حتى السماء لم تسلم من العبث

  • 9/9/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

توصل فريق من الباحثين في جامعة كونراد بأمستردام بهولندا بقيادة البروفيسور كريستوفل هيسينبروك، إلى ان السماء بدأت تفقد زرقتها، ما يعني ان الأجيال المقبلة ستتطلع إلى السماء لترى فقط لونا رماديا، سرعان ما يتحول بمرور الزمن إلى اللون الأصفر، وكل ذلك ببركات ظاهرة الاحتباس الحراري وانحسار طبقة الأوزون، وغني عن القول ان ذلك سيتسبب في أزمة عاطفية وشعرية، لأن زرقة السماء ظلت تلهم العشاق كلاما حلوا يضحكون به على عقول بعضهم بعضا، بينما بنى معظم شعراء الوصف والغزل أمجادهم الشعرية بالحديث المعسول عن زرقة السماء، ولا احسب ان عاشقا عاقلا سيجد في نفسه الشجاعة ليقول للمحبوبة: عيناك تعكسان رمادية السماء. أو (بعد ان يصبح لون السماء اصفر): أسنانك تذكرني بصفرة السماء، وبالنسبة إليّ شخصيا، فإن لون السماء الاصفر سيذكرني بلون شعر نادية الجندي وشنب فاروق الفيشاوي وكلاهما يسبب لي مرض الصفار الذي هو اليرقان بمجرد إطلالتهما على الشاشة. ستصبح السماء رمادية ثم صفراء بسبب تكاثر ملوثات البيئة على هيئة حبيبات دقيقة في الغلاف الجوي للأرض، واذا كان الرئيس الأمريكي الأسبق بلبل كلينتون قد لوث البيئة بأحماضه النووية والسيجار الكوبي، فقد بارك خلفه بشبوش البشوش قيام الصناعات الأمريكية بضخ الغازات السامة والنفايات في كل الاتجاهات برفضه اتفاق كيوتو (الخاص) بخفض انبعاثات تلك الغازات، أما الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب فقد قالها صريحة داهية تأخذ البيئة وسنين البيئة وكي لا تتهمه الدول الأخرى بأنه يهدد بيئاتها فقد صرح للشركات الأمريكية بالتنقيب عن الغاز والنفط برا وبحرا وجوا أينما وجد في الأراضي الأمريكية، من دون التفات الى احتجاجات من أسماهم الرومانسيين الحالمين «الذين يدافعون عن البيئة أكثر من دفاعهم عن مصالح بلادهم». ولكن تكمن مصيبتنا في أننا ملوثون كبشر، فنحن نعاني من لوثات عقلية بسبب التناقض بين ما تراه أعيننا وما تسمعه آذاننا، فنحن نرى منذ اكثر من نصف قرن كيف ان أمريكا توصل ثقب اوزوننا الاجتماعي والثقافي والسياسي، ولكننا نسمع من ولاة الأمر ما يفيد بان الخير معقود بناصية أمريكا، وان علينا ان نسلمها القياد، يحدث ذلك رغم اننا لا نستطيع ان ننسى لحظة واحدة ان أمريكا هي التي جعلت من إسرائيل ورما بواسيريا يشل حركة العرب، وأنها من زرعت الطراطير الذين غطسوا العراق في المجارير(قبل أيام ناشد ترامب الرئيس السوري بشار الأسد عدم قصف منطقة ادلب بطريقة عنيفة- يعني لا مانع من قصفها بطريقة «خفيفة» - يعني بلاش من استخدام الطائرات، ولكن لو صار القصف بالدبابات نو بروبليم). ومن فرط أننا ملوثون، فإننا بتنا عاجزين عن تمييز النظيف من الوسخ والطيب من الخبيث فنعلي شأن التفاهة والتافهين، ونمسح الأرض بمن يستحقون التكريم والتقدير: استوقف أي شاب في الشارع وأسأله عن بنت العجارمة و(بنتنا) سلمى الحايك ومادونا ولوسي وملكة جمال جزر فيجي وستكتشف انه موسوعي المعرفة في هذا الميدان، ثم اسأله عن مفكرين من شاكلة عابد الجابري ومحمد اركون وجعفر عباس الذي لا يبوس ولا ينباس، وسيرتد صاحبك إلى الامية، اسأله عن عمرو دياب وسيرد عليك شعرا ونثرا مسجوعا ثم أساله عن امل دنقل وسيرد عليك: هل امل هذه ممثلة من جيل زينات صدقي وماري منيب؟ وعن الشيخ محمد عبده وسيصيح مستنكرا: منذ متى صرتم تجعلون المطربين شيوخا؟ عزاؤنا هو ان أمل دنقل لن يحزن أكثر في قبره، فقد مات من فرط الحزن بعد ان ترك لنا وصيته الشهيرة: لا تصالح على الدم حتى بدم/ لا تصالح ولو قيل رأس برأس/ أكلُّ الرؤوس سواء؟ أقلب الغريب كقلب أخيك؟/ لا تصالح ولو قيل ما قيل من كلمات السلام.. كيف تستنشق الرئتان الكلام المدنس؟ كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف انك لا تستطيع حمايتها؟.. كيف تحلم أو تتغنى بمستقبل لغلام/ وهو يكبر بين يديك بقلب منكس؟

مشاركة :