ألم يحن الوقت لولادة لجنة ما يسمّى بلجنة الانضباط باتحاد الطائرة؟ سؤال نعتقد شخصيا، ونذهب كذلك إلى أنّ الكثيرين من المعنيين باللعبة والمتابعين لها يشاركوننا طرح السؤال السابق، الذي لم يأت عبثا ومن فراغ، ولكنه نابع من حاجة الواقع الماسة إلى مثل هذه اللجنة، التي نرى فيها متى ما وجدت النّور أنها ستخلّص أجواء اللعبة من الشوائب والزوائد وكلّ ما يعكّر مناخات اللعبة من تجاذبات، وكسر للأعراف، وإعطاء كلّ ذي حق حقه، حتى يمكن للجميع بمعية اتحاد الطائرة المسؤول الأول عن اللعبة من السير بها في طريق آمن للوصول إلى تحقيق الأهداف المشتركة. هويّة لجنة الانضباط ليس من مهمتنا تحديد هوية من يشغل هذه اللجنة، ولكن يحقّ لنا أن نقول: أنه يتطلب أن تكون عناصرها من أصحاب الاختصاص والكفاءة والخبرة والمشهود لهم في الوسط الرياضي عامة بالشجاعة في تطبيق اللوائح المحكمة وإحقاق الحق بعيدا عن الكتابة على سطر وترك سطر آخر لسبب أو لآخر، ونرى بأنّ وسطنا الرياضي تتوفر فيه مثل هذه القماشة التي يتطلب اختيارها بعناية فائقة وفق المعايير الصارمة التي تتطلبها مثل هذه اللجنة. خذ الحكمة أنّى وجدتها قد يقول قائل بأنّ اتحاد الطائرة متى ما أخذ بهذه الخطوة فإنه بذلك يقوم بتقليد الآخرين الذين سبقوه إلى هذا ومن ثمّ السير في ركابهم، غير أنّ المنطق والعرف العقلائي والأدبيات المختلفة كل ذلك وغيرها تأخذ بيدنا إن صحّ التعبير وتأمرنا إلى أخذ الحكمة والعبرة والفائدة - وسمّها كيف ما شئت من مسميات - من أيّ كان طالما أنّ ذلك يصبّ في مصلحة العمل ويطوره ويأخذ بيده إلى الأمام، وليس هناك ضيرا أو مانعا أو حتى عيبا من الاستفادة والتعلم من الآخرين، فالحياة الإنسانية في مختلف جوانبها قائمة على التلاقح والأخذ والعطاء، ولا يستطيع أحد أن يتطور بمعزل عن الآخر،إلا في حالات استثنائية، ونحن هنا لسنا في موقف نطالب فيه بالاستثناءات، والأمور الخارقة، والخارجة عن المألوف. لماذا لجنة الانضباط؟ عندما نتطرق إعلاميا بالتحليل والنقد وطرح بعض الاقتراحات سعيا وراء الأخذ بيد اللعبة خطوة إلى الأمام ليس هذا نابع إلا من قناعاتنا المهنية أولا، وكوننا شركاء كما يسمينا اتحاد اللعبة فيما تصل إليه اللعبة من تقدم أو تراجع ثانيا، غير أنّ الإعلام الرياضي بهذا المعنى شريك في التراجع متى ما تخلى عن مهنيته والتزم الصمت ومرّ على الأخطاء والثغرات مرور الكرام، بينما متى ما تسلّح بمهنيته وسمّى الأشياء بمسمياتها الحقيقية من غير لفّ وزيغ عن الطريق وانتقد وحلل واقترح حتى لو لم يؤخذ بما يطرحه من زاوية أنّ الاتحاد ليس ملزما بأخذ كل ما يطرح من صالح وطالح، بغض النظر عن كل ذلك حينها الإعلام قد أدى مهمته، وأخلى مسؤوليته، وترك الكرة في ملعب المعنيين بالأمر. أما من يتساءل من المتسائلين لماذا لجنة الانضباط؟ فكأنما السائل يشاركنا السؤال وضمنيا يرى بأنّ أجواء اللعبة مستقرة ولا تحتاج إلى نوعية هذه اللجان. أما صاحب هذه الأسطر ونظرا لقربه من أوساط اللعبة وأضلاعها معا يرى بأنّ الاتحاد وهو المسؤول الأول عن اللعبة بات في حاجة ماسة لمثل هذه اللجنة لأنه كلما كبرت الطموحات كلما فرضت الحاجات أنفسها، وعلينا أن لا نغمض أعيننا، فالوسط الرياضي للكرة الطائرة يعج مثله مثل بقية أجواء الألعاب الرياضية الأخرى بالمشاكل والأخطاء والشكاوى والحقوق المسلوبة والالتزامات المنقوصة، وكل ذلك لازال معلقا وينتظر أصحابها سوى كانوا مسؤولين بالأندية أو مدربين أو لاعبين حلولا لها بدلا أن تتفاقم وتتسع رقعتها مما يصعب إيجاد الحلول الملموسة لها. أمن المنطق أن تظل المشاكل والشكاوى تتصاعد وتتراكم في محيط وأجواء اللعبة ولا تعرف الأطراف ذات المصلحة - والتي تضرب أخماسا في أسداس – كيف تستعيد حقوقها حتى تتقادم وتصير نسيا منسيا، في الوقت الذي يظل اتحاد الطائرة، يتفرّج ويلزم الصمت، وبمنأى عن كل ما يحصل، وكأنه ليس المسؤول الأول والأخير عن اللعبة، في الوقت الذي بإمكانه أن يكون عنصرا فاعلا، وتكون له تدخلاته ووقفاته من خلال لجنة الانضباط المقترحة، لأنه طالما لا توجد عقوبات وجزاءات فإنّ الخروقات والتلاعبات لن تتوقف من أصحابها، ولماذا نترك الأفراد والجهات ذات العلاقة والمتمثلة في في اللاعبين والمدربين ومسؤولي الأندية اللجوء إلى رفع الدعاوى والتواجد في أروقة المحاكم، بدلا من احتواء كل المشاكل داخل بيت اللعبة على طريقة أهل الدار أدرى بشعابهم. نعتقد شخصيا متى ما سجلت هذه اللجنة حضورها وكانت محل ثقة الجميع فإنها ستحقق نقلة نوعية سيصبّ في صالح الجميع ومن قبلهم اللعبة هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن تطور الكرة الطائرة لا يأتي بالعمل في جانب في الوقت الذي تعاني بقية جوانب أخرى من نواقص وعلل، فأيّ لعبة فهي مثل الجسم الواحد إذا اشتكى منه عضو اشتكت بقية الأعضاء من الألم نفسه وتأثرت به، ولا يمكن الوصول إلى تحقيق الطموح والأهداف إلا إذا كان العمل مستقرّ وبطريقة مهنية على مختلف المواقع. ومن خلال قرابتنا من المسؤولين باتحاد الطائرة فإنهم ليسوا بالمنغلقين إزاء أيّ طرح يرون فيه الجدة والمقترح الصائب الذي يمكن تبنيه طالما يصبّ في صالح العمل الرياضي العام ولعبة الكرة الطائرة بشكل خاص، وما أوردناه في هذه المقالة ليس اتحاد اللعبة ملزم به بقدر ما هو اقتراح وفكرة قابلة للمناقشة والأخذ بها من عدمها.
مشاركة :