لن نقبل بمصير البعثيين في العراق! بهذه العبارة وصف ياسر اليماني القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يتزعمه الرئيس اليمني السابق الراحل علي عبدالله صالح، الوضع في اليمن بعد مقتل صالح. لا يهم كيف قتل صالح؟ ومن قتله؟ لكن الأهم كيف ستكون المنطقة واليمن ما بعد صالح، الذي أعلن قبل مقتله بأيام وقوفه مع الشرعية والتحالف الدولي، بقيادة السعودية، بعدما اصطف سنوات مع الحوثيين لتهديد أمن وسلامة المملكة. بعض المراقبين والمحللين عبّر عن قلقه من الوضع الحالي ورأى أن عملية الحسم باتت صعبة، في حين ذهب آخرون إلى حد القول ألّا حوثي بعد اليوم، وأن الحوثيون انتهوا إلى غير رجعة وعادت صنعاء إلى حاضنتها العربية. بين هذين الرأيين لا بد أن نقف لننظر إلى المشهد من مختلف جوانبه وزواياه، بعيداً عن العاطفة واسترجاع التاريخ. اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات وهو يعيش حال فوضى وعدم استقرار، مع قدوم ميليشيات الحوثي واستيلائها على بعض الأجزاء في اليمن، بمعاونة الرئيس السابق الراحل. تلك الميليشيات المدعومة من إيران جاءت برعاية ودعم لا محدود من نظام الملالي في طهران بقصد الاستيلاء على بلد عربي كبير وجزء مهم من خريطة المنطقة العربية والإسلامية، وتحقيق حلمهم بسقوط صنعاء كما سقطت بغداد بيد طهران، وبالتالي تهديد أمن وسلامة الأراضي السعودية واستقرارها وزعزعة أمن دول الخليج العربي والمنطقة. إن نظام طهران اليوم يختلف عن الشاه، فالنظام الحالي منذ نهاية سبعينات القرن الماضي انطلق من بُعدين؛ سياسي وعسكري، تم تغليفهما بغطاء عقدي لإعطائهما الصبغة الدينية وإضفائها على أعمالها التخريبية في المنطقة، بهدف توسيع سيطرتها ونشاطاتها التخريبية. لكن السؤال، هل حققت طهران المكاسب التي تريدها؟ الإجابة نعم، حققت مكاسب على الأرض، من خلال دعمها ميليشيات الحوثي طوال ثلاث سنوات حتى الآن، لكن الأهم أن تلك المكاسب تم إيقاف زحفها وتوسعها وضرب بعضها والتصدي لمخططات كانت أبعد، «يُراد» للمنطقة أن تدخل فيها، وذلك من خلال تدخل التحالف الدولي، بقيادة السعودية، التي استطاعت مجابهة تلك الميليشيات ووقف مخططاتها التوسعية. صالح، الذي خاض معارك عنيفة خلال الأيام الماضية لطرد الحوثيين من الأراضي التي يقيمون فيها، تعطي مؤشرات على أن هناك حال تخبط وعدم قدرة على إحكام السيطرة الكاملة على العاصمة صنعاء أو على ضواحيها. إن المطلوب في هذه الفترة من التحالف العربي، بقيادة المملكة، سرعة العمل على خطين متوازيين، أولهما عسكري على الأرض، من خلال تكثيف الغارات الجوية على ميليشيات الحوثي الموجودة في صنعاء، إضافة إلى دعم القوى الشعبية والقبائل الموالية للتحالف العربي لمواجهة الميليشيات الحوثية على الأرض. وثانيهما سرعة جمع قيادات الحرس الجمهوري الموالية للتحالف ودعمها لـ«رصّ» صفوفها لتشكل قوة جديدة مع قوى الشرعية، لتغيير الموازين على الساحة. وثانيهما العمل على الحل السياسي وجمع القيادات والقوى الموالية للتحالف العربي بهدف توحيد جهودها لتنسجم مع التقدم العسكري، الذي تحرزه وتقوم به السعودية والتحالف العربي لطرد طهران من اليمن. إن عامل الوقت مهم في دعم الموالين للشرعية من قبائل وقوى تنتظر المساعدة لمواجهة الميليشيات الحوثية للإسراع في علمية الحسم وتفكيك قوى الحوثي واستنزافه. إن على دول التحالف استغلال الفرصة الحالية، ولاسيما أن الرئيس السابق صالح رفض أية هدنة مع الميليشيات الحوثية، كما أن قبائل الطوق وقوات الحرس الجمهوري يمكن أن تغير المعادلة، مع توفير المظلة الجوية على الأرض، ما يدفع الحوثيين إلى التقهقر إلى صعدة شمالاً، وعندها تفرض دول التحالف العربي حلاً سياسيا بشروط. لقد أصبحت المعركة الحالية مع الحوثيين معركة حياة أو موت للقوى الموالية لصالح والمقربين منه. وفي حال لم تحسم معركة صنعاء في الساعات الـ72 المقبلة لمصلحة القوى الموالية للرئيس السابق، فإن هذا سيعطي الحوثيين فرصة لإرسال تعزيزات واستخدام مخازن الأسلحة الكثيرة، التي يقع بعضها تحت سيطرتهم. إن ما تقوم به السعودية اليوم، ومعها دول التحالف هو دور حيوي ومهم، ليس لحماية دول الخليج العربي وحدها، بل ولحماية أمن المنطقة العربية كاملة. وعلى الدول العربية جميعاً أن تقف مع الرياض وتدعم خطواتها المقبلة. * كاتب في الشأن الخليجي.
مشاركة :