قال مراقبون في الجزائر، إن «ملامح الولاية الخامسة» للرئيس عبد العزيز بوتفليقة باتت تزداد وضوحاً، وبخاصة بعد انضمام تكتل أرباب العمل القوي مالياً وسياسياً إلى فريق الأحزاب والاتحادات المهنية، الذي يناشد الرئيس منذ شهور تمديد حكمه، تحت شعار كبير أطلق عليه «الاستمرار للحفاظ على الاستقرار».ودعا «منتدى رؤساء المؤسسات»، أول من أمس، إثر اجتماع «مجلسه التنفيذي» في العاصمة، الرئيس بوتفليقة إلى «استكمال إنجازاته بالترشح لانتخابات الرئاسة 2019». وتحدث بيان لـ«المنتدى» عن «الحس الوطني الظاهر على الرئيس، وتضحياته من أجل الجزائر».وكان بوتفليقة قد برر في «رسالة للجزائريين» ترشحه للانتخابات، التي جرت عام 2014، بأنها «تضحية منه»، على أساس أن الجزائريين طلبوا منه ذلك بإلحاح، رغم إدراكهم أنه مريض. ويرجح متتبعون بأن السيناريو نفسه سيتكرر بعد أشهر قليلة.وتعهد «المنتدى» بـ«العمل بكل ما في وسعه للمساهمة في توفير شروط نجاح رهان التنمية والتقدم والرفاهية، ضامناً أساسياً للسلم والأمن». وأضاف موضحاً «نعلن انخراطنا الكامل في خريطة الطريق، التي رسمها فخامة الرئيس، والتي تتمثل في حشد كل الطاقات المادية والبشرية لتحقيق الوثبة الاقتصادية، ومواجهة الأزمة المالية».كما أعلن تكتل أرباب العمل انضمامه إلى ما يسمى «الجبهة الشعبية الصلبة»، التي دعا إليها بوتفليقة في خطاب نشرته وكالة الأنباء الرسمية في 20 من أغسطس (آب) الماضي. وقال الرئيس، إنها «ضرورية للتصدي لآفتي الفساد والمخدرات».من جهتها، أطلقت «جبهة التحرير الوطني»، حزب الأغلبية الذي يرأسه بوتفليقة، الأسبوع الماضي، «جبهة التصدي»، وضمت إليها «التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحي، وعدداً كبيراً من الأحزاب الصغيرة الموالية للرئيس، بالإضافة إلى النقابة المركزية التي تدعم سياسات الحكومة. كما أعلنت «المنظمات الجماهيرية» الموروثة عن النظام الاشتراكي في سبعينات القرن الماضي، انضمامها إلى المسعى، مثل «منظمة أبناء الشهداء»، و«منظمة أبناء المجاهدين»، و«اتحاد النساء الجزائريات». لكن اللافت هو أن لا أحد من قيادات الأحزاب والتنظيمات المذكورة شرح الفكرة، ولا كيف ستترجم عملياً في الميدان.ويرأس «المنتدى» رجل الأعمال المعروف علي حداد، الذي بدأ مقاولاً صغيراً قبل بضع سنوات، ثم أصبح حالياً من أكبر أثرياء البلد. واشتهر بتمويله كل الحملات الانتخابية للرئيس بوتفليقة، وهو أحد المقربين من سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه.ونقل رجل أعمال عضو بـ«المنتدى» عن حداد قوله «اليوم لدينا نحو 30 مستثمراً ومقاولاً في البرلمان الجديد (منبثق عن انتخابات 4 مايو/ أيار 2017)؛ ما يعني أننا أصبحنا قوة لا يستهان بها، وينبغي أن تكون لنا كلمة في اختيار رئيس البلاد قبل انتخابات الرئاسة المنتظرة في 2019».ودليلاً على قوة ونفوذ حداد، والمئات من رجال الأعمال الذين يمثلهم، فإن بوتفليقة قام بعزل رئيس الوزراء عبد المجيد تبون في أغسطس 2017، بعد شهرين فقط من توليه المنصب، وذلك بمجرد أن أعلن للصحافة أنه يعتزم «الفصل بين المال والسياسة». وكانت إشارة منه بأنه يرفض تدخل حداد و«المنتدى» في شؤون الحكم. وأطلق حداد مطلع العام مساعي لشراء شركات حكومية عاجزة، غير أنه فشل بسبب تصدي «جبهة التحرير» وأمينها العام جمال ولد عباس للخطوة.وقال المحامي والناشط السياسي عبد الغني بادي لـ«الشرق الأوسط»، معلقاً على موقف رجال الأعمال من الجدل حول «الولاية الخامسة»، «أعتقد أن حداد أعلن مناشدته متأخراً، مقارنة بأحزاب المولاة، وتنظيمات طلبة الجامعة والجمعيات النسائية، وربما تأخر لحسابات سياسية معيَنة، أو أنه كان بانتظار إشارة من السلطة ليعلن دعمه الولاية الخامسة، لكنه تأخر برأيي قياساً إلى المحسوبين على خندق الموالاة».من جهته، قال الناشط سمير بن العربي «الكل يعرف أن الرئيس فتح الباب واسعاً لرجال المال، لدرجة أنهم أضحوا من بين الفواعل المهمة في صناعة القرار، بل إنهم تغولوا؛ لأنهم ببساطة وجدوا المناخ المناسب للعب الأدوار الأساسية في الحياة الاقتصادية والسياسية، وحتى القطاع الاقتصادي العام تراجع لفائدة القطاع الخاص، الذي يحاول السيطرة على الشركات الاستراتيجية عن طريق شرائها بالدينار الرمزي، كما أنهم وجدوا منظومة بنكية، وجهاز ضرائب ومنظومة تشريعية قانونية تحت تصرفهم؛ ما ساعدهم على التحكم في الاقتصاد الجزائري».
مشاركة :