تخيم على المشهد السياسي العراقي، أجواء معركة «كسر عظم»، للفوز بتشكيل «الكتلة الأكبر» التي يحق لها تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، في ظل مناخ من الغموض وتباين التصريحات بين تحالف «الصدر ـ العبادي»، و تحالف «العامري ـ المالكي»، وبعد فشل الجلسة الأولى للبرلمان، امس الإثنين، في تحديد الكتلة النيابية الأكبر التي سوف تُكلف بتشكيل الحكومة المقبلة، ورفع الأمر إلى المحكمة الاتحادية العليا. والملاحظة اللافتة، بعد أداء اليمين الدستورية للنواب أمس، انسحاب أعضاء تحالف «نوري المالكي ـ هادي العامري» من الجلسة في شكل مفاجئ، وأفادت مصادر بأن ذلك جاء بعد فشلهم في تأكيد امتلاكهم الكتلة الأكبر. لكن ناطقاً باسم المالكي، أكد أن الانسحاب جاء لأجل الحوار مع بقية الكتل.!! وكانت الكتلة المؤلفة من قوائم «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، و«النصر» التي يترأسها حيدر العبادي ،و«ائتلاف الوطنية» التي يقودها إياد علاوي، و«تيار الحكمة الوطني» بقيادة عمار الحكيم، بالإضافة إلى نواب تركمان وإيزيديين وصابئة وأقليات مسيحية، قد أعلنت أنها تضمّ 187 نائباً من أصل 329 مقعداً، وبنسبة تتجاوز 56 % من أعضاء البرلمان.. وفي المقابل كشفت كتلة ثانية، تضم «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بقيادة هادي العامري الأمين العام لمنظمة بدر، أنها الأكبر وتضم 145 نائباً، وبنسبة تقترب من 44% من عدد النواب.. مما فجر جدلا واسعا و«صاخبا» داخل البرلمان، مع تباين الأرقام ودلالاتها !! ثم عاد تحالف «المالكي – العامري» ليعلن أنه يمثل «الكتلة الأكبر» بعد جمع 153 نائباً بتوقيع «حي ومباشر وليس عبر رئيس الكتلة».. ليدخل الطرفان الشيعيان ( تحالف الصدر ـ العبادي، وتحالف العامري ـ المالكي) في معركة كسر عظم لحشد أكبر عدد من النواب، وأعلن بعض النواب فجأة، أمس، الانتقال بين التحالفين، في إشارة إلى حجم الضغوط والتنافس بين الطرفين. وبينما يهرع الساسة في بغداد إلى المنطقة الخضراء للانخراط في مناورات اجتذاب النواب وتشكيل الكتلة الأكبر.. تتواصل التظاهرات والاعتصامات التي تجتاح البصرة ومعظم مدن الجنوب، وتطالب بخدمات أساسية مثل ماء الشرب النظيف والكهرباء والحد من التلوث وإنهاء النزاع بين الحكومة الاتحادية والإدارة المحلية بما يخدم مصالح المواطن.. وكان البرلمان العراقي، قد أخفق يوم أمس، في انتخاب رئيسا له، ما يعد خرقاً للدستور الذي يوجب انتخابه في أولى جلسات البرلمان، بسبب عدم اتفاق النواب السنّة على مرشح يمتلك الحظوظ الأفضل لشغر موقع الرئاسة. فيما احتدم الصراع بين القطبين الشيعيين «حيدر العبادي ـ مقتدى الصدر» من جانب و«نوري المالكي ـ هادي العامري» من جانب آخر، لتشكيل «الكتلة الأكبر» بعد الإعلان عن انتقال نواب بين الجبهتين.. وفي نفس الوقت يترقب الشارع السياسي قرار الحزبين الكرديين الرئيسيين اللذين يمتلكان معاً 43 مقعداً ولم يحسما بعد أمر الانضمام، فردياً أو جماعياً، إلى أي من الكتلتين ..بينما تؤكد الدوائر السياسية في بغداد، أن غالبية ساحقة من أبناء العراق، على يقين بأن إعادة تدوير هذه النخبة السياسية ذاتها، لن تسفر إلا عن إعادة إنتاج ظواهر مماثلة من الفساد والتقاسم الطائفي والارتهان الخارجي والعجز الحكومي !! وفي مشهد يشير إلى التدخلات الأمريكية والإيرانية، أجرى وفد الحزبين الكرديين الرئيسيين،«الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني»، محادثات في بغداد مع مبعوث الرئيس الأمريكي بريت ماكغورك، في وقت أفادت فيه تسريبات بأن الوفد التقى أيضا السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي، من دون أن يصدر عن الحزبين بياناً عن فحوى أو نتائج اللقاءين. ويؤكد قيادي كردي، أن عدم حسم الحزبين موقفهما من تحالفات تشكيل الحكومة، يرجع إلى استمرار الخلافات داخل «البيت الشيعي»، وعدم تلقيهما «مشروعاً واضحاً» لإدارة الدولة ومطالب الأكراد.. بينما يرى القيادي في الحزب «الديموقراطي»الكردي، شوان محمد طه،أن التحالفين الشيعيين، كلاهما أعلنا عن تشكيل الكتلة النيابية الأكبر، إلا أن أياً منهما غير قادر على تشكيل الحكومة، والحل الأمثل لتجاوز الأزمة الآنية هو تشكيل مشاركة وطنية ائتلافية موسعة تضم غالبية القوى، لكون مفهوم أو ثقافة المعارضة لم يترسخ بعد في بنية العقل السياسي العراقي، في ظل وجود الاصطفافات والتخندقات الطائفية.
مشاركة :