أجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اليوم (الثلثاء) تعديلاً حكومياً عين بموجبه اثنين من الوزراء بدلاً من وزيرين يحظيان بشعبية قدما استقالاتهما، كما سيتخذ قرار في شأن إصلاح ضريبي كبير في محاولة لاحتواء فترة من الاضطراب السياسي بدأت هذا الصيف. وقبيل إجازته الصيفية، انكشفت الفضيحة المتعلقة بحارسه الشخصي السابق ألكسندر بينالا وسط انتقادات حادة من المعارضة ما تزال مستمرة، بالاضافة الى تردده حيال إصلاح ضريبي كبير، ما أجبر ماكرون على إعادة تشكيل فريق حكومته بعد الاستقالة المدوية الأسبوع الماضي لوزير البيئة نيكولا أولو. وصباح الثلثاء بينما كانت التكهنات تنتشر على نطاق واسع حول التعديل، أعلنت وزيرة أخرى تتمتع بشعبية كبيرة هي لورا فليسيل، التي تشغل حقيبة الرياضة عن انسحابها من الحكومة. وخسر الرئيس الفرنسي وزيرين من المجتمع المدني، رمز الموجة السياسية الجديدة التي يتماشى معها ماكرون منذ وصوله إلى قمة هرم الدولة. وقرر تعيين السياسي المتمرس فرانسوا دو روجي، رئيس الجمعية الوطنية، مكان أولو. كما اختار السباحة السابقة روكسانا ماراسينينو لحمل حقيبة الرياضة. ودو روجي من الكوادر السابقة في حزب البيئة وإصلاحي تقرب أكثر من حركة ماكرون. وقال المدير العام لمؤسسة «غرينبيس فرانس» جان فرانسوا جوليار إن «مسيرة دي روجي شهدت بعض الخبرة في القضايا البيئية، لكن لدينا بعض الشكوك ازاء قدرته على التأثير في هذه الحكومة». واستقال أولو من الحكومة وسط خيبة أمل لشعوره بالعزلة للدفاع عن البيئة داخل الفريق الحكومي. وكتبت صحيفة «لا كروا» الكاثوليكية انه «في انطلاقته الانتخابية، كان (ماكرون) قادراً على ابداء الطموح في مجال لبيئة (...) لكن الأعمال التي تلت ذلك لم ترق إلى مستوى الرموز. ولم يفت الأوان لاصلاحها». من جهته، قال ستيفان روز من مكتب «كاب» الاستشاري إن «إيمانويل ماكرون اختار ان يضمن أمن الحكومة» مع هذا التراجع باتجاه سلطة تنفيذية ذات صبغة سياسية أكثر من السابق. وتتزامن هذه التحركات مع مرور الرئيس الفرنسي بفترة مضطربة أدت إلى التشويش على صورته الاستباقية والإصلاحية التي يظهرها منذ توليه منصبه العام 2017. وانخفضت نسبة الاراء الايجابية حياله إلى 31 في المئة، في أدنى مستوى منذ توليه الرئاسة، وفقاً لاستطلاع لمؤسسة «ايفوب» نشرت نتائجه الثلثاء. وأضاف روز أن «هناك نوع من الركود في الدينامية التي أطلقها ماكرون». بدوره، يقول جيروم فوركيه من «يفوب» إنه «منذ الصيف والحكومة تجد نفسها في موقف دفاعي (...) إنها تعاني. الأمر مشابه لركوب الدراجة، نسقط عندما نتوقف عن الدوس». وبالاضافة الى التعديل الحكومي، تغرق الحكومة الفرنسية منذ أيام في مسالة حساسة هي الاصلاح الضريبي وما ذا كانت ستقرر اقتطاع ضريبة الدخل من المصدر. واعتبارا من الأول من كانون الثاني (يناير) 2019، من المفترض أن تُقتطع الضريبة في شكل مباشر من دخل الفرنسيين لكن الشكوك ظهرت بعد سلسلة معلومات متناقضة تسلط الضوء على نقاط حساسة عدة، منها مخاوف من حصول خلل، وعدائية الشركات والنقابات، والخوف من إحداث صدمة لدى دافعي الضرائب الذين سيرون صافي رواتبهم ينخفض في شكل ملحوظ بسبب الضريبة. وفرنسا هي بين الدول الأوروبية النادرة التي لا تستخدم الاقتطاع الضريبي من المصدر لجمع ضريبة الدخل. وفي هذا الصدد، طلب ماكرون «توضيحات وتحديد التحسنيات المحتلمة» خلال اجتماع صباح اليوم في الاليزيه مع رئيس الوزراء إدوارد فيليب ووزير الحسابات العامة جيرالد دارمانين. ومن المتوقع اتخاذ قرار «في حلول مساء» اليوم.
مشاركة :