ماكرون أمام انهيار شعبيته هل يصغي إلى نصيحة بـ «التواضع»؟

  • 9/8/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أدرك أن نجاح خطته لتغيير فرنسا يستدعي أيضاً تغيير أسلوب ممارسته السلطة، والتقرّب من الفرنسيين، وتخفيف الفوقية التي دمغت أداءه على امتداد العام الماضي. ماكرون كان قال عن نفسه خلال حملته الانتخابية أنه «سيّد الزمن» وهو تصرّف كذلك، إذ تحوّل عند توليه الرئاسة إلى المحور الرئيس لأي قرار أو خطة، والمصدر الوحيد المدرك لمصلحة فرنسا ومواطنيها. ولعلّ ما غذى هذا النهج لديه هو غياب الشخصيات المجرّبة في طاقمه، مع استثناءات نادرة كونه اعتبرها جزءاً من العالم القديم الذي يريد إنقاذ فرنسا منه. وفي غياب الوجوه النافذة نظراً إلى حداثة الوزراء والنواب الموالين للرئيس في المجال السياسي، احتل ماكرون موقع المرجع الأول والوحيد في كل شاردة وواردة من قضايا البلاد. هذا التفرّد والإطلالات الإعلامية المتعددة والخطابات الفضفاضة لم تساعد في جعل الرئيس الفرنسي قريباً مواطنيه، بل العكس إذ ولّد انطباعاً متزايداً بأنه عنيد وأصمّ وسط المقربين منه وحيال الفرنسيين وهمومهم. لكن الكلام الذي صدر عنه خلال مؤتمر صحافي عقده في ستراسبورغ أعطى الانطباع بأن ماكرون بصدد وقفة ومراجعة لنهجه، إذ أكد عزمه على البقاء «مصغياً للفرنسيين» وأن «المرء يكسب دائماً من الإصغاء والحذر». تلى هذا الموقف إنذار بالغ القسوة تلقاه ماكرون من الفرنسيين عبر استطلاع أشار إلى تدني شعبيته إلى مستوى قياسي بلغ 23 في المئة، وأظهر مدى عزلته وعمق الاستياء الشعبي من نهجه. كما تلقى ماكرون ملاحظة من وزير الداخلية جيرار كولومب المقرّب جداً منه، وكان من الأوائل الذين أبدوا ثقتهم به وأيّدوا سعيه إلى الرئاسة. واعتبر أن التدني في شعبية ماكرون وحكومته مرده إلى الأسلوب الذي يتطلّب «مقداراً من التواضع» ومزيداً من «الإصغاء للفرنسيين عند صوغ القرارات والإصلاحات». وواضح أن أقوال كولومب وجدت صدى لدى ماكرون، علماً أنه لا يحبّذ النقد وعوّد الفرنسيين على الردّ على مآخذ بالتعنّت والتبرير. لكن الرئيس أيقن هذه المرة مدى جدية الوضع وأدرك أن عدم إبدائه بعض المرونة قد يعرّض حركته وإصلاحاته للجمود. وهذا ما بدا عند قوله في لوكسمبورغ إن «احترام المواطنين ومخاوفهم المشروعة ينبغي ألا يعرقل» المهمة الموكلة إليه والتي «تقضي بتغيير فرنسا في العمق».

مشاركة :