أعطني شعباً نسبة الأكاديميين فيه تفوق الـ 95 في المئة، لكن الفساد يضرب في عروق دولته، لأعطيك كارثة شعبية كاملة الدسم. في المقابل، أعطني شعباً نسبة الأكاديميين فيه أقل من 10 في المئة، والفساد لا يكاد يُرى بالعين المجردة، لتحصل على نهضة وتنمية وعمران لا تخطر على ذهن بشر… ولك في سنغافورة مثال يغني عن ألف مقال. خذ عندك أيضاً الإعلام العربي، ولا تنس تعيده إليّ ثانية… جل (لم أقل كل) جل من يعمل في الإعلام العربي من ذوي الشهادات الأكاديمية، وها هي حال الإعلام العربي تشفق عليها الحيوانات الضالة والشياطين المضلة. وخذ أيضاً الأذرع الاقتصادية لكل دولة عربية، ستجد أنها تعج بالأكاديميين عجاً مبيناً، لكنك ستجد أيضاً، ويا لمحاسن الصدف، أنها تعج بالفساد والنهب والسرقات والرشى عجاً عجيجاً. القصة كلها، سيداتي سادتي، مرتبطة بالسيستم العام لكل دولة. سيبك من التفاصيل. التعليم يتأثر بالسيستم العام، الاقتصاد يتأثر بالسيستم العام، القانون ذاته يتأثر بالسيستم العام، أنا وأنت والعريس والعروس نتأثر بالسيستم العام... ولو بذل أكاديمي سنين عمره كلها في سبيل نشر بحث علمي عميق، فلن يجد من يرد السلام عليه، في حين سيحصل سلتوح خاو عقله من الماء والكلأ على كنوز الدنيا، عبر مدح مسؤول أو شتم أمهات خصومه. لذلك، لا تضيعوا أوقاتنا في الأحاديث عن التفاصيل، بل حدثونا عن مواضيع على وزن الديمقراطية والمشاركة الشعبية والأحزاب والبرامج العامة، والسلام عليكم ورحمة الله.