تحديات متباينة أمام منتجي النفط لمواجهة تغيرات خريطة الطاقة العالمية

  • 12/29/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قال مختصون نفطيون لـ"الاقتصادية"، "إن العام الجديد سيشهد على الأقل في نصفه الأول استمرار الأسعار المنخفضة للنفط الخام، ما سيضيف تحديات أعباء اقتصادية كبيرة إلى بعض الدول المنتجة، إلا أن بعض هذه الدول وعلى رأسها السعودية قادرة على تجاوز انخفاض الخام بسبب قوة اقتصادها وتمتعها بالفوائض والاحتياطات المالية الكبيرة". وقال المهندس مضر الخوجة الأمين العام للغرفة العربية النمساوية لـ "الاقتصادية"، "إن الاقتصاد السعودي قوي ويستطيع استيعاب الأزمة والتعامل معها"، مشيرا إلى أن حجم عجز الموازنة العامة في السعودية يعتبر في الحدود الآمنة، وتستطيع السعودية سداده بسهولة ودون أعباء على الاقتصاد الوطني ومعدلات النمو. وأوضح أن الاقتصاد السعودي يتمتع بتوافر بدائل عديدة ومميزة لتجاوز الظروف الراهنة وهو ما جعله موضع ثقة وجدارة ائتمانية واسعة في المصارف الدولية، مضيفاً أن "الرياض تستطيع بسهولة الاقتراض من الخارج بدلاً من السحب من الاحتياطي في ظل جدارتها الائتمانية الكبيرة وثقة المؤسسات الدولية باقتصادها". وأكد الخوجة أن المؤسسات المانحة تفرض قيودا واسعة في المعاملات المالية من قروض ومنح توجه إلى الدول ذات الاقتصاد المتدهور وهو أمر لا ينطبق على السعودية ودول الخليج التي تتمتع اقتصاداتها بوفورات وبالثقة الدولية المتنامية. وأشار إلى أن ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد السعودي ليست من فراغ، وإنما هي مبنية على عوامل عدة منها تمتع السعودية بخطة تنموية جيدة ومتوازنة إلى جانب امتلاكها الأصول والاستثمارات الخارجية التي تتجاوز تريليون دولار بجانب الاحتياطيات الموجودة لديها التي تمكنها من سهولة مواجهة الأزمات الاقتصادية الدولية. وقال الخوجة "إن الانخفاض الحاد لأسعار النفط بنسبة تصل إلى نحو 50 في المائة استفادت منه بشكل أساسي الدول المستهلكة وخاصة الاتحاد الأوروبي ويمثل تحديا كبيرا للدول المنتجة ويجب أن تسارع الدول المنتجة لمواجهة التغير في خريطة الطاقة العالمية". من جانبه، ذكر الدكتور كريستوف لايتل رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية لـ "الاقتصادية" أن هناك محاولات قوية ومستمرة منذ سنوات في الدول الصناعية الكبرى للتوسع في الاعتماد على الطاقة البديلة، وأيضا الحصول على الطاقة التقليدية بأسعار زهيدة وهو ما نجحت الولايات المتحدة في تحقيقه أخيرا عن طريق ضخ النفط الصخري الجديد الذى أسهم في تخمة المعروض وانهيار الأسعار، إلا أنه من المتوقع ألا يستمر في النجاح. وأضاف لايتل أنه "لا يمكن إنكار البعد السياسي في أزمة تراجع أسعار النفط الخام الحادة"، مشيرا إلى أن دولا أضيرت بشكل واسع وفي مقدمتها روسيا وإيران اللتان تعتمدان على تصدير الخام بنسبة كبيرة من الناتج المحلى الإجمالي"، متوقعاً استمرار تراجع الأسعار في المستقبل القريب حتى يتعافى الطلب وينمو، وأن يخرج من المنافسة المنتجون غير الاقوياء الذين يعانون ارتفاعا شديدا في تكلفة الإنتاج، ما يصعب معه الاستمرار في الإنتاج في ضوء الظروف السعرية الراهنة. وأشارت