تونس - كلفت وزارة الدفاع التونسية فريقا من عسكرييها، الاثنين، بتأمين خدمات تقنية لسفينة تابعة لشركة ملاحة محلية حكومية، في رحلتها نحو إيطاليا، عقب إضراب طاقم السفينة من أجل مطالب اجتماعية. وتسمح القوانين التونسية بتكليف عسكريين لتأمين “حسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيوية بالنسبة للأمة”. وقال المتحدث باسم الوزارة، محمد زكري لوكالة الأناضول، إن “عسكريين تم تسخيرهم (تكليفهم)، فجر الاثنين، لتأمين خدمات تقنية وفنية لرحلة بحرية بين تونس وجنوة (شمالي إيطاليا)، لسفينة تابعة للشركة التونسية للملاحة (حكومية)”. وأضاف زكري أن “10 عسكريين فنيين وميكانيكيين تابعين لجيش البحر (التونسي) شاركوا في تأمين الرحلة تعويضا لـ6 أعوان (موظفين من شركة الملاحة) مضربين” عن العمل. وأشار إلى أن تكليف العسكريين كان “تلبية لقرار تسخير (تكليف) من وزير النقل (رضوان عيارة)”. بوعلي المباركي: الاتحاد يرفض إقحام الجيش في التجاذبات السياسية والخلافات الاجتماعية بوعلي المباركي: الاتحاد يرفض إقحام الجيش في التجاذبات السياسية والخلافات الاجتماعية وأوضحت وكالة الأنباء الرسمية أن “سفينة “قرطاج” التابعة للشركة التونسية للملاحة، تأخرت في رحلتها المتجهة من ميناء حلق الوادي (بالعاصمة تونس) إلى ميناء جنوة الإيطالي، ليلة الأحد/ الاثنين، لأكثر من 9 ساعات، بسبب إضراب طاقم السفينة من أجل مطالب اجتماعية” (زيادة في الأجور)، دون تفاصيل إضافية. فيما كتب النائب المعارض بالبرلمان التونسي، ياسين العياري، على صفحته عبر موقع “فيسبوك” يقول إن “حوالي 2500 مسافر كانوا عالقين في ميناء حلق الوادي جراء هذا الإضراب”. ونفى بوعلي مباركي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل ما راج بشأن تدخل الجيش الوطني لاستئناف العمل وتأمين خروج الباخرة. وقال مباركي لـ”العرب” إنه لا صحة لهذه الادعاءات وليس الجيش من قام بتأمين الرحلة بل أعوان الشركة الوطنية للملاحة”. وأعتبر أنها “محاولة للاصطياد في المياه العكرة لإقحام الجيش في التجاذبات السياسية والنقابية”، مشددا على أن “الاتحاد يرفض إقحام الجيش الوطني في التجاذبات السياسية والخلافات الاجتماعية”. وأوضح مباركي أن ” الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي تدخل لفك الاعتصام ودعا النقابات والأعوان إلى استئناف مهامهم”، مشيرا أن “الطبوبي يقوم باتصالات حثيثة لفض النزاع بباخرة قرطاج حتى لا يتعطل العمل فيها”. ويقول المتابعون إن تدخل الجيش لتأمين الباخرة ليس بمنأى عن التصعيد الأخير من رئيس حكومة يوسف الشاهد ضد الاتحاد الذي قرر إقالة وزير الطاقة خالد قدور الملاحق في قضايا فساد مالي وإداري المحسوب على اتحاد الشغل مما فاقم الأجواء المشحونة بين الحكومة والطرف النقابي. ووصف المتابعون إقالة وزير الطاقة بمحاولة الشاهد إخضاع الاتحاد الذي حاد عن دوره الاجتماعي كوسيط مفاوض بين الحكومة والنقابات، وأضحى ذا دور سياسي بارز حيث يتمسك بوجهة نظره في إدارة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة بالبلاد ويرفض رؤية الشاهد للنهوض بالاقتصاد عبر تنفيذ إملاءات المانحين الدوليين ويصر على تعديل شامل للحكومة. وقد كان قدور من الأسماء المرشحة لخلافة الشاهد وبإقالته يزيح رئيس الحكومة أحد أبرز منافسيه يعزز حضوره أكثر بالمشهد السياسي. ويشير متابعون إلى أن الاتحاد المعارض القوي للحكومة بتعنته قد يقوض جهود الاستقرار، وقد يخسر تأييد الجماهير المستاءة من واقع المشهد السياسي في البلاد فيما نجح الشاهد أن يحوّل مآخذ معارضيه إلى صالحه عبر مصارحة الرأي العام التونسي بالصراع الخفي بينه وبين نجل الرئيس والمدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي محملا إياه مسؤولية التوتر السياسي. ويؤكد مراقبون أن تدخل الجيش لتأمين الباخرة هو بمثابة ليّ ذراع بين الحكومة والاتحاد بعد إقالة وزير الطاقة، ففي الوقت الذي استنكر فيه الاتحاد هذا القرار متسائلا عن نواياه المبيتة، تحركت الحكومة للجم إضراب أعوان الباخرة وهي خطوة تخدم صورة الحكومة وتظهرها على أنها حريصة على حماية مصالح مواطنيها أساسا فيما تحرج الاتحاد المصرّ على دعم التحركات الاحتجاجية. وعبّر الطيب المدني النائب عن نداء تونس عن دعمه قرار تدخل الجيش لتأمين رحلة الباخرة. وقال لـ”لعرب”، “أؤيد إجراء الحكومة لكسر الإضراب باللجوء إلى وزارة الدفاع الوطني”، وأعتبر المدني أن “الإضرابات العشوائية تعطل المرافق العامة وتضر بالاقتصاد”. وتابع قوله “اللجوء إلى سد الشغورات في الباخرة في محله حين تمس مصلحة المواطن والاقتصاد.. وما قامت به وزارة الدفاع والحكومة يعتبر تدخلا مقبولا”. ويعتقد المراقبون أن قرار تدخل الجيش يستفز الاتحاد الموكل إليه مهمة الدفاع عن المحتجين، وأن الصراع بين الحكومة واتحاد الشغل وصل أوجه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ويرى المدني أن الصراع بات علنيا بين الشاهد واتحاد الشغل واشتد منذ إقالة وزير الطاقة خالد قدور. وأردف “الجميع يدافع على مصالحه ونفوذه”. واعتبر مراقبون أن إقالة وزير الطاقة بتهمة الفساد تأتي في سياق تصفية الحسابات مع التيار الذي يدعو إلى إقالة يوسف الشاهد وحكومته والمتمثل في شق من نداء تونس يقوده حافظ قائد السبسي والاتحاد العام التونسي للشغل. ويحسب وزير الطاقة على اتحاد الشغل، وهو نجل حسين قدور أحد أبرز القيادات النقابية في فترة السبعينات.
مشاركة :