فجأة خرج الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن صمته، وراح يشنّ هجوما عنيفا على الرئيس ترامب وينتقد صمت أعضاء الحزب الجمهوري. أوباما -في خطاب ألقاه قبل يومين- راح يبكي ويذرف الدموع على الديمقراطية الأمريكية وعلى المؤسسات الأمريكية التي يعتقد أنها تتعرض للخطر في ظل ممارسات الرئيس ترامب. وانتقد بشدة الجمهوريين الذين يؤيدون ترامب وليس لديهم الشجاعة للدفاع عن المؤسسات وعن الديمقراطية كما قال. وبالإضافة الى هذا، اتهم ترامب بتعريض علاقات أمريكا مع حلفائها للخطر. حقيقة الأمر ان الدموع التي يذرفها أوباما هي دموع التماسيح. أتمنى على المحللين والكتاب والساسة الأمريكيين ان يسألوا أوباما هذا السؤال: وماذا فعلت أنت بالديمقراطية الأمريكية وبالمؤسسات في عهد رئاستك؟ الحقيقة ان اوباما من أكبر الرؤساء الأمريكيين الذين أساءوا الى الديمقراطية والى المؤسسات الأمريكية. يكفي ان نتوقف هنا عند ما فعله أوباما بالديمقراطية وبالمؤسسات في قضية واحدة فقط، هي الموقف من ايران والاتفاق النووي المشبوه. سبق أن كتبت عن هذه القضية تفصيلا، لكن لا بد من التذكير بها.. كان بن رودس نائب مستشار الأمن القومي في عهد أوباما هو بالذات الذي كشف وبالتفصيل عن فضيحة كبرى جرت. كشف عن أكبر عملية كذب وخداع وتضليل للشعب الأمريكي قامت بها إدارة اوباما. نعني هنا ما كشفه من أن إدارة اوباما شكلت فرق عمل كانت مهمتها الصريحة الواضحة هي تضليل وخداع الشعب الأمريكي في كل ما يتعلق بالنظام الإيراني والاتفاق النووي. هذه الفرق وضعت الخطط ودفعت أموالا لكتاب وصحفيين وإعلاميين وناشطين في منظمات ومراكز أبحاث في مواقع مختلفة كي يعملوا على تبييض وجه النظام الإيراني وتصويره على انه نظام معتدل يستحق الدعم، وتأييد الاتفاق النووي والتستر على عيوبه. لاحقا، بعد الكشف عن هذه الفضيحة، كشفت معلومات نشرتها مجلات أمريكية معروفة ان إدارة اوباما جندت مؤسسات أمريكية كبرى، كان في مقدمتها مجلس الأمن القومي والعاملون فيه كي يدافعوا عن النظام الإيراني في كل لقاءاتهم مع زوار البيت الأبيض، وكي يهاجموا السعودية ودول الخليج العربية. وكل هذا كان يجري علنا في أروقة ومكاتب البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي. هذا ما فعله أوباما بالديمقراطية الأمريكية. استخدم آليات الديمقراطية أسوأ استغلال ممكن للقيام بأكبر عملية كذب وخداع وتضليل للرأي العام الأمريكي فيما يتعلق بقضية في صلب المصالح الأمريكية. وهذا ما فعله أوباما بالمؤسسات الأمريكية. جند هذه المؤسسات لخدمة نظام إرهابي هو النظام الإيراني، وجعل العاملين في هذه المؤسسات أشبه بالعملاء المأجورين في خدمة هذا النظام. أما عن تباكيه على الخطر الذي يهدد علاقات أمريكا بحلفائها في عهد ترامب كما يزعم أوباما فيبدو أنه نسي انه هو بالذات أكبر من سعى لتدمير العلاقات مع حلفاء أمريكا. دول الخليج العربية هي أكبر الحلفاء الاستراتييجيين تاريخيا لأمريكا. وهذه الدول الحليفة هي بالذات التي شنّ عليها أوباما حربا سياسية ودعائية واتهمها بالإرهاب والتخلف، بل وصل به الأمر الى حد إهانة كل الشعوب العربية. هذا دون أن نتحدث عن تآمر إدارة اوباما مع قوى طائفية وارهابية سعيا الى إسقاط نظم الحكم في الدول الحليفة. أوباما هو الذي كاد يدمر العلاقات الاستراتيجية مع حلفاء أمريكا العرب، وترامب هو الذي أوقف هذا وأعاد الاعتبار الى هذه العلاقات والى التحالف مع الدول العربية. حقيقة الأمر ان اوباما كان من المفروض ان يحاسب هو وأركان ادارته عما فعلوه بالديمقراطية والمؤسسات الأمريكية. وإذا كان أوباما قد حاول في خطابه ان يعطي الانطباع بأن عهده كان عهدا جيدا يحافظ على مؤسسات أمريكا وديمقراطيتها على عكس ترامب، فيبدو أنه نسي ان الشعب الأمريكي بالذات هو الذي أسقط مرشحة أوباما الكئيبة هيلاري كلينتون. الرئيس ترامب يتعرض لحرب ضارية من جبهات عدة. لسنا هنا في معرض الحديث عن أبعاد هذه الحرب، ولا كيف يمكن ان تتطور. لكن الأمر المؤكد ان الذين يشنون هذه الحرب هم في أغلبهم من أمثال اوباما وغيره.. يفعلون هذا بدوافع لا علاقة لها بالأخلاق ولا بالحرص على الديمقراطية والمؤسسات الأمريكية.
مشاركة :