بدا إيهاب علام الذي يشارك والده عاصم في ملكية نادي «هال سيتي» الإنجليزي حريصاً على بيع النادي في خضم مناخ سلبي عام مسيطر على «استاد مكوم». وأعرب علام عن اعتقاده بأن اتفاقاً محتملاً ربما يكون وشيكاً، بعد تراجع قياسي في مستوى الحضور الجماهيري لمشجعي «هال سيتي» منذ الهبوط من دوري الدرجة الممتازة. في مساء 29 أغسطس (آب)، حضر 4666 شخصاً فقط من جماهير هال سيتي ليشاهدوا هزيمة فريقهم المدوية أمام «ديربي كاونتي» بنتيجة 4 - 0 في بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. ويعتبر هذا العدد الأدنى على الإطلاق في تاريخ «استاد مكوم»، الذي أصبح استاد «هال سيتي» منذ أعياد الكريسماس عام 2002 ـ الأمر الذي يحمل دلالات مهمة تتعلق بالصورة القاتمة السائدة في النادي وحالة الانفصال التي وقعت بين المشجعين ومالكي هال، الأب والابن، اللذين انتقلت إليهما ملكية النادي عام 2010. اللافت أن مالكي النادي لا يحاولان رسم صورة وردية لعلاقتهما بالجماهير، ويوحي ما جاء في هذه المقابلة النادرة مع نائب رئيس النادي، إيهاب علام، من داخل مكتبه في أعقاب اجتماع مع مدير النادي، نايجل أدكينز، بأنه ربما تنجز مهمة بيع النادي قبل «نهاية هذا العام». في الوقت الحالي، ثمة مناقشات جارية بين علام وعدد من المشترين المحتملين للنادي، الأمر الذي حال إتمامه سيسعد الجماهير كثيراً. خلال المقابلة، أقر إيهاب بأن النادي عايش في ظل إدارته ووالده، عاصم فترة نجاح غير مسبوقة في تاريخه، لكنها «بلغت ذروتها». وبمرور الوقت، تسممت الأجواء واشتعلت مشاعر كراهية وخلافات تبدو أقرب إلى الحروب الأهلية عن المشاحنات التي يتوقع المرء أن يراها داخل ناد لكرة القدم. وثمة دلالات عميقة تحملها مسألة أن إيهاب، الذي ولد وتلقى تعليمه في مدينة هال الشمالية ونشأ على مسافة قصيرة للغاية من الاستاد، لم يحضر مباراة للفريق منذ اليوم الأخير لموسم 2014 - 2015 ـ وكانت مباراة أمام «مانشستر يونايتد» انتهت بالتعادل دون أهداف وأسفرت عن هبوط «هال سيتي» بعد عامين قضاهما داخل الدوري الممتاز. وقال إيهاب الذي يعيش على مسافة 10 دقائق بالسيارة من «استاد مكوم»: «أشاهد المباريات من المنزل. أعتقد أنه سيكون من النفاق أن نبدو مرتبطين عاطفياً بالنادي ونحضر مبارياته في وقت نسعى لبيعه. هذا يبعث برسائل متضاربة ونحن لا تليق بنا الرسائل المتضاربة». وأضاف: «من حين لآخر، أحضر مباريات للفريق خارج أرضنا ـ وأود من خلال ذلك إظهار الدعم للمدرب والفريق، لكن لا أعتقد أن هنا المكان المناسب لفعل ذلك. إذا كنت سأحضر حفنة من المباريات، فإنني أفضل أن تكون خارج الأرض. إننا نسعى لبيع النادي، لذا يتعين علينا أن ننفصل عاطفياً عنه بسبب الوضع الحالي لعلاقاتنا مع جماهير هال». وتبدو أسرة علام عاقدة العزم على استعادة ما أنفقته على النادي (قرابة 50 مليون جنيه إسترليني) وقلصت استثماراتها في النادي الذي تسعى الأسرة لبيعه مقابل ما تعتبره سعراً عادلاً. وبالنسبة لإيهاب، فإن الفكرة الأساسية تتمثل في الاستدامة، لكن المقاعد الخالية الكثيرة في المدرجات توحي بأن استراتيجية مالكي هال سيتي لا تلقى قبولاً لدى الكثير من الجماهير. عن هذا، قال إيهاب: لا أعتقد أنهم يدركون الأمر على الإطلاق. أحياناً يثير الأمر الشعور بالإحباط، لأننا نعتقد أننا نبلي بلاءً حسناً بالنسبة لجهودنا لجعل النادي جذاباً لأي مشتر جديد، لكن مقياس النجاح بالنسبة للمشجعين ينحصر فيما يرونه داخل أرض الملعب: وضعنا بجدول ترتيب أندية الدوري. إلا أن هذا في رأيي ليس مقياساً للنجاح، فهل زاد «أستون فيلا» قوة؟ هل أصبح «ديربي كاونتي» أقوى؟ واستطرد موضحاً أنه: «يجب أن نكون واحداً من أكثر الأندية جاذبية على مستوى دوري الدرجة الأولى، لأننا نتمتع بإدارة جيدة للغاية. وإذا رغب أي شخص في الاستثمار في ناد ما ليدفعه نحو الصعود، لا أعتقد أن هناك ناديا أفضل من هال سيتي». عام 2016. اتفقت أسرة علام على بيع النادي إلى عائلة داي يونغ الصينية التي اشترت لاحقاً نادي «ريدينغ»، لكن الصفقة انهارت. كما أجرت الأسرة اتصالات مع كونسورتيوم بقيادة تشين لي، لكن الحال انتهى بشراء الأخير لنادي «بارنزلي». في أعقاب الهبوط من بطولة الدوري الممتاز العام الماضي، من المنتظر أن يتلقى النادي دفعة أخيرة من الدعم المالي في يناير (كانون الثاني) المقبل، في الوقت الذي ربما يحصد النادي مبلغاً ضخماً حال انتقال هاري ماغواير، مدافع النادي السابق (لاعب ليستر سيتي حاليا)، لناد آخر خلال الشهر ذاته بفضل بند موجود بعقد اللاعب مع النادي يمنح الأخير نسبة 15 في المائة تقريباً من المبلغ الذي يتقاضاه اللاعب حال انتقاله لناد جديد. وعن النقطة التي وصلت إليها جهود بيع هال سيتي، قال إيهاب: «أعتقد أن ثمة أملا في بيع النادي هذا العام. لقد أبدت عدة أطراف في الوقت الحالي اهتمامها بشراء النادي. ونخوض مناقشات معهم. الواضح أن مشجعي هال يرغبون في رحيلنا، ونحن من جانبنا نحاول إدارة العملية على أفضل نحو ممكن». وعندما ذكرنا أمام إيهاب أن تضاؤل الحضور الجماهيري للمباريات إلى مستوى 4 آلاف مشجع فقط يعتبر بمثابة دليل قوي على الحالة المزرية التي وصل إليها الفريق، لدرجة دفعت إحدى الصحف المحلية، «ذا هال ديلي ميل»، منذ فترة قصيرة إلى مقارنة وضع النادي بسمكة بدأ التعفن يصيبها من الرأس باتجاه الأسفل، أبدى مالك النادي اعتراضه، مشيراً إلى أن هذا الوضع من تداعيات الهبوط عام 2017. وقال: «لسنا بعيدين للغاية عن النقطة التي لطالما كنا عندها تاريخياً ـ فقط الحالة المزاجية هي التي تبدلت. ولا أعتقد أن هذه الأرقام توحي بأن النادي يعاني حالة من التعفن على الإطلاق. في الحقيقة، هذه مجرد تعليقات رخيصة. ومن السهل للغاية إطلاق مثل هذه التعليقات، لكن هل بمقدور أحد دعمها بأدلة؟ كيف يمكن القول بأن هذا النادي في انهيار؟». وأضاف: «إننا في وضع سلبي لأن الجماهير عايشت المجد تحت قيادتنا وأعتقد أن الكثير من مشجعي النادي يفتقدون هذه الأيام. وقد انعكس ذلك بدوره على الحالة المزاجية العامة داخل النادي. ومن غير المنطقي ألا تدعم ملاك النادي وتبدي سخطك إزاءهم وترغب في رحيلهم، ثم تنتظر منهم الاستمرار في ضخ استثمارات في الفريق، الأمر الذي يقيد بدوره قدرتهم على الرحيل عنه». جدير بالذكر أن أسرة علام أنقذت النادي عام 2010 في وقت كان شبح التصفية يخيم عليه، وأشرفت على أكثر حقب النادي نجاحاً على امتداد تاريخه. ورغم الصورة البشعة التي يرسمها مشجعو النادي لإيهاب ووالده ومشاعر الازدراء التي يبدونها تجاههما، بدا إيهاب، 47 عاماً، غير آبه بهذا الأمر، وقال: «أهتم أكثر بالمهمة التي أضطلع بها. وبالنظر إلى تاريخ النادي، تبدو الاستدامة عنصراً محورياً. لقد سبق وأن مر النادي بدورة من الازدهار والانحسار عبر عدد كبير للغاية من المناسبات». وأكد