كشف د. صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى، بجامعة المنصورة، وعضو لجنة إعداد دستور مصر 2014، عن رؤيته الدستورية، بشأن إشكالية "تغير الصفة الانتخابية"، لأعضاء مجلس النواب، والتى يثار بشأنها جدل من وقت لأخر، خاصة فيما يتعلق بـ"الانتماء الحزبى"، والذى تجدد مع فصل النائب محمد فؤاد من حزب الوفد، وإخطار مجلس النواب بذلك.وأكد "فوزي"، فى تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هذه الإشكالية التي تثار من وقت لآخر، لديه قناعة بشأنها، فى أن الانتماء الحزبى، ليس صفة انتخابية تم على أساسه انتخاب عضو مجلس النواب، ولكن الصفة الانتخابية بحسب قانون مجلس النواب، في المادة 2 والتى نصت على التعريف لكل صفة انتخابية وهما :" الفلاح والعامل والشاب والمواطن ذو الإعاقة، والمصري المقيم في الخارج"، دون أن تتطرق للانتماء الحزبى.وتابع فوزى:" المادة 5 من قانون مجلس النواب تحدثت بشكل واضح عن الصفة الانتخابية فى القائمة، بأن تتضمن كل قائمة مخصص لها عدد 15 مقعدا الأعداد والصفات المتمثلة فى ثلاثة مترشحين من المسيحيين، مترشحين اثنين من العمال والفلاحين، ومترشحين اثنين من الشباب، مترشح من الأشخاص ذوي الإعاقة، ومترشح من المصريين المقيمين في الخارج، وعلى أن يكون من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم سبعة نساء على الأقل، ويتعين أن تتضمن كل قائمة مخصص لها عدد 45 الأعداد والصفات الاتية على الأقل، تسعة مترشحين من المسيحيين، وستة مترشحين من العمال والفلاحين، وستة مترشحين من الشباب، وثلاثة مترشحين من الاشخاص ذوي الإعاقة ، وثلاثة مترشحين من المصريين المقيمين في الخارج".ولفت أستاذ القانون الدستورى، إلى أن القانون فى المادة 2و5، وضحا الصفة الانتخابية التى يتم على أساسها انتخاب عضو مجلس النواب، ولم يتطرق إلى الإنتماء الحزبى، كونه أحد هذه الصفات الانتخابية، مؤكدًا أن تغير الصفة الانتخابية التي عرفها وحددها القانون تطبق عليه القانون بإسقاط العضوية، حيث من يفقد الصفة التى تم انتخابه على أساسها تسقط عضويته وهي بذلك تحافظ على تطبيق المادتين الانتقاليتين فى الدستور وهما 243 ، 244 اللتين أوجبتا على الدولة أن تعمل على تمثيل العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج تمثيلًا ملائمًا فى أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار الدستور على النحو الذى يحدده القانون، ومن ثم ليس له علاقة بالإنتماء الحزبى وتغيره إطلاقًا.وفى رده على الفقرة الثانية من المادة 6 من قانون مجلس النواب، والتى تحدثت صراحة عن الإنتماء الحزبى، وأن العضوية تسقط مع تغيره وتنص على أن يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظًا بالصفة التى تم انتخابه على أساسها ، فإن فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلًا ، أو صار المستقل حزبيًا ، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس" قال د. صلاح:" هذه الجزئية لا يوجد لها ظهير دستورى حيث المادة 110 تنص على أن لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، او فقد أحد شروط العضوية التى انتخب على أساسها أو أخل بواجباتها".وفسر أستاذ القانون الدستورى، أن انعدام الظهير الدستوري لهذه المادة، فى أن طبيعة الأسباب التي تتصل بفقد شروط العضوية تقتضى أن يكون إسقاط العضوية فى هذه الحالة منوطا بسببه وجودًا وعدمًا، بحيث إذا استوفى العضو الشرط الذى تخلف فيه والذى سقطت عضويته بسببه جاز له الترشح مرة أخرى ولو فى ذات الفصل التشريعى الذى أسقطت عضويته فيه، أما النوع الثانى من الأسباب المتعلقة بفقدان الثقة والاعتبار أو الإخلال بواجبات العضوية فإن قرار إسقاط العضوية المبنى عليه يعتبر جزاءً مسلكيًا ينال من صلاحية العضو للترشح فى الفصل التشريعى الذى أسقطت العضوية فيه إلا إذا أصدر المجلس قرارا بإلغاء الأثر المانع من الترشح والمترتب على إسقاط العضوية بسبب الإخلال بواجباتها.