الشارقة: علاء الدين محمود ربما أهم ما يميز رواية «المقاعد الخلفية» للكاتبة والروائية نهلة كرم، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية عام 2018م، هو أُسلوبها المختلف والعميق في تناول موضوع كثر طرقه، وهو العلاقات العاطفية والالتزام في الحياة الزوجية، فالكاتبة لم تشأ أن تجعل من روايتها مجرد خواطر وتهويمات عاطفية، بقدر ما أنها طرحت العديد من المشاهد والأسئلة الجادة، ولعل أهمية ذلك الاتجاه من قبل الكاتبة يأتي من كون أن روح العصر المتسارعة تطرح بدورها الكثير من الأسئلة حول العلاقات الإنسانية، والعلاقة بين الفرد والآخر، والبحث عن الأمان في عالم متشظٍ تسود فيه الفردانية، ومن هنا جاءت الرواية وهي تحمل هماً حقيقياً يعبر عن واقع عياني، محتشد بالمواقف الإنسانية، والرؤى الفكرية عبر قصة الشابة سارة التي تشغلها قضية الالتزام العاطفي.وتستخدم الكاتبة تقنيات روائية بديعة تجعل القارئ في حالة ملاحقة للأحداث، إضافة للغة سردية رائعة أكسبت العمل أبعاداً جمالية، كذلك فإن القصص تتداعى داخل المتن السردي لتشكل في مجملها الملامح الرئيسية للرواية، إلى جانب أن موضوع العمل ينتصر لحقوق المرأة، ويقف ضد الأفكار الخاطئة، والتصورات الذهنية السائدة؛ فرسالة الرواية تدعو لنمط جديد من التفكير يتصالح مع القضايا الجديدة التي تسود في العالم، وعلى رأسها قضايا النسوية والمرأة.وجدت الرواية رغم حداثتها، الكثير من التعاطي المتباين في المواقع القرائية المتخصصة، وقد حازت الكاتبة شبه إجماع على مقدرتها وأسلوبها البديع في السرد، وتقول إحدى القارئات: «عنوان الرواية جاء موفقاً، ويشير إلى العوالم الخفية والمظلمة والجبن في تحمل المسؤولية في العلاقة والزواج، وإن الشجاعة تتطلب التحرك للمقاعد الأمامية وتحمل مسؤولية الاختيار، ومحاولة الاحتفاظ بالعلاقات بشكل سوي دون أن يخنق أحد الشريكين الآخر، الرواية جميلة ورغم كبر حجمها إلا أنها لا تجعل الملل يتسرب إلى القارئ».فيما يصف قارئ الرواية ب«الظريفة»، ويقول: «أسلوب الكتابة جميل، السهل الممتنع، حيث إن الكاتبة قد قدمت قراءة سهلة وفي نفس الوقت غير سطحية. وأكثر ما يميزها تلك النهاية التي تنفتح على جميع المسارات»، ويقول قارئ آخر: «أن تراهن على كاتب فتأتي روايته بأكثر مما توقعت فهذه لحظة سعادة حقيقة؛ فالرواية قد اتسمت بأسلوب جذاب ومشوق ولغة سهلة وبسيطة؛ حيث أخذتنا الكاتبة إلى عالم جديد وممتع ومختلف من العلاقات، ورحلة ملأى بالخوف من الارتباط، وتتميز الرواية بشخصيتها المرسومة بعناية وصدق شديد، مما يجعلك تصدقها وتتعاطف معها، وتصدق العالم الذي تخلقه الكاتبة صاحبة المقدرة على السرد؛ ففكرة الرواية هي العلاقات في مجتمعنا، ليس فقط العلاقات العاطفية، بل العلاقات بشكل عام، ومن خلال شخصيات الرواية نتعرف إلى نماذج مختلفة وغير نمطية للعلاقات ومشاكلها ولأجيال وأعمار مختلفة، وقد أظهرت الكاتبة أنها صاحبة أسلوب مميز ومختلف في الكتابة، وقدرة هائلة على السرد والحكي المشوق».وعلى الرغم من إجماع الكثير من القراء على فرادة الرواية وأسلوبيتها، إلا أن بعضهم ذهب إلى أن موضوع الرواية عادي ومستهلك وقد طرق كثيراً، لذا فلا حاجة للقارئ برواية أخرى تكرر ذات الموضوع حتى وإن اختلفت التفاصيل والحبكة إلا أن العبرة والنتيجة واحدة في أغلب الأعمال التي تناولت هذا الموضوع.
مشاركة :