بعد الارتداد القوي خلال الأسبوع قبل الماضي واصل سوق الأسهم السعودية مسيرته الصاعدة للأسبوع الثاني على التوالي، حيث حقق مكاسب خلال الأسبوع المنصرم بنحو 429 نقطة أي بنسبة 5.1% وهذا الارتداد جعل الثقة تعود بشكل تدريجي للمتداولين بعد الخسائر الفادحة التي لحقت بمحافظهم الاستثمارية جرّاء سلسلة الخسائر السابقة والتي استمرت أكثر من شهرين. أما من حيث السيولة فقد حقق السوق سيولة أسبوعية متداولة بنحو 50.9 مليار ريال أي أكثر بحوالي 9.6 مليار ريال مقارنةً بالأسبوع الذي قبله، وهذه الزيادة هي علامة إيجابية ودليل على قوة الارتداد الحاصل وأن دعم 7،225 نقطة الذي ارتد منه السوق هو مستوى دعم قوي جداً من الصعب كسره إلا إذا كان هناك سيولة أكبر من السابقة وتتزامن مع مسار هابط. لكن من خلال استقرائي لما حصل فإنه من المبكّر القول إن السوق أصبح معافى وأن الأمور بدأت بأخذ المنحنى الإيجابي وذلك لثلاثة أسباب، أولاً أن الهبوط القوي السابق والصعود القوي بعد ذلك يعكس حالة من عدم الاستقرار وهذا يعني أن الجزم بالإيجابية أو بالسلبية حالياً لن يكون واقعيا. ثانياً، أن المؤثر النفسي والقوي والذي أثّر على السوق خلال المرحلة الماضية هو النفط لم يستقر حتى الآن ولم يتأكد بشكل قاطع أن أسعاره وصلت لمستوى لن تهبط بعده وهذا بلا شك سيجعل المتداولين في حالة ترقب دائم. ثالثاً، إن الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمتداولين جعلتهم في حالة نفسية تشاؤمية وعادةً في مثل هذه الظروف فإنه من الصعب أن يكوّن السوق قاعدة سعريّة تدفعه للصعود مرةً أخرى بسبب أن أي تراجع للأسعار حتى لو كان طفيفاً سيجعل عمليات البيع ترتفع بوتيرة أكبر. أهم الأحداث العالمية ما زالت أسعار خام برنت محافظةً على دعم 58 دولارا والذي حققه خلال الأسبوع قبل الماضي وهذا ما يجعل سقف الآمال يرتفع من جديد باستقرار الأسعار وعودتها إلى حالتها الطبيعية بعد ستة أشهر من الهبوط المتواصل والذي هزّ معه أكبر اقتصاديات العالم، لكن من خلال رؤيتي للحركة السعرية الحالية أجد أن ثبات الخام فوق 58 دولارا لا يكفي وأن ما يحدث من استقرار هو بسبب عطل أعياد الميلاد وهذه الفترة من كل عام تشهد نوعاً من الركود في الحركة في أسواق العالم، وما يثير قلقي هو أن ارتداد الخام بهذا الشكل لا ينبئ عن انتهاء مساره الهابط الرئيسي بدليل أن أول مقاومة عند 68 دولارا لم يصل إليها حتى الآن، بالرغم من وصوله للدعم منذ حوالي أسبوعين تقريباً فبقاؤه هذه الفترة دون ارتداد واضح يجعل من دعم 58 دولارا في نظري هو محطة فقط في طريق المسار الهابط والذي سيتجه نحو 48 دولارا. أما خام وست تكساس فلم يصل حتى الآن لمستوى دعم يعوّل عليه لأن أقرب دعم له عند 52 دولارا لم يصل إليه حتى الآن، وهذا يدل حسب تحليلي أن الخام لا يزال لديه المزيد من التراجعات خلال هذا الأسبوع وهذا الأمر جعل إدارة الطاقة الأمريكية تظهر بيانات تقول فيها إن استمرار ارتفاع مخزونات النفط في الولايات المتحدة الأمريكية ستدفع الأسعار لمزيد من التراجع، مما سيضر بلا شك بصناعة النفط الصخري والتي فقد بالفعل حوالي 400 مليار دولار. من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب بدأت تعطي إشارات إيجابية بالصعود خلال الأشهر القليلة القادمة بعد المحافظة على دعم 1،130 دولارا للأوقية، لكن يتبقى أن تتجاوز الأسعار مقاومة 1،210 دولارات لتأكيد النظرة الإيجابية لتداولات المعدن الثمين، وقد يعزز ذلك السيناريو الإشارات السلبية التي بدأت تظهر على تحركات الدولار الأمريكي بعد سلسلة طويلة من المكاسب خلال الأشهر الماضية والتي أضرت