«طريق الحرير» يقود اقتصادات 70 دولة إلى «طريق شائك»

  • 9/3/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تخشى البلدان الغارقة في الديون والمستفيدة من مشاريع البنى التحتية ضمن "طريق الحرير" الذي أطلقته بكين، من تزايد حجم ديونها إلى درجة تثير قلق "صندوق النقد الدولي" وتدفع بعض الدول إلى التردد. في صيف عام 2013، أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرته العملاقة لبناء الموانئ والطرق والسكك الحديدية عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا، بتكلفة عشرات المليارات من الدولارات. وبعد خمس سنوات، تثير "طرق الحرير الجديدة" الانتقادات والقلق، مع اتهام بكين باستخدام قوتها المالية لتوسيع نفوذها. وقال جين بينغ، الاثنين الماضي، إن المشروع "ليس نادياً صينياً"، مشيداً بـ"تعاون منافعه متبادلة". لكن إذا كان المشروع يشمل نظرياً نحو 70 دولة يفترض أن تساهم في الاستثمارات معاً، فإن الكثير من المشاريع تمولها فعلياً المؤسسات الصينية. 60 مليار دولار استثمارات تراكمية في غضون السنوات الخمس، تجاوزت الاستثمارات المباشرة التراكمية للعملاق الآسيوي في البلدان المعنية 60 مليار دولار، في حين بلغت قيمة المشاريع التي وقعتها الشركات الصينية أكثر من 500 مليار دولار، وفقاً لما أعلنته بكين. وتعرض هذه المشاريع الدول لأخطار مالية، إذ ألغت ماليزيا للتو 3 مشاريع، ضمنها تشييد خطوط للسكك الحديدية بكلفة 20 مليار دولار، مؤكدة عدم قدرتها على تمويل ذلك نظراً لديونها التي يبلغ حجمها 250 مليار دولار. وهذا ما حدث لسيرلانكا التي اقترضت 1.4 مليار دولار من بكين لتطوير أحد موانئها، لكنها اضطرت أواخر عام 2017 إلى منح الصين السيطرة الكاملة على المرفأ لمدة 99 عاماً. صندوق النقد يدق ناقوس الخطر ودق "صندوق النقد" ناقوس الخطر. وقالت مديرته كريسيتين لاغارد في أبريل، إن هذه الشراكات "يمكن أن تؤدي إلى تزايد الإشكالية في المديونية، ما من شأنه أن يحد من النفقات الأخرى عندما ترتفع كلفة الديون. هذه ليست وجبة مجانية". لكن نائب رئيس وكالة التخطيط الصينية نينغ جيزي قال الاثنين الماضي، إن "هذه الدول اقترضت بشكل كبير من دول أخرى"، مشيداً بمعايير التقويم "الصارمة" للمشاريع. ويعتبر معهد الأبحاث "سنتر فور غلوبال ديفيلبمانت" أن طرق الحرير تزيد في شكل ملحوظ من خطر خلخلة أوضاع ثمانية بلدان مثقلة بالديون هي منغوليا ولاوس وجزر المالديف ومونتينيغرو وباكستان وجيبوتي وطاجيكستان وقرغيزيا. فباكستان، التي يعبرها مشروع ربط عملاق بقيمة 54 مليار دولار بين الصين وميناء جوادر، تواجه خطر الإفلاس، ما يعزز إمكان تقديم مساعدة وشيكة من صندوق النقد الدولي. ويطالب رئيس الوزراء الجديد عمران خان بـ"الشفافية" حول عقود مبهمة تم توقيعها وتتضمن استخدام مواد أو موظفين صينيين وشروط سداد صعبة تصب في مصلحة بكين. والأسوأ من ذلك، أن الصين تقدم قروضها بالدولار، ما يجبر باكستان على السعي إلى تحقيق فائض تجاري مرتفع بهدف سدادها، في حين احتياطاتها من النقد الأجنبي بدأت بالنفاد. قروض عينية يصعب سدادها تقول آن ستيفنسون يانغ الباحثة في "ريسيرش كابيتال" إن القروض الصينية غالباً ما تكون عينية (جرارات، شحنات من الفحم، وخدمات هندسية)، لكن يجب سدادها بالدولار، مضيفة أنه عبء لا يطاق في بعض الأحيان كما في لاوس، إذ تبلغ كلفة تشييد خط للسكك الحديدية 6.7 مليارات دولار أو نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للدولة الآسيوية الصغيرة. وفي جيبوتي، قفز الدين العام الخارجي من 50 إلى 85 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في غضون عامين، وفقاً لصندوق النقد الدولي، بسبب الديون المستحقة لبنك "إكسيم" الصيني الذي يستحوذ أيضاً على نصف ديون طاجيكستان وقيرغيزيا. ومن المؤكد أن البلدان الأقل نمواً، بسبب احتياجاتها الماسة للبنى التحتية، تجد لها مصلحة في ذلك. أما بالنسبة إلى بكين، فإن الأخطار تستحق المجازفة، فالعملاق الآسيوي يسعى إلى منافذ لتصريف إنتاجه الفائض من الطاقة الصناعية، كما أنه يحتاج إلى طرق وموانئ وخطوط أنابيب لنقل الإمدادات من المواد الخام.

مشاركة :