الأمم المتحدة تواجه مصير عصبة الأمم

  • 3/21/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا يوجد مكان أفضل من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لنشهد على التراجع البطيء لأهمية النظام الدولي، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، هذا إذا سمح لنا بالدخول إلى أروقته، وهذا ما لن يُسمح به. وكان المجلس يجتمع لبضع ساعات، مرة أو مرتين في الأسبوع، منذ سنوات، أما هذه الأيام، فإنه يجتمع طوال اليوم. ويمكن أن تعكس هذه اللائحة الطويلة من الاجتماعات واللجان طاقة المجلس ونشاطه، غير أنها في الواقع تعكس إخفاقه أيضاً، ولا يتطلب الأمر جهداً دبلوماسياً لرؤية انعدام الأمن ينتشر على نطاق أوسع. وهناك أسباب عديدة وراء عدم قدرة الأمم المتحدة على وقف الحرب المدمرة في سوريا، لكن ليس كافياً إلقاء اللوم على روسيا. الواقع المزعج هو أن مؤسسات العالم الرئيسية المخصصة للتعامل مع الحروب لا تقوم بدورها. أما المشكلة الأساسية فتكمن في أن الفرضية التي يقوم عليها المجلس حول وجود عالم يأتمر بأمر الدول، لم تعد قائمة. فصراعات حركة الشباب، و جماعة بوكو حرام، أو تنظيم داعش، تنبع من ظروف محلية معينة، لكن لها في الغالب امتدادات إقليمية ودولية. ومجلس الأمن المصمم لمنع الصراعات والتحكيم بين الدول أخفق في التكيف مع عالم مختلف بالكامل. افتراض متغطرس قبل وقت طويل من ذلك اليوم المرعب في سبتمبر 2001، تغيرت طبيعة العنف السياسي وحالة انعدام الأمن في العالم إلى الأبد. لكن الافتراض المتغطرس للمجلس، بأن الحكومات تقرر والباقي يلتزم، لم يتغير. وما بدا في حينه تهديدات عرضية أو محدودة جغرافياً، تحولت الآن إلى حرب دائمة وانعدام أمان وعنف متطرف في كل القارات تقريباً. وللأسف، فإن معظم السجالات بشأن إصلاح الأمم المتحدة يسيء فهم الأمر، والنقاشات تدور حول أسئلة لا معنى لها، حول هوية الأعضاء الدائمين الجدد في مجلس الأمن، أو القيود على استخدام حق النقض. وكلاهما مرغوب بهما لكن أيّاً منهما لن يحدث عما قريب، أو يصلح المشكلة الأكثر عمقاً. وإذا لم نكن حذرين، فإن الأمم المتحدة ستنهار لتصبح عديمة الجدوى، كما أخفقت عصبة الأمم في أيامها. هذا العام، سوف يجري تعيين خلف لبان كي مون، ونحتاج إلى أمين عام صلب العود ومستقل يخرج بتوصيات عادلة ومحددة للمجلس دون خوف أو تفضيل لتحيزات الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس. كان من شأن أمين عام مستقل أن يطالب منذ فترة طويلة بوقف إطلاق النار في سوريا مع عواقب منصوص عليها بوضوح، بما في ذلك عقوبات ضد من ينتهك وقف إطلاق النار، كما كان يمكن أن يطالب بمؤتمر دولي للاتفاق على جدول زمني لحل الدولتين وتطبيقه، وهو وضع تم تأييده مراراً من مجلس الأمن وكل دول الأمم المتحدة. وعلى الرغم من الزعم بأن مجلس الأمن يعقد اجتماعات عامة أكثر من أي وقت مضى، إلا أن الغالبية الساحقة من المفاوضات الجوهرية تحصل في السر. لكن الشفافية في تعاملات الأمم المتحدة تجعل القرارات الناشئة مفهومة أكثر، وبالتالي أكثر شرعية. ويصبح الجمهور مشاركاً بدرجة أكبر، على سبيل المثال، عندما يناقش المجلس تسليم المساعدات إلى المدن المحاصرة في سوريا، فيبدأ الناس في أن يصبحوا أكثر اهتماماً بما يجري في أروقة الأمم المتحدة. أخيراً، هناك إصلاح واحد بسيط يمكن أن يقوم به المجلس من الغد. يمكنه الاستماع إلى الناس والأطراف المتأثرين بقراراته. ولا يمكن الدفاع عن حقيقة أن كل أجندة تتعلق بصراع بين جماعات من غير الدول، لا يسمح مجلس الأمن إلا للدول بمعالجتها، وحتى هذه الممارسة لا تتكرر عندما لا تكون هذه الدول أعضاء في المجلس. وفي مناسبات نادرة، يستمع المجلس لأطراف من غير الدول، لكن فقط تلك الأطراف التي يوافق عليها، بينما ينبغي أن تصبح ممارسة روتينية أن تقدم الأطراف الشرعية والممثلة لمجتمعاتها وجهات نظرها قبل أن يقوم المجلس باتخاذ القرارات بشأن مستقبلها. هذه التحسينات لا تتطلب إعادة كتابة ميثاق الأمم المتحدة، وقلة من الدبلوماسيين الحازمين والجريئين يمكنهم أن يحدثوا هذه التغيرات. حياة أو موت سيحتاج الأمين العام أن تكون له الحرية لتعيين فريق قوي لديه خبرة، على أن تكون التعيينات على أساس الجدارة. وقد اعترف مسؤولون بأنه يجري تحرير تقارير معينة للأمم المتحدة من قبل الأعضاء الدائمين قبل تسليمها إلى مجلس الأمن، وهناك قضايا من المحرمات، مثل الشيشان أو التوترات في جنوب بحر الصين. وكانت تحقيقات الأمم المتحدة في إخفاقاتها بمنع عمليات القتل على نطاق واسع قد حددت نقاط ضعف تسلسلية سياسياً ومؤسسياً، لكن لا ينبغي أن نكون واثقين من أن مثل تلك المآسي ستجري معالجتها بكفاءة في المستقبل. والحاجة إلى أمين عام جديد شجاع وحازم هي مسألة حياة أو موت.

مشاركة :