في وقت تشهد الليرة التركية هبوطاً حاداً في قيمتها منذ بداية السنة الجارية، يواصل التضخم تحقيق ارتفاعات متتالية، إذ سجّل في آب (أغسطس) الماضي، ارتفاعاً على أساس سنوي ليصل إلى 17.9 في المئة، وهو أعلى مستوى في نحو 15 سنة. وضعفت العملة التركية فور صدور البيانات، وهي أعلى قراءة سنوية منذ أواخر 2003. وسجلت الليرة 6.6500 ليرة للدولار متراجعة أكثر من 1.5 في المئة عن الإغلاق السابق. ووفقاً لبيانات معهد الإحصاء التركي، قفزت الأسعار 2.3 في المئة مقارنة بالشهر السابق، وهي نسبة أعلى من التوقعات في استطلاع أجرته» رويترز»، والتي أشارت إلى تضخم نسبته 2.23 في المئة. وتراجعت الليرة نحو 40 في المئة منذ بداية السنة جراء مخاوف من سيطرة الرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية والخلاف الديبلوماسي مع الولايات المتحدة، ما أدى لارتفاع أسعار كل السلع من الغذاء إلى الوقود. وفي السياق، حاول وزير الخزانة والمال تطمين الأسواق، من خلال تأكيده أن البنك المركزي التركي مستقل وسيتبنى الإجراءات اللازمة لخفض التضخم. وتخوفت الأسواق منذ أشهر من إحجام المركزي التركي عن رفع أسعار الفائدة لخفض مستويات التضخم، في خطوة متوافقة مع ما يطالب به أردوغان الذي يعتبر أن مستويات الفائدة المنخفضة تساهم في خفض التضخم. وقال وزير المال التركي براءت ألبيرق لوكالة «رويترز» إن البنك المركزي التركي مستقل عن الحكومة، وسيتبني الإجراءات اللازمة، في معرض دفاعه عن المؤسسة التي لم ترفع سعر الفائدة الأساسي على مدار ثلاثة أشهر تقريباً. ويعقد البنك اجتماعه التالي لتحديد سعر الفائدة في الثالث عشر من الشهر الجاري بعدما أبقى على سعر الفائدة من دون تغيير في أواخر تموز (يوليو). ومنذ ذلك الحين تصدى لتراجع الليرة لمستويات قياسية منخفضة في آب من خلال تقليص السيولة. وأكد «المركزي» أمس، أنه سيتبنى الإجراءات اللازمة لدعم استقرار الأسعار، وسيضبط السياسة النقدية في اجتماعه الأسبوع المقبل. وأضاف ألبيرق في مقابلته أن البنك ذكر في آخر اجتماعاته أنه سيدرس السوق وينظر في أمر استقرار الأسعار «ولن يتوانى عن تبني الخطوات اللازمة» بالتنسيق مع الإجراءات المالية للحكومة. وتابع أنه منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في حزيران (يونيو) بسلطات أوسع، ثمة توافق وثيق بين السياسات المالية والنقدية، ما يقوي وضع البنك. وتابع «البنك المركزي في تركيا قد يكون أكثر استقلالية من بنوك في دول أخرى وسيستمر خلال هذه الفترة في أخذ خطوات لمواصلة هذا الاستقلال». ولفت إلى أن هبوط الليرة التركية لا يمثل تهديداً لبنوك البلد، وهو ما يتناقض بشدة مع تصريحات وكالات تصنيف كبرى في الآونة الأخيرة بشأن تأثير أزمة العملة على البنوك. كما صرح البيرق أنه لا يتوقع مشاكل أو أخطاراً بسبب مستويات الدين الكلية، والتي وصفها بأنها منخفضة نسبياً بالمعايير الدولية بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي. وقال البيرق في المقابلة: «عندما ننظر إلى الأمر من خلال موازنات البنوك وجميع قنوات الائتمان خلال الفترة، ليس هناك ما يهدد القطاع المصرفي في ما يخص (أسعار) الصرف والعملة»، مستبعداً المخاوف بشأن الدين بما في ذلك ديون القطاع الخاص. وفي السياق، أكدت وزارة التجارة التركية في بيان أن انقرة ستوقع اتفاقاً اقتصادياً وللشراكة التجارية مع قطر لتأمين إمدادات أرخص ثمناً من المنتجات النفطية المكررة والغاز الطبيعي. وأضافت الوزارة أن الاتفاق يهدف إلى تحرير شامل للتجارة في السلع والخدمات بين البلدين ويشمل قطاع الاتصالات والخدمات المالية. وفي خطوة مماثلة، أفادت أرقام نشرت في الجريدة الرسمية في تركيا، بأن مرفق الكهرباء سيرفع الأسعار 14 في المئة للاستخدام الصناعي، وتسعة في المئة للاستخدام المنزلي، اعتباراً من أول أيلول (سبتمبر). في سياق منفصل، أظهر مسح للشركات أن نشاط قطاع الصناعات التحويلية في تركيا انكمش في آب للشهر الخامس على التوالي، مع تباطؤ الإنتاج والطلبات الجديدة بفعل أزمة العملة. وقالت لجنة من غرفة الصناعة في إسطنبول و «آي أتش أس ماركت»، إن مؤشر مديري المشتريات بقطاع الصناعات التحويلية تراجع إلى 46.4 من 49.0 نقطة في الشهر السابق، ليظل دون مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش. وعزت اللجنة هذه القراءة إلى تباطؤ الإنتاج والطلبيات الجديدة. وأضافت أن هبوط الليرة التركية، لعب دوراً محورياً في الظروف الصعبة بقطاع الأعمال وساهم في زيادة الضغوط التضخمية، حيث ارتفعت تكاليف المدخلات والإنتاج لأقصى حد منذ بدء المسح في 2005.
مشاركة :