ين بيتش المحللة الفيتنامية لـ "الاقتصادية"، إلى أن الانخفاض الحاد لأسعار النفط الخام خلال ستة أشهر وضع عديدا من الدول المنتجة في اختبارات سياسية واجتماعية حادة لأن الوفرة الاقتصادية في بعض الدول تكون عاملا مهما في ترضية رجل الشارع تجاه سياسات الحكومة، موضحة أن الأزمة في روسيا على سبيل المثال كبيرة وأعادت للأذهان أزمة تراجع أسعار الخام بشكل حاد في أواخر الثمانينيات التي كانت سببا رئيسيا في انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. وأشارت المحللة الفيتنامية إلى أهمية أن تستعيد الدول النفطية التي تعتمد بشكل أساسي على عائدات النفط الخام توازنها بشكل سريع خاصة روسيا التي وضح عليها تداعيات التأثير الكبير للعقوبات الدولية وهبوط أسعار النفط حيث انخفض بشكل حاد سعر صرف الروبل أمام الدولار الأمريكي وبقية العملات الرئيسية كما تنامت ظاهرة هروب أصحاب رؤوس الأموال إلى الخارج وتراجعت الثقة باقتصاد البلاد. وأوضحت أن إفلاس دول كبرى ليس من مصلحة الاقتصاد الدولي بشكل عام وتداعيات هذا الأمر ستمتد إلى دول أخرى، لافتة إلى أن اقتصاد اليوم قائم على التكامل والتعاون وليس نظام الجزر المنعزلة ومن هنا تتضح أهمية أن تقف المؤسسات الدولية المالية إلى جانب الاقتصاديات التي تواجه صعوبات حتى تتعافى من تأثير الأزمة الاقتصادية الراهنة. وشددت بيتش على أهمية التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في كل الدول سواء التي تعاني أزمات اقتصادية حادة أو صراعات سياسية واضطرابات اجتماعية، وضرورة مساعدة ليبيا على مواجهة العجز في الميزانية بسبب انخفاض الإنتاج النفطي للبلاد نتيجة الصراع السياسي والهجمات على الموانئ النفطية. وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أعلنت أمس أن حريقا نجم عن صاروخ أطلق خلال قتال في ميناء السدر دمر 800 ألف برميل من النفط الخام. وقالت المؤسسة "إن إنتاج البلد العضو في منظمة أوبك يبلغ 385 ألف برميل يوميا وإن صادرات الغاز الطبيعي من مشروع مليتة المشترك تراجعت إلى 60 في المائة من الطاقة الإجمالية للمشروع. والمؤسسة شريك في المشروع مع إيني الايطالية". وبحسب بيتش فإنه لا بديل عن الإسراع في اتخاذ إجراءات تقشفية ومحاربة الفساد في الدول التي تعتمد بشكل أكبر على إنتاج النفط الخام إلى جانب تنويع الموارد الاقتصادية. وكانت أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي قد واصلت عملية الانخفاض التدريجي حيث تراجعت أسعار خام برنت العالمية دون مستوى 60 دولارا للبرميل، بختام التعاملات التجارية العالمية نهاية الأسبوع، لتسجل 59.5 دولار مقارنة بنحو 60.2 دولار خلال الخميس الماضي، منخفضة بواقع 70 سنتا. وأدى تراكم المخزون الأمريكي من الزيت الخام إلى التراجع الحالي في أسعار خام برنت العالمية، حيث أظهرت بيانات لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع مخزونات الخام 7.3 مليون برميل في الأسبوع الماضي. وأسهمت وفرة المعروض من الولايات المتحدة وباقي كبار منتجي الخام في العالم وضعف نمو الاقتصاد العالمي، في هبوط سعر النفط بنسبة 46 في المائة منذ حزيران (يونيو) الماضي، بعدما كان سعره يصل إلى 115 دولارا.

مشاركة :