أعلن رئيس السن للبرلمان العراقي محمد علي زيني الإبقاء على جلسة البرلمان العراقي الأولى التي عقدت أمس في حالة انعقاد حتى الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم، من أجل حسم الخلافات الخاصة بشأن الكتلة الأكبر ورئيس البرلمان ونائبيه. وكان النواب الجدد (329 نائباً) أدوا اليمين الدستورية باستثناء العبادي والوزراء التنفيذيين لحين تشكيل الحكومة المقبلة. واضطر رئيس السن بعد انتهاء الإجراءات البروتوكولية التي رافقت الجلسة (كلمات لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم والوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري) إلى رفع الجلسة لمدة ساعة لأغراض التداول. وكان رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري دعا في كلمته إلى الاعتذار للشعب العراقي بسبب سوء الخدمات التي أدت إلى اندلاع المظاهرات في عدد من المحافظات والمدن الوسطى والجنوبية منذ شهر يوليو (تموز) الماضي وحتى الآن. وقال الجبوري إن «العراق اليوم بأمس الحاجة إلى الحفاظ على مكتسبات العملية السياسية وتحصينها من الزلل ومنح الأعداء والمتربصين فرصة لتقويضها». وأضاف: «إننا بحاجة إلى إجماع وطني لضمان دعم المجتمع الدولي»، داعياً إلى «الاعتذار للشعب العراقي لسوء الخدمات وعدم الإعمار». وشدد الجبوري على «ضرورة استمرار القيادات السياسية بالحوار الجاد غير المسبوق بالشروط والمواقف الجاهزة مع من يختلفون معهم». ويعد الجبوري ثاني مسؤول عراقي كبير يعتذر للشعب العراقي بعد نحو شهرين على اعتذار مماثل لزعيم كتلة الفتح وأحد المرشحين لرئاسة الوزراء هادي العامري. إلى ذلك تباينت المواقف بشأن الكتلة الأكبر. ففيما قدم تحالف «الإصلاح والبناء»، الذي يضم «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي، و«القرار» بزعامة أسامة النجيفي، طلباً إلى رئيس السن مقروناً بتواقيع رؤساء الكتل بشأن الكتلة الأكبر التي تضم نحو 177 نائباً، فإن تحالف «الفتح - دولة القانون» الذي سمى نفسه «تحالف البناء» أعلن أنه قدم طلباً مماثلاً يحمل تواقيع 153 نائباً. وطبقاً للتباين بين الرقمين، فإنه وكما أكده الخبير القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «كتلة الإصلاح والبناء التي جمعت 177 نائباً عن طريق تواقيع رؤساء كتلهم استندت في ذلك إلى تفسير المحكمة الاتحادية لعام 2010، وطبقاً للمادة 76 من الدستور العراقي، بينما تحالف البناء يستند إلى تواقيع النواب أنفسهم، ما يعني أنهم لم يتمكنوا من جمع مقاعد أكثر من هذا العدد على ما يبدو». وأشار إلى أن «التفسير الذي كانت قدمته المحكمة الاتحادية لا يزال ساري المفعول، علماً أن قرارات الاتحادية ملزمة وقاطعة». ورداً على سؤال بشأن الإبقاء على الجلسة في حالة انعقاد إلى اليوم، أكد العبادي أن «السبب في ذلك هو نوع من الهروب عن مفهوم الجلسة المفتوحة الذي رفضته المحكمة الاتحادية في وقتها، الأمر الذي جعل رئيس السن يعوم الجلسة ويعدها في حالة انعقاد ليوم الثلاثاء، على أمل أن تتوصل الكتل السياسية إلى حسم خلافاتها». وفي سياق الخلاف بين الكتلتين الشيعيتين حول الكتلة الأكبر، يقول نعيم العبودي، عضو البرلمان عن «الفتح» لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخلاف بين تحالفنا (البناء) والتحالف الآخر (الإصلاح والبناء) سوف يحسم عن طريق المحكمة الاتحادية»، مشيراً إلى أنه «ليس أمامنا سوى هذه الطريق لحسم هذا النزاع». في السياق نفسه، أكد صلاح الجبوري عضو البرلمان السابق لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجلسة الأولى للبرلمان جلبت معها كل الخلافات التي عانينا منها طوال الخمسة عشر عاماً الماضية على كل الصعد، حيث تستمر المفاوضات لأجل المفاوضات دون رؤية واضحة لكيفية بناء الدولة». وبشأن تقديم كتلتين بوصفهما الأكبر إلى رئيس السن، قال الجبوري إن «تحالف الإصلاح والبناء يستند إلى تفسير المحكمة الاتحادية لعام 2010 الذي لا يزال هو السائد، بينما الطرف الآخر يقول بالتواقيع، وهو ما يعني استمرار الخلافات، ما سينعكس بالضرورة على الأداء الحكومي المقبل الذي ما زلنا نتمنى أن يكون أفضل». إلى ذلك، لم يحسم الكرد موقفهم من الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً رغم تضارب الأنباء بشأن انضمامهم إلى هذه الكتلة أو تلك التي سجلت نفسها بوصفها الأكبر. وفيما حمل القيادي في الجماعة الإسلامية الكردية زانا سعيد مسؤولية التدهور في الوضع الكردي إلى الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني)، فإن سعدي أحمد بيرة، الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني، أعلن أمس عدم انضمام الحزبين إلى أي من تحالفي الكتلة الأكبر. وقال بيرة: «نحن والحزب الديمقراطي اتخذنا موقفاً محايداً، ولم ننضم إلى أي طرف لتشكيل الكتلة الأكبر». وكان نواب الحزبين الكرديين قد انسحبوا من جلسة البرلمان الأولى بعد أن رددوا القسم في محاولة منهم للإخلال بالنصاب. لكن سعيد يقول إن «الحزبين الرئيسيين هما سبب الانقسامات التي حصلت في المواقف الكردية لأنهم لم يؤمنوا بالمشاركة الوطنية ولا بسيادة القانون». ويضيف سعيد أن «كلا الحزبين يريد منصب رئيس الجمهورية، لكن كلاً منهما يرشح موظفين وليس قياديين لهذا المنصب السيادي الكبير، ما يعني أن رئيس الجمهورية وفق هذه الرؤية سيبقى يتلقى تعليماته من زعيم الحزب، بينما يفترض بالرئيس أن يكون قيادياً لكي يتمكن من ملء موقعه رئيساً لكل العراق».
مشاركة :