شكك الرئيس السابق للمركز العربي للحقوق، ولجنة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، د. هادي بن علي اليامي، في تقرير لجنة الخبراء (الصادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان) حول الأوضاع في اليمن. وتساءل "اليامي": من أين استمد فريق الخبراء السلطات التي تخوله تجاوز المرجعيات الأساسية للأزمة؟ ولمصلحة مَن تم خلط الأوراق بهذه الصورة الغامضة؟ واصفًا صيغة التقرير والطريقة التي كتبت بها بنوده وفقراته بـ"البائسة". وشدد "اليامي"، على أن "التقرير يفتقر للمهنية القانونية الواجب توفرها، وتجاهل المرجعيات الأساسية التي أقرتها الأمم المتحدة وفي مقدمتها، القرار رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه". وقال "اليامي"، إن "اللجنة تجاوزت حقيقة بديهية هي أن تشكيل التحالف العربي في اليمن ليس مرتبطًا بأي مطامع، بل تم تشكيله بطلب رسمي من الحكومة الشرعية التي يقودها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي؛ للحفاظ على اليمن واستقراره". وقال إن كان مَن أشرفوا على تلك الصياغة لا يدركون حقيقة التعبيرات والأوصاف القانونية التي استخدموها، كون كل كلمة تحمل -في الشأن الحقوقي والقانوني- دلالات معينة، وترمز إلى وضع بعينه، وتهدف إلى إيصال معنى محدد. وتابع: للأسف غابت كل هذه البديهيات في ذلك التقرير، الذي لا يرقى إلى كونه تقريرًا صادرًا عن خبراء دوليين، يفترض أنهم ذوو باع طويل في القانون الدولي ويتوجب عليهم التقيّد بالمعايير الدولية في إعداد مثل هذه التقارير. وأكد أن "الدهشة تغيب إذا علمنا أن غالبية أعضاء الفريق هم عبارة عن نشطاء في مجال حقوق الإنسان، وليسوا مختصين في القانون الدولي لحقوق الإنسان، لذلك جاءت الصيغة بتلك الصورة التي تفتقر إلى المصداقية وتبتعد عن المهنية المطلوب توفرها في مثل هذه الحالات". وأوضح "اليامي"، أن اللجنة تجاوزت صلاحياتها، ولم تلتزم بالهدف الذي أنشئت من أجله، مشيرًا إلى أن لجنة الخبراء التي تم تشكيلها في ظروف معينة تدركها جميع أطراف الأزمة، ليست معنية بإدانة أي من الأطراف، وليس من اختصاصاتها إنحاء اللائمة على أي جهة. وبين أن مهمتها الرئيسة تتركز في رصد الانتهاكات، وتوثيقها، وتحديد ماهيتها وتواريخ وأماكن وقوعها، بعيدًا عن أي تفاصيل أخرى، لكنها تجاوزت كل ذلك، ونصَّبت نفسها قاضيًا يصدر الأحكام القاطعة، ويحدد المسؤوليات الجنائية، والأطراف المسؤولة. وشدد على أن هذه الخطوة "لا تتسق مع طبيعتها وقدراتها ومؤهلات أعضائها، لذلك كان تقريرها مليئًا بالسلبيات والدوافع غير الموضوعية"، وبين أن من أكبر عيوب ذلك التقرير، الفوضى التي صاحبت تحديد صفات أطراف الأزمة". وقال: ما دام أن المجتمع الدولي برمته يقر بشرعية الرئيس هادي وحكومته، فمن البديهي أن الوصف الذي ينطبق على الطرف الآخر الذي ينازع تلك الحكومة الشرعية، هو أنهم انقلابيون، إلا أن التقرير وصف زعيم الانقلابيين بأنه "قائد للثورة". وعبر "اليامي" عن دهشته من أن التقرير أطلق على ميليشيات الحوثي صفة "قوات وسلطة أمر واقع"، بالمخالفة لما صدر عن لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن التي أصدرت قرارًا يتضمن تسمية عبدالملك الحوثي معرقلًا للعملية السياسية، ووضعته على قائمة المطلوبين والمجمدة أموالهم. وتساءل: كيف يأتي تقرير اللجنة التابعة للمفوضية السامية بوصف يخالف تمامًا القرار الذي أصدره مجلس الأمن؟، مؤكدًا أنه مما يثير الأسى والشفقة أن يصف التقرير قوات الجيش الوطني اليمني بأنه "ميليشيات موالية لهادي". واستغرب "اليامي" من أن التقرير أطلق على عملية تحرير الحديدة (التي يدعمها التحالف العربي الذي تأسس بطلب رسمي من الحكومة الشرعية وأيدته الأمم المتحدة ودعمته الدول الكبرى)، بأنها "عدوان"، ما يعنى أن التقرير "مجرد انطباعات مسبقة" لا تعبر عن الواقع. واستغرب "اليامي" عدم تطرق التقرير للانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات، واستغلالها للمدنيين والأطفال كدروع بشرية، واعتداءاتها بالصواريخ الباليستية الإيرانية على المدنيين، وعدم توجيه الإدانة الكافية للدور الإيراني السالب (تزويد المتمردين بأدوات الموت ووسائل الدمار). ولم يتطرق التقرير الأممي الذي أعدته لجنة الخبراء لا من قريب أو من بعيد (بحسب اليامي)، للصواريخ الباليستية التي تطلقها ميليشيات الانقلاب الحوثية المدعومة من إيران على أراضي السعودية بشكل عشوائي، مستهدفة الكثير من المواطنين في القرى والمدن. ولفت "اليامي" الانتباه إلى أن "التقرير أسرف في الانحياز الأعمى للميليشيات الانقلابية"، وأبدى أسفه لتراجع دور الأمم المتحدة في اليمن، والطريقة التي تتعاطى بها المنظمة الدولية مع تلك الأزمة التي تسهم للأسف في تأجيجها واستمرارها، عبر تشجيع الحوثيين على مواصلة الانتهاكات. وشدد على أن مهمة التحالف العربي ليست عسكرية فحسب، ويشهد على ذلك الدور الكبير الذي يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي تؤكد الأمم المتحدة أنه الداعم الأكبر لليمنيين في هذه الظروف الصعبة، والمورد الرئيس للمساعدات الإنسانية بمليارات الريالات.
مشاركة :