استجواب روحاني تصفية حسابات أم تدوير أزمات

  • 9/4/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم يهتم الرأي العام الايراني بعملية الاستجواب التي خضع لها روحاني بما يعكس شعوراً طاغياً في الشارع الايراني بأن المؤسسات الصورية او الكارتونية كما يسميها الايرانيون أنفسهم هي مجرد ديكور في لعبة النظام الذي يتربع على قمته ولي فقيه يمسك بخيوط السلطة والسطوة ويحركها كما يشاء. وهكذا مرّت عملية الاستجواب دون أن تحرك اهتماماً من الشارع الايراني الذي يغلي بسبب أوضاع صعبة وقاسية حلولها ليست في إقصاء وزير كرتوني او إقالة مسؤول صوري، ولكنها أزمة نظام برمته لن يجدي معه الترقيع والتخدير. وبالنتيجة فقد كان استجواب روحاني هو نوع من أنواع تصفية حسابات قديمة بين رجال السلطة ومراكز القوة في صراعها الخفي والمعلن، استثمرت فيها أطراف الصراع الأزمة الطاحنة لتصفي حسابات شخصية بطريقة أخذ الثأر من جماعة ستقدمها مراكز قم بوصفها كبش فداء وستعلق في رقبتها فأس الأزمة. لذا فقد كانت التضحية بوزير الاقتصاد على مذبح الأزمة خطوة أولى قد تتلوها التضحية بروحاني او بالأدق الإطاحة به في صراع الثأر بين العمائم، وهو ثأر قديم لن يتورع عن استغلال أزمات شعبه في تصفية حساباته. روحاني من جانبه يدرك أهداف الاستجواب الذي خضع له، ويدرك انه جزء من تصفية الحسابات في صراع العمائم هناك، لذا فقد قال لهم «لا يجب القول إننا نواجه أزمة، اذا قلنا إن هناك أزمة فسيتحول الأمر الى مشكلة بالنسبة للمجتمع». وكأنه يدعوهم لإدارة الصراع وفق قواعد اللعبة ولا يخرج عن حدودها او يتجاوز إطارها المرسوم للصراع الفوقي او لصراع القوى، وهو صراع متفاهم عليه بحيث لا ينزل الى الشارع او يؤثر في الشارع «فيتحول الأمر الى مشكلة» حسب تعبير او يحذير روحاني للطرف الآخر في الصراع. الصراع المرسوم مفهوم وفي إطاره جاء استجواب البرلمان لروحاني، وتسلم زمام الاستجواب الطرف الآخر في محاولة سيبدو الهدف منها إقصاء روحاني من منصبه لصالح جماعة أخرى في صراع العمائم والكراسي والمراسي. اللافت أن أحد النواب وبعد انتهاء الجلسة صرخ في البرلمان «بنيتم قصراً من التمنيات يدعى خطة العمل الشاملة المشتركة» وهو الاسم التقني للاتفاق النووي «وبركلة واحدة من ترمب تدمّر هذا القصر». فرد نائب آخر متحسراً بألم «ماذا فعلنا بهذه الأمة، لقد جعلناها بائسة تعيسة» اعترف آخر اللحظات دائم ما يكون واقعياً وصادماً الى الدرجة التي دفعت أحد الأعضاء المتحمسين لاستجواب روحاني يقول ما كان للاستجواب ضرورة في هذا التوقيت، فقد كشف ضعفنا وضعف مؤسساتنا أمام الشارع الايراني، وهو في حالة غليان. من جانب آخر، لم تستطع «حيلة» الاستجواب صرف نظر الشارع الايراني عن احتجاجاته وتذمره، ولا عن مظاهراته، ولم تخفف من معاناته وقهره، رغم ما تم من صخب إعلامي ايراني أراد الإيحاء بأن الاستجواب لرئيس الجمهورية سيكون بوابة لحلول الأزمات. كل ما استطاع الاستجواب فعله في أحسن الافتراضات هو تدوير زوايا الأزمة دون ان يملك الجميع هناك القدرة على تقديم حلول حقيقية تنقذ الشعب الايراني من طواحين أزمته على كل مستوى. وفي قادم الأيام ستظل اللعبة تدور في إطار فرصة تسوية الحسابات، وتصفية الثارات القديمة بين أجنحة المستفيدين الكبار على اختلاف مواقفهم ومصالحهم. من جانبه، فقد أرخى خامنئي لهم حبال تصفية الحسابات فيما بينهم كنوع من إلهاء الشارع او تخديره إن شئت، وهو العارف أن الاستجواب يدور في إطار صراع المصالح الفوقية للكبار الذين يتصارعون حول الاقتراب من معبده بتقديم مزيد من الولاء والطاعة له. وفي الصفحة القادمة بعد طي صفحة الاستجواب سيلعب كبيرهم خامنئي بورقة أخرى جديدة يبدو لنا أنها ورقة الاتفاق النووي، ومحاولة ابتزاز الجانب الاوروبي بطريقة التلويح بإلغائه اذا لم يقدم الجانب الاوروبي مزيداً من الدعم الاقتصادي والاستثماري لايران تحت بند حماية الاتفاق النووي الذي أصبح قميص عثمان لخامنئي في لعبة الابتزاز.

مشاركة :