خليفة بن عبيد المشايخي khalifaalmashayiki@gmail.com تسوق الأحداث المأساوية إلى الدول والأفراد والمجتمعات، تبعات عديدة لا حصر لها، ويكون ضحيتها الإنسان الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، إلا بالله العلي العظيم، ومن لا يكثرث بحقوق الضعفاء، فإنَّ لهم ربا سينصفهم يومًا وسيأخذ حقهم بطريقة أو بأخرى عاجلا وليس آجلا. وبات واضحا ومعلوما، أن ليس كل ذي نعمة مستور، وليس كل ميسور ليس مبتلى من لدن رب العزة والجلال، ابتلاءً ظاهرًا ومكشوفًا ومعلومًا، فهناك نعم كشفت سوء أصحابها وافتقارهم للدين والأخلاق والصفات عندما أتتهم، وهناك أحوال تبدلت وكشفت عن زيف الكثيرين وما بهم من نقص في القيادة وضعف الشخصية، وعن تابع ومتبوع، وعن حياة مُترفة سيئة كانت قبل حلول النعمة، لم يكن أحد يعلم زيفها وما كان بها قبلا، وعندما ابتلاهم المولى عزَّ وجلَّ بالنعم، تمنينا لو لم نرَ ما خفي منهم ومن أعمالهم وأفعالهم وأحوالهم التي كانوا عليها. وإذا كان على المؤمن أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه"، فإن الدين ليس محصورًا في الصلاة والزكاة والحج، وإنما الدين معاملة وأخلاق واهتمام واحترام وتقدير وحب وإيثار وتضحية ومواساة وهم وفكر وتفكر في الغير، ولكن للأسف ما نراه من البعض، يعكس عدم وجود الخير في الكثيرين، وإن كان وجد فللبعض فقط. وفي وطننا هناك عشرات الجمعيات والفرق الخيرية ولجان الزكاة، ونكاد نجد ذلك في كل ولاية، ناهيك عن الهيئة العمانية للأعمال الخيرية، ودور وزارة التنمية الاجتماعية المشكورة، خاصة بعد تولي الدكتورة ليلى بنت عوض النجار الوزارة؛ حيث إنها إنسانة مخلتفة في إنسانيتها وفي نظرتها للناس، وخاصة الضعفاء منهم، إذ تتحلى برحمة وتقدير غير عادي للناس، وفيها خير ومحبة لهم. وهناك الشيخ سهيل بهوان وأولاده، وغيرهم الكثيرون من فاعلي الخير في البلد والمحبين له. لذا أتساءل مع وجود هؤلاء الخيرين في البلد، لماذا هناك فقر لدينا، ولماذا لا يتم إخراج سجناء القضايا المالية الذين نجدهم بالعشرات في السجون، وبسبب ذلك ضاعت أسرهم وأولادهم، وتطلقت نساؤهم وحصل فيهم ما حصل. والله أتساءل كيف يهنأ ذلك الإنسان الذي يعلم أن هناك سجناء عمانيين من مختلف المستويات والكفاءات والمناصب والأعمار، يقضون أعمارهم في السجون ولا يفكر فيهم أحد. أي كبر هذا وأي عنجهية وغطرسة هذه؟ تدعونا أن نهمشهم ولا نفكر فيهم، ونظن أننا أفضل منهم، وأننا نعيش مبسوطين مع أولادنا وأمهاتهم وفي بيوتنا. لماذا نجعلهم يكرهوننا وتلاحقنا دعواتهم وكلمات حسبي الله ونعم الوكيل التي تطلق منهم كرصاصات في ساعات الليل البهيم؟ وفي كل وقت، فهناك من هو مظلوم بعدم التفكر فيه وفي حاله وأحواله والسعي من أجله ومن أجل أولاده وأسرته، أو حل مشكلته، قائم ليله يدعو الله ويتحسب، فانصر أخاك ظالما أو مظلوما. أقولها صراحة أين سيذهب أولئك القاسية قلوبهم كالحجر المختبئين بأموالهم، الذين لا يفكرون ولا يتفكرون في غيرهم من الناس الضعفاء البسطاء الفقراء السجناء من أجل حفنة من المال. هؤلاء الناس لا يشعرون بغيرهم ولا يتأثرون بما يصيبهم ويضرهم، وهم الذين بيدهم أن يغيروا ويبدلوا، ويرحموا ويخرجوا ويعفوا ويصفحوا، ويعاونوا ويقرروا ويصدروا ويوقعوا، ويقدموا ويبذلوا حتى لو كان من جيوبهم وأموالهم الخاصة. أقول من وجع قلبي وألم اعتراني، حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل. لقد سمعنا مؤخرا أنه انبرى عدد من المخلصين من أبناء عمان في انتهاج فكرة ومشروع وطني اجتماعي، من أجل التخفيف من المعاناة والمأساة التي يمر بها المديونون من أبناء عمان، وخاصة الذين يقبعون في مختلف السجون بسبب الديون، وكان المشروع هو تأسيس "جمعية الغارمين" التي بحسب ما وصلنا ونما إلى علمنا، أن إشهارها تأخر لأسباب ولدواعٍ مختلفة. فالسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تأخر إشهار الجمعية: هل هناك من هو ضدها مثلا ومعارض لها ويبدي أسبابا حيالها وحيال هذا المشروع المهم الذي إن تم، ففي تقديري سيحل مشكلة الغارمين. أخي الكريم ليس بالضرورة أن يقوم الاقتصاد والحركة المالية بوجود الفوائد البنكية التي أذهبت الخير ومحقت البركات، وضررها أكثر من نفعها. ومن خلال هذا المنبر نناشد جلالة السلطان المعظم، مباركة هذا المشروع رحمة بالمديونين والفقراء والمعوزين، أو أن تُوجه أموال تلك الصناديق وأموال الهيئة العمانية للأعمال الخيرية، لقضاء الديون عن الفقراء والمعسرين، وتحسين أحوال معيشة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود والرواتب المتدنية، على أن تذهب أموالها وتوجه لداخل البلد، فأهلها أولى بها، وإذا هناك من يقف حجر عثرة أمام إشهار جمعية الغارمين، أقول له اتق الله في نفسك، ووالله لن تأخذ عند ذهابك لقبرك، سوى عملك ولك من الأرض شبرا، فعليك أن تحسب حساب هذه الساعة وذاك المصير الطويل، فوقتها لن ينفعك ما عندك ولك وحولك وما بك، فاتقِ الله.
مشاركة :