أجاب الأب هاني باخوم، المتحدث بإسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر، حول جرأة البابا فرنسيس فى التعبير عن التحديات التى تواجه الكنيسة الكاثوليكية، قائلاً إن البابا فرنسيس تسلم ميراثا صعبا، خاصة فيما يتعلق بالانتهاكات الجنسية، ولكن نستطيع أن نقول إن البابا فرنسيس لديه طريقته وتكوينه وتربيته الخاصة والبلد التى جاء منها، فالخلفية الشخصية تجعله يمارس الباباوية بشكل مختلف عن غيره، لكن المحتوى والجوهر والعقيدة لا يوجد بها تغيير.فالبابا فرنسيس يتميز بأن الخلفية الشخصية جعلت لديه القدرة على التعبير ومناقشة المواضيع بكل وضوح وشفافية، ولكن لا نستطيع أن نقول إنه لم يكن موجودا، فمثلا البابا بندكتس شخص «خجول»، فالطابع الشخصى يؤثر فى طريقة العمل.ولفت هاني باخوم إلى أن قضية الانتهاكات الجنسية بدأت تتفجر عام 1995، ووصلت قمتها فى عام 2002، والتى شهدت قمة التفجيرات والشكاوى بسبب تغير المجتمع وظهور العالم الرقمى والحرية، وهو ما ساعد كثيرين فى الحديث عن هذه الجرائم، وبدأت الكنيسة فى عمل تقارير وإحصائيات ودخلت فيه لجان علمانية، وصدر تقرير مثل تقرير بنسلفانيا، وكلها تقارير مدنية، والضجة التى نشهدها هذه الفترة بسبب ظهور نتائج هذه التحقيقات، وبالتالى يجب التأكيد على أننا لسنا بصدد أحداث جديدة.فتقرير بنسلفانيا الذى تسبب بهذه الضجة يدرس حالات كلها تمت قبل 2002، وعندما تقابل البابا فى أيرلندا مع بعض ضحايا الانتهاكات الجنسية الذين ما زالوا على قيد الحياة، ولذلك فنحن نتحدث عن حالات تمت منذ 50 عاما وأكثر، ومهم أن نرجع للظروف الموجودة وقتها.والبابا فرنسيس ليس الأول الذى ناقش هذه القضية، فاللجان التى تعمل تم تشكيلها فى حبرية البابا يوحنا بولس الثاني، الذى كان أول من تحدث عن هذه القضية، وقام بإجراء تغيير فى المحاكم الكنسية، واعتبر الانتهاكات الجنسية التى ارتكبت فى حق الأطفال من ضمن الجرائم التى تقع ضمن «انتهاك المقدسات» كأنه فعل ضد الإيمان ورفعها من خطيئة إلى جريمة.كما أن البابا بندكتس كتب عدة رسائل فى هذا الشأن، وأكمل المسيرة البابا فرنسيس وأسس لجنة باباوية لحماية القاصرين، لها عدة أهداف، منها الاستماع للجرحى وحماية الأطفال، ولذلك فإن التحقيق فى هذا الأمر مستمر، والبابا فرنسيس استطاع أن يرد بطريقة واضحة وصريحة.وشدد متحدث الكنيسة في تصريحه لـ"البوابة" إلى ضرورة التفريق بين خطايا جنسية وانتهاكات جنسية، عندما يخطئ رجل وامرأة، فهذه خطيئة، ولكن الانتهاكات مرض، كأن يستخدم شخص طفلا لمتعته الجنسية، فهذا مرض، والشخص المريض يمكن أن يكون رجل دين أو متزوجا وأبا.وكم من الحالات فى المجتمع بها انتهاك جسدى ضد الأطفال والمرأة من أقارب، فالأسر التى تعيش فى «عشش» خمسة أو ستة أفراد فى غرفة واحدة كم من الانتهاكات شهدتها هذه المناطق؟، الجميع يتوقع من الكنيسة القداسة، وهذا صحيح، ولكن إذا نزلنا للمجتمع، فنتوقع أيضًا أن يكون الأب «أب» لا يعتدى على أولاده، وماذا عن الخيانات الزوجية التى نسمع عنها؟.فالمرض لا يشفيه الزواج، وعقب تفجير قضية الانتهاكات علت بعض الأصوات تطالب بأن يكون الكاهن الكاثوليكى متزوجا، ولكن أستطيع أن أقول الزواج ليس الحل ليشفى القلب، ولكن وجود علاقة حقيقية مع الله.وأتذكر فى إيطاليا تم إجراء إحصائية عن الرجال الذين يمارسون الجنس بمقابل مادى، وجدوا أن النسبة الأكبر رجال متزوجون، فيما احتل الشباب غير المتزوج نسبة قليلة جدا، وأؤكد ليس الفعل الجنسى الذى يشبع القلب ويشفيه، ولكن وجود علاقة مع الله، وتكوين لاهوتى قوى.موضحاً أن الكرادلة الذين تم عزلهم على خلفية الانتهاكات الجنسية بسبب عدم اتخاذهم إجراءات قوية وصارمة تجاه هذه الحوادث، ونحن هنا لا نتحدث عن شخص قوى أو لامع ولكن شخص لديه علاقة حقيقية مع الله.أما عن معايير اختيار الكاهن، فلا بد أن تكون هناك «دعوة» الشخص نفسه يشعر بالدعوة، وهى اختيار حر من الشخص نفسه، ليبدأ مسيرة تكوينية تستمر لسبع أو ثمانى سنوات، يتابع فيها المسئولون مسيرته من الناحية النفسية والجسدية والإيمانية والروحية، ويتابع مسيرته هل هذا إنسان سوى أم لا؟، فالصحة النفسية شرط من شروط الكهنوت.
مشاركة :