كثيراً بأسواق السلع خاصةً النفط والذهب. أهم الأحداث المحلية أوصى مجلس إدارة مصرف الإنماء للمرة الأولى منذ إنشائه بتوزيع أرباح نقدية على مساهميه عن العام 2014م، بواقع 0.50 هللة عن السهم الواحد وستكون أحقية التوزيع للمساهمين المسجلين بسجلات تداول في وقت انعقاد الجمعية المزمع انعقادها في شهر مارس المقبل. كما أوصى مجلس إدارة البنك العربي الوطني للجمعية العامة باعتماد توزيع أرباح نقدية على مساهميه عن النصف الثاني من العام 2014م بواقع 0.55 هللة عن السهم الواحد، وستكون أحقية الارباح للمساهمين المسجلين لدى تداول بنهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة للبنك المزمع عقدها خلال الربع الأول من عام 2015م. أيضاً أوصى مجلس إدارة شركة زجاج بتوزيع أرباح نقدية عن العام المالي 2014م بواقع 1.7 ريال للسهم الواحد، على أن تكون أحقية الأرباح لمساهمي الشركة المسجلين لدى تداول بنهاية يوم انعقاد الجمعية العامة العادية والتي سيعلن عنها لاحقا. التحليل الفني بالنظر إلى الرسم البياني لسوق الأسهم السعودية أجد أن اختراقه للعديد من المقاومات كان أمراً إيجابياً وقد انعكس ذلك بشكل واضح على المكاسب السوقية التي حققتها معظم الشركات والتي بلغت في بعضها حوالي 15% خلال الأسبوع الماضي فقط، لكن لا بد من التنويه بأن السوق بدأ يأخذ منحنى أفقيا بعد وصوله لمقاومة 8،720 نقطة والتي تُعتبر أول اختبار حقيقي للسوق بعد الارتداد، فنجاحه في الثبات فوق ذلك المستوى يعني التوجه للمقاومة الثانية عند 9،200 نقطة، وعندها لا بد من ارتفاع السيولة أكثر أو على الأقل البقاء في مستوى السيولة الحالي. أما عند الفشل في المحافظة على منطقة 8،720 نقطة فتلك إشارة على بدء التصحيح والذي قد يقود السوق لمستوى 8،200 نقطة، والتي تمثّل الدعم الأول للسوق عند وقوع السيناريو التصحيحي ويعزز من تلك الفرضيّة انخفاض السيولة عن المستويات الحالية مع استمرار الصعود البطيء. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف قد بدأت عليه علامات الضعف بعد اقترابه من مستوى المقاومة المهم جداً خلال الفترة الراهنة وهو 20،000 نقطة، والذي باختراقه والثبات أعلى منه يؤكد قوة المسار الصاعد الحالي، وأن القطاع سيدفع بالسوق لمواصلة ارتفاعاته، لكن تراجع سيولة القطاع نهاية الأسبوع الماضي يدل على أن تلك الفرضية ربما لن تقع إلا إذا عادت السيولة للارتفاع، أما العودة دون مستوى 18،650 نقطة فيعني أن الموجة الصاعدة قد انتهت وأن القطاع بصدد التصحيح. في المقابل أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد دخل خلال الأسبوع الماضي موجة تصحيحية لكنها كانت أفقية لذلك لم يكن هناك تراجع كبير على أسهم هذا القطاع، وهذا التصحيح الأفقي في نظري يهدف إلى تأسيس قواعد سعرية جديدة تسمح له بمواصلة الصعود حتى مقاومة 6،570 نقطة والتي أراها هي المقاومة الأولى للقطاع بعد موجة الارتداد السابقة، وهذه الفرضيّة من شأنها أن تعزز عمليات الصعود على المؤشر العام وأن تجعل السوق يحافظ على مكاسبه التي حققها خلال الأسبوعين الماضيين، لكن لا بد من التنبيه على أن ذلك السيناريو قد يفشل إذا ما تم كسر دعم 5،950 نقطة لأنه بمثابة صمام الأمان للقطاع هذه الأيام. أما من حيث القطاعات المتوقع أن يكون أداؤها إيجابياً لهذا الأسبوع فهي قطاعات التجزئة والطاقة والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والاعلام والفنادق. من جهة أخرى أجد أن القطاعات ذات الأداء السلبي المتوقع فهي قطاعات الاسمنت والرزاعة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد.
مشاركة :