الجزائر – كشفت تقارير محلية في الجزائر عن ضلوع نواب برلمانيين من حزبي السلطة القويين، وهما جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، في فضيحة شحنة الكوكايين، المحجوزة نهاية شهر مايو الماضي، وعن علاقة مشبوهة بينهم وبين المتهم الأول في القضية، رجل المال والأعمال كمال شيخي. وتحدثت التقارير عن أن مسار التحقيق في قضية المتهمين أفضى إلى تلقي المعنيين رشاوى من المتهم الرئيسي، وإلى حصولهم على امتيازات ليست من حقهم، إلا أن مسألة الحصانة البرلمانية تبقى العائق الكبير أمام المحققين، لا سيما وأن رفعها يتطلب إجراءات معقدة ويستغرق وقتا ليس في صالح التحقيق. وجاءت فضيحة النواب المذكورين لتعري المزيد من مظاهر الفساد المالي والسياسي في المؤسسات الحزبية والمجالس المنتخبة، خاصة بعد تفجير قضية النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي مليك بوجوهر، الذي أحيل مؤخرا إلى السجن الاحتياطي، بتهمة تلقي رشوة تقدر بما يعادل 50 ألف دولار، من طرف أحد المقاولين. وعادت مؤخرا قضايا الفساد في المجالس المنتخبة بشكل لافت، لتؤكد صحة الاتهامات التي وجهت لأحزاب السلطة، بتوظيف المال السياسي في اختيار لوائح المرشحين، لشغل مناصب المجالس الوطنية والمحلية، وتنضاف إلى سلسلة الفضائح السياسية والأخلاقية، التي كان أبطالها منتخبين ينتمون إلى أحزاب موالية للسلطة، وتوصف بـ “الأذرع السياسية”. طيب لوح: لا أحد فوق القانون، وجميع الجزائريين سواسية أمام القضاء طيب لوح: لا أحد فوق القانون، وجميع الجزائريين سواسية أمام القضاء ولاستباق الارتدادات على السمعة السياسية والشعبية، بادر الرجل الأول في حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، إلى عزل المتورطين في مثل هذه القضايا، وعلى رأسهم رئيس بلدية (رأس الماء) في محافظة سيدي بلعباس (500 كلم غربي العاصمة) إسماعيل قندوز، المتورط في قضايا أخلاقية وتحرش جنسي، والنائب البرلماني عن محافظة تيبازة مليك بوجوهر. وأثارت قضية توقيف النائب المذكور من طرف مصالح الأمن، وإحالته على السجن المؤقت في انتظار محاكمته بتهمة تلقي رشوة واستغلال منصب، دون المرور على إجراءات سحب الحصانة، جدلا قانونيا وبرلمانيا، خاصة بعدما قام نحو مئة نائب برلماني بمقاطعة الجلسة الافتتاحية للدورة البرلمانية مطلع هذا الشهر، احتجاجا على توقيف زميلهم واختراق امتياز الحصانة البرلمانية. ورغم تدخل رئيس الغرفة البرلمانية الثانية (مجلس الأمة) عبدالقادر بن صالح لاحتواء غضب النواب، وتعهده ببذل مساع لإعادة المسألة إلى مسارها الطبيعي، إلا أن وزير العدل طيب لوح كان حازما في موقفه، وشدد في تصريح أدلى به للصحافيين، على أنه “لا أحد فوق القانون، وجميع الناس سواسية أمام القضاء”. ولم يعلق أحمد أويحيى إلى حد الآن عن قضايا الفساد التي تلاحق عددا من منتخبيه، وإن كانت قرارات العزل قد صدرت في حق هؤلاء من طرف الهيئات المختصة في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بداية من قرار إعفاء النائب بلعباس بلعباس من رئاسة الكتلة النيابية. وتعتبر أحزاب الأغلبية الموالية للسلطة في البرلمان والمجالس المحلية، من أكبر المؤسسات التي تحوم حولها شكوك وانتقادات شديدة، جراء الممارسات التي تحيط بعملية إعداد القوائم الانتخابية، خاصة في الاستحقاقات الأخيرة التي تغلغل فيها المال السياسي بشكل لافت، وأصبحت المراتب الريادية في اللوائح تحتكم إلى سوق غير معلنة. وأثيرت القضية بشكل كبير في هيئات حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، بعد إخضاع الرجل الأول في الحزب جمال ولد عباس، وبعض القياديين المقربين منه لتحقيقات أمنية بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، بسبب التسريبات التي تحدثت عن ممارسات الرشوة والعمولات في إعداد لوائح المرشحين، والعثور على سيولة هامة من الأموال بالعملة المحلية والصعبة وملفات مرشحين لدى نجله الوافي في بيت العائلة. وكانت رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون، في مقدمة القوى السياسية التي انتقدت في تصريحاتها تغلغل ما أسمته بـ”المال الفاسد”، في المؤسسات المنتخبة تحت رعاية القيادات السياسية في أحزاب السلطة، وتحول امتياز الحصانة البرلمانية إلى مطية للاحتماء بها وخرق القانون، قياسا بما يبذله هؤلاء من أموال طائلة لأجل تحقيق أغراضهم ومصالحهم الضيقة. وطالبت المتحدثة في تصريح للصحافيين بـ”إلغاء المجالس الحالية، والذهاب إلى انتخابات تشريعية ومحلية نزيهة وشفافة، تضمن المشاركة الواسعة للجزائريين في اختيار الأشخاص الذين يمثلونهم في البرلمان والمجالس المحلية”. وتعتبر المجالس المحلية خاصة البلديات، من بين المؤسسات الفاشلة التي ساهمت في تبديد جهود الحكومة في بعث حركة التنمية المحلية، بسبب انغماس العديد منها في المصالح الخاصة والضيقة للأفراد على حساب الصالح العام، وهو ما تجلى في إحالة العشرات من المنتخبين على القضاء على مر العهدات الانتخابية المتعاقبة، بتهم تبديد المال العام وسوء التسيير.
مشاركة :