أن: «العنصر المحوري يكمن في الاستدامة، سواء كان النادي مشاركاً في دوري الدرجة الأولى أو الثانية. وحال إدارة الأمور على نحو جيد، ستبقى هناك فرصة للصعود، وذلك إذا نجحنا في إعادة بناء العلاقة مع الجماهير. الحقيقة أن الجماهير هي من تخلق الفارق». جدير بالذكر أنه منذ طرح عاصم، الذي يبدو في صحة جيدة بعد خوضه جراحة جديدة، النادي للبيع في أعقاب قرار اتحاد الكرة التصدي لمحاولته تغيير اسم هال ستي إلى «هال تايغرز»، تولى إيهاب مسؤولية إدارة الشؤون اليومية للنادي. وعن حياته العملية، قال الأخير: «بدأت العمل في سن الـ12. وكنت أتولى حفظ الأوراق داخل ملفات فحسب. وبداية من الـ16 كنت أقضي كامل العطلات الصيفية في العمل بالمصنع حيث أتولى تجميع مكونات الأجهزة، ثم انتقلت إلى مرحلة الاختبار. واعتدت العمل بأحد أحواض صناعة السفن. وغالباً ما أملك أنا ووالدي الرؤية والأهداف ذاتها، لكن كل منا يتولى إدارة العمل على نحو مختلف». الملاحظ أن الكثير من القرارات التي اتخذها علام الأب والابن افتقرت إلى الشعبية، مثل إعادة تصميم شعار النادي الذي يزين واجهة المكاتب، ونظام العضوية الجديد الذي ألغى امتيازات سابقة. من ناحيته، وصف إيهاب الغضب إزاء نظام تسعير التذاكر الجديد بأنه «مضلل»، وعقد مقارنات مع ناديي «روثرام» و«شيفيلد وينزداي» المنافسين بالدرجة الأولى لإظهار أن «هال سيتي» الأرخص، مشدداً على أن النظام الجديد يحقق في الواقع «عائدات أقل». وأضاف إيهاب: «أقر بأن تبديلات تحدث عندما تصبح الأسعار أغلى، لكن إذا تمكنت من توفير المبلغ المطلوب الآن، ستتوفر لديك هذه القدرة دائماً، وبالنسبة لي هذا يمثل العنصر الأساسي للاحتفاظ بالجماهير. وأقر أنني سأخسر بعض الجماهير على المدى القصير، لكن سيصبح لدي هيكل أفضل في المستقبل». وقال إيهاب: «أقر كذلك أننا نتولى إنجاز الأمور على نحو مختلف، لكننا نحاول تناول المشكلة. إننا نادي في متناول المقدرة المالي، ليس لكل أسرة، لكن بالنسبة لغالبية الجماهير. واليوم، أصبحت لدينا حلول أرخص طالما أنهم على استعداد للحركة». جدير بالذكر أن مالكي النادي أزالوا كلمة «تايغرز» من معظم الأماكن، بما في ذلك أكاديمية النادي، لكن السيطرة على الموقع الإلكتروني للنادي الذي يعيد توجيه الشخص إلى موقع رابطة مشجعي هال سيتي، تحولت إلى عقبة كبرى. فيما يخص شعار النادي، من المقرر كشف النقاب في يناير عن إعادة تصميم جديد أجراه المشجعون. في هذا الصدد، قال علام: «كنت أفضل شعارا دائري الشكل لأنه حال طباعته على شتى الأشياء سيبقى واضحاً. أحب الشعار الجديد، لكنه ليس دائريا». بالنسبة للموسم الحالي، أعرب إيهاب عن اعتقاده بأن سداد النادي لفاتورة أجور تأتي من بين أكبر 10 على مستوى أندية الدرجة الأولى يجب أن يترجم داخل أرض الملعب، رغم أن الفريق حتى هذه اللحظة فاز في واحدة فقط من أول ست مباريات له بالدوري. (يأتي هذا، بعد عام من ادعاء إيهاب أن النادي يحتل المركز الرابع بين الأندية الأعلى من حيث الأجور). اليوم، يقف النادي خارج منطقة الهبوط بفارق الأهداف. وقال علام: «نأمل في أن نبقى في صفوف الأندية الستة الأولى ونظل داخل الدوري. أما إذا اتبعت نظرة طويلة الأمد، فستحتاج إلى تحقيق قفزة أكبر مما تتيحه لك مواردك. هناك الكثير من الإنفاق المفرط في دوري الدرجة الأولى، لكن الإنفاق المبالغ فيه لا يضمن النجاح بالضرورة».
مشاركة :