كشفت مجلة «لونوفال أوبسيرفاتور» الفرنسية عن تحول الإمارات إلى مركز عالمي للتهرب الضريبي وغسل الأموال. ونشرت المجلة خلال تحقيق استقصائي مدعم بالوثائق، وحمل عنوان «أوراق دبي»، السبل التي تستخدمها الإمارات لـ «تبييض الأموال»، وتحويل الأرباح -وهي بعشرات الملايين من الدولارات- إلى العملاء في عملية خارجة عن القانون مستمرة منذ نحو 20 عاماً. وبحسب الصحافية الفرنسية كارولاين ميشال أجيريه التي أنجزت التحقيق الاستقصائي، الذي تطلب العمل عليه عدة أشهر، فإن مجموعة «هيلان» الدولية المتخصصة في هندسة التعتيم والترسيخ له، تأتي في صدارة الكيانات التي تقود هذه الأنشطة المالية الخارجة عن القانون.ويوجد مقر هذه المجموعة -وفقاً للصحيفة- في إمارة رأس الخيمة بالإمارات، وتقود أنشطتها الخبيرة المالية البريطانية جيرالدين ويتكاير، كما لا يوجد لها موقع على الإنترنت. وأورد التحقيق أن مجموعة هيلان «الغامضة» تدير ثروة نحو 200 عميل، منهم أباطرة المال ورجال أعمال ومديرو مقاولات كبرى ورياضيون، ورجال من النخبة الثرية الروسية القريبة من السلطة، بالإضافة إلى أرستقراطيين ورؤساء مقاولات فرنسية. وبعد توظيف تلك الأموال في منظومة معقدة يصعب تتبعها وتتحايل على القانون، تقوم «هيلان» بتحويل الأرباح التي تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات إلى عملائها. وكشفت الوثائق المتنوعة التي اشتغلت عليها الصحافية الفرنسية -ومنها عقود موقّعة وجداول وإحصاءات- وجود شبكة ضخمة لتبييض الأموال في الإمارات، يستعمل أصحابها أسماء مستعارة للتواصل فيما بينهم عبر البريد الإلكتروني، لتشكل بحسب لونوفال أوبسيرفاتور «مافيا مالية عالمية» تشتغل خارج القانون. وتستعين مجموعة «هيلان» بأسماء جاهزة لشركات استثمارية برأسمال متغير بما «يسمح بإخفاء هوية الأشخاص المستفيدين من الأرباح، والقيام بتهرب ضريبي يصعب على الأجهزة المالية الرقابية تتبعه». ومن الحيل التي يلجأ إليها مبيّضو الأموال داخل «هيلان»، إصدار «بطاقات سواء» مدفوعة مسبقاً دون أن تتوفر على اسم مالكها، بحيث يتم الاكتفاء بألقاب تحيل إلى المالك المتخفي، بالإضافة إلى القروض المزيّفة. وضمن استراتيجيتها أنشأت المجموعة «شركات عدة وفتحت ضمن هذا الإطار حسابات وهمية لزبائنها» بحسب المدير السابق للمجموعة فرانسوا ديجاردان. وأضاف: «استعمال الحسابات الوهمية عند هيلان معمم على نطاق واسع، وخلال عملي وصلتني شيكات موقّعة على بياض، واكتشفت تعاملات مالية لبعض العملاء تمر عبر حسابات عملاء آخرين». ويتسق مضمون «أوراق دبي» مع إقرار وزراء مالية الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي قائمة سوداء للملاذات الضريبية في العالم تضم 17 دولة، من بينها الإمارات والبحرين. وفي يونيو الماضي، ذكر تقرير لمركز الدراسات الدفاعية المتقدمة في واشنطن، أن الإمارات -خاصة إمارة دبي- أصبحت ملاذاً آمناً لغسل أموال عدد من منتهكي الحروب وممولي الإرهاب ومهربي المخدرات. وفي التاريخ نفسه، كتبت «الجارديان» البريطانية، أن دبي تخطت جزيرة كوستا ديل كرايم الإسبانية، المعروفة بأنها أسوأ مكان في العالم لغسيل الأموال، ولفتت إلى أن محققين بريطانيين يدرسون معلومات مسربة للعقارات في دبي، تبين أن بريطانيين استخدموا دبي لإخفاء 16.5 مليار جنيه إسترليني كضرائب للمملكة المتحدة بين عامي 2005 و2016.;
مشاركة :