخل في تحقيق مولر بطريقة ترقى إلى عرقلة العدالة، بينما قال 35 بالمئة إنهم لا يعتقدون أن الرئيس قد حاول التدخل. وقال 63 بالمئة من الأميركيين إنهم يؤيدون التحقيق الذي يجريه مولر في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، ويؤيده 52 بالمئة بقوة، بينما يعارضه 29 بالمئة . وبشكل عام، أعرب 60 بالمئة من الأميركيين عن عدم رضاهم عن أداء ترامب الوظيفي كرئيس للبلاد، بينما قال 36 بالمئة إنم راضون عن أدائه.
مشاركة :