«عصبة» الأمم المتحدة ترقّت فأصبحت «عصابة»!

  • 9/10/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لن نأتي بجديد عندما نشير إلى أن تاريخ منظمة الأمم المتحدة الموثق والموجود عبر سجلاتها طوال عقود من الزمن لا يحمل بين طياته ما يشير إلى أن هذه المنظمة حملت تباشير سلام أو رخاء أو استقرار حقيقي على وجه الأرض، اذ توجد النزاعات والصراعات والمجاعات والأزمات، لم نعرف إلى اليوم أن الأمم المتحدة أوقفت حرباً أو أنهت صراعات لا بمبعوثيها الفاشلين الذين يمتطون الطائرات الخاصة ويسكنون أفخم الفنادق ويملكون أفضل المميزات ولا بالقبعات الزرق لجنودها المترفين الذين لم يطلقوا رصاصة ولَم يمنعوا كارثة ولا حتى أجروا مناورة واحدة، وهي ذات المنظمة التي لَم تنعش اقتصاداً أو تمنع مجاعة من خلال صندوقها الدولي الذي لا يحل في بلد إلا ويحل معه الكساد وينهار بسببه الاقتصاد بأكثر ما هو فيه من انهيار، وقس على ذلك اللاجئين والغذاء والدواء والبيئة والمناخ ومؤتمر باريس وما سبقه وما تلاه من مؤتمرات لم تعد على البشرية بفائدة. هذه هي الأمم المتحدة منذ أن كانت تجمعاً تحت مسمى «عصبة الأمم المتحدة» عام 1920 إلى أن كبرت وتعاظم دورها وترقت من «عصبة» إلى «عصابة» تحت مسمى منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1945 تصرف عليها دول العالم وتؤمن موازاناتها من قوت شعوبها، من دون أن تقدم ما تتطلع إليه «الأمم» من أمن وأمان وصحة ورفاه، وهي تتابع على مدار العام ضجيج 19 وكالة للأمم المتحدة تجوب العالم من أقصاه إلى أدناه من دون منتج على الأرض، وبالتالي وعندما نستحضر فشلها الشامل على الميادين كافة، ومن بينها الأزمات والنزاعات والحروب التي شهدتها الكثير من مناطق العالم منذ عقود من الزمن وإلى اليوم، فإنه من الطبيعي ألا نرفع سقف توقعاتنا لكل ما يمكن أن يعلن عنه من خلال هذه المنظمة التي لا تحمل سوى هذا المسمى الضخم الذي يشعرك للوهلة الأولى أنك وصلت إلى سدة العدل وقبلة الحق في العالم، وليس إلى حقيقة ما يعنيه المثل الشعبي العربي الشهير «اللي يشوف القبة يحسبها مزار»، بل اننا الآن أصبحنا أكثر من أي وقت مضى نشك أن هذه المنظمة لم تعد مشكلتها متمثلة في ضعف قدراتها وقلة حيلتها بقدر ما أصبحنا نشعر أنها باتت مخترقة ليس من قبل الدول الكبرى كما كنّا نسمع منذ زمن فمثل هذه الدول لا تعير المنظمة أدنى اهتمام أو قيمة متى ما قررت اتخاذ ما تراه يخدم مصالحها، ولكن الاختراق اليوم داخل الامم المتحدة باتت الشكوك تحوم حول تسرب الأموال القذرة إليه من منظمات وأنظمة سياسية في العالم وجدت داخل دوائر هذه المنظمة الإدارات والأفراد الذين يمكن لهم أن يخدموا أجنداتهم القذرة من خلال الأجندات المرنة ذات الأبواب المواربة مثل حقوق الإنسان وملفات الفقر والكوليرا واللاجئين وما سواها. ولعل ملف الأزمة اليمنية اليوم لا يدع مجالاً للشك أن مبعوث الأمين العام الحالي للأمم المتحدة مارتن غريفيث ومن سبقوه وما يصدر من موظفيها العاملين في ملفات حقوق الانسان (كما يزعمون)، وعلى رأسهم المفوض السامي لمجلس حقوق الإنسان، يؤكدون أن هناك عبثاً يتم بفعل فاعل يتجاهل عن عمد كل جرائم الحوثيين التي أهلكت الحرث والنسل وخلفت الدمار والجوع والفقر والمرض والمجاعة في اليمن، ناهيك عن اعتدائه على المدنيين في عمق الأراضي السعودية، ثم تجعل الأمم المتحدة بعد كل هذه الكوارث من الميليشيات الحوثية الإرهابية محور تفاوض تدعوه على طاولة جنيف ليكون طرف حوار مع الحكومة الشرعية المعترف بها من كل دول العالم ومنظماته الدولية. كيف يمكن تفسير رفض التفاوض الدولي مع الإرهابيين في «القاعدة» و«داعش» فيما يدعى الحوثيون الارهابيون إلى سويسرا، ومن قبلها في دول عدة؟! أليس في هذا تشريع للإرهاب ودعم للإرهابيين محتلي صنعاء والمدعومين من إرهابيي طهران الذين يحتلون دمشق وبغداد وبيروت؟! طالما وصل الفساد والاختراق والتوظيف بالمال القذر لمكاتب وكوادر الأمم المتحدة وفق ما نتابع من نتائج كاذبة ومزوّرة على الارض وتمتد لمسافة ما بين جنيف وصنعاء من جهة وبين الحوثي وغريفيث من جهة أخرى، فإنه حري بالتحالف والحكومة الشرعية أن يجعل جنيف آخر عهدهما بالحوار والتفاوض والحسم العسكري الذي لم يعد له بديل. * باحث إعلامي وكاتب صحافي. khaliddarraj@

مشاركة :