وتابع: "وطالما لم يرتب المشرع (مادة 8 من قانون مجلس النواب) الحرمان من الترشح فى ذات الفصل التشريعى بالنسبة لحالة إسقاط العضوية بسبب فقد شروط الترشح ، فالنتيجة أن من سقطت عضويته لهذا السبب يمكنه الترشح على ذات المقعد وفى نفس الفصل التشريعى، ولكن ذلك لن يتحقق إلا بالنسبة للمقاعد الفردية حيث تجرى انتخابات تكميلية على المقعد الفردى ، أما إذا كان خلو المقعد جراء إسقاط عضوية أحد المنتخبين بنظام القوائم فلن توجد انتخابات تكميلية لأن المادة 25 من القانون رقم 46 لسنة 2014 نصت على أن يحل أحد المترشحين الاحتياطيين وفقًا لترتيب الأسماء الاحتياطية من ذات صفة من خلا مكانه".وواصل حديثه:" وفق هذه المقتضيات يبرز وجه من وجوه الإخلال بمبدأ المساواة بين أعضاء مجلس النواب, فلمجرد كون من أسقطت عضويته بسبب فقدان أحد شروط العضوية - و هو مستقل - سيتاح له الترشح على ذات المقعد فى نفس الفصل التشريعى، وأن كان من القوائم فلن تتاح له نفس الفرصة نظرا لتصعيد الاحتياطى من القائمة, و فى هذا إخلال واضح بمبدأ المساواة بين الأعضاء المستقلين والأعضاء فى القوائم، ومن زاوية الأعضاء المنتخبين والأعضاء المعينين ، سنجد أن المادة السادسة من القانون 46 لسنة 2014 إنما تخاطب الأعضاء المنتخبين فقط (..غيّر انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه.. )، ومفاد ذلك أن الأعضاء المعينين بمقدورهم التغيير وهم بمأمن من إسقاط العضوية، وهنا يبرز وجه آخر من أوجه عدم المساواة بين المعينين والمنتخبين.فى السياق ذاته قال أستاذ القانون الدستورى، إن المشتغلين بالقانون والدارسين له يدركون بأن القوانين نافذة ويعمل بها بعد ثلاثين يومًا من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حُدد لذلك ميعاد آخر، وتظل نافذة حتى يقرر المشرع إلغاءها أو أن تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها، ولكننا فى هذا المقام تؤكد أنه من غير المستساغ أن تنسب غايات شخصية إلى السلطة التشريعية لأنها دومًا تستعمل سلطتها فى مجال التشريع لتحقيق المصلحة العامة ولا غاية لها غير ذلك ومن دون إهدار لغاية مخصصة تكون قد رسمت لتشريع معين قائلا:" فى ذلك اهتممنا بدلالة المنطوق و بالمعانى الحقيقية للألفاظ, كما بحثنا عن مقاصد التشريع مؤكدين أنه إذا اتحدت الواقعات تساوت النتائج, كما أن الأحكام تدور مع العلة ولا تدور مع الحكمة منها, حيث لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة حال وجود نص واضح يجعل المعنى قاطعا فى الدلالة على المراد، و المؤكد أن النائب فى البرلمان يمثل الأمة كافة".واختتم أستاذ القانون الدستورى، رؤيته، بالتأكيد على أن المادة 110 من الدستور نافذة بذاته، والمادة 6 من قانون مجلس النواب لابد أن يعاد فيها النظر إبان التعديلات المنتظرة لقانون مجلس النواب، والتغلب على هذه الإشكالية التى لا سند دستورى لها إطلاقا ولا يوجد لها ظهير دستوري، مؤكدًا أن إسقاط العضوية عن نائب البرلمان حدث جلل، وليست بالسهولة التى يراها الناس، منوه على أن الانتماء الحزبي ليس صفة انتخابية، وعضو مجلس النواب، هو نائب الشعب وليس نائب دائرة أو حزب، حيث أننا نتعامل بنظرية الوكالة العامة للبرلمان، وبالتالى عدم مناقشة البرلمان لهذا الأمر لا يترتب عليه أي مسؤولية قانونية أو سياسية، ومن ثم إذا لم يُعمل البرلمان المادة 6 من قانون مجلس النواب فهو أعمل نصا دستوريا والذي يعد أعلى مرتبة قانونية.
مشاركة :