أجرت باميلا كسرواني مقابلة مع سارة زين مديرة البرامج في «العمل للأمل»، لتُطلعنا على عمل المؤسسة التي تسخّر الفنون والثقافة لدعم المجتمعات التي تواجه ظروفًا صعبة وهشة في منطقتنا. عندما تضيق بك السبل، قد تشكّل أحيانًا الموسيقى والسينما والمسرح والكتابة الإبداعية متنفسًا لك. هذا ما أرادته مؤسسة «العمل للأمل» التي انطلقت عام 2013 كمشروع تجريبي وتطورت لتطول عددًا كبيرًا من المجتمعات العربية. فتخبرنا زين: «العمل للأمل مؤسسة تعمل في مجال الثقافة والفنون مع المجتمعات التي تواجه ظروفًا صعبة، وذلك عن طريق برامج لمساعدة أفرادها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المفروضة عليهم، من خلال إطلاق خيالهم وقدراتهم الإبداعية». إطلاق العنان لإبداعهم يتحقق عبر عديد من البرامج التي تعتبر زين أنها تطورت خلال السنوات مع ارتفاع عدد المتقدمين لمتابعة البرامج وعدد الحضور في الفعاليات. وتضيف: «هذا يتناسب مع أهدافنا، ولا سيما أن مخطط البرنامج مبني أساسًا على فكرة التوسع» بغية أن تلبّي النشاطات حاجات المجتمعات التي تعاني ظروفًا صعبة. تملك المؤسسة مكتب عمل أساسيا في بيروت، إلا أن تنفيذ البرامج يتركّز في منطقة البقاع اللبنانية التي تضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين إضافة إلى فرع لمدرسة العمل للأمل في الأردن. معظم المستفيدين من نشاطات «العمل للأمل» هم من السوريين ينضمّ إليهم عدد من اللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين تتراوح أعمارهم بين 16 و70 سنة، بحسب البرنامج الذي يلتحقون به. وما يميز العمل للأمل هو تنوّع برامجها. تعتبر قوافل الإغاثة الثقافية أشهر برامج المؤسسة. وبحسب زين، تم تنظيم 8 قوافل إغاثة ثقافية في لبنان والأردن ومصر وصلت إلى آلاف الأشخاص وتستوعب 100 إلى 150 متدربا. وإضافة إلى التدريب على الفنون، تستجيب لاحتياجات أخرى مثل الخدمات الطبية والإمداد بالطعام. وأطلقت المؤسسة مدرستَي العمل للأمل للموسيقى في البقاع وعمان. وتخبرنا زين أنها تقدم برنامجًا متخصصًا ومنظمًا مدته 18 شهرًا. يتّسع كل فرع لـ25 طالبًا كحد أقصى، يتعلمون النظريات الموسيقية وتاريخ الموسيقى والصولفيج… وتضيف زين: «يمنح الطلاب الخيار لتعلم الغناء أو العزف على آلة موسيقية مثل العود والبزق والأكورديون والكلارينت والساكسفون والتشيللو والكمان والناي والايقاع (..)، وخلال عامي 2016 و2017 قام الطلاب بتقديم 11 حفلة موسيقية حضرها أكثر من 1500 شخص». لا تتوقف علاقة خريجي هذه المدرسة مع الموسيقى هنا، بل إن العديد منهم ينالون تدريبات احترافية أو يؤلفون فرقا موسيقية على غرار «أوج» و«زهورات» و«جواب» وشرق». وللسينما نصيب أيضًا مع مدرسة العمل للأمل للسينما التي تأسست في مارس 2017 في مركز غزة الثقافي في البقاع، والتي تقدم برنامجًا مدته 9 أشهر يختتم بمشروع فيلم للشباب من مجتمعات اللاجئين والمجتمعات المضيفة. وهنا يكتشف الطلاب (16 و25 عامًا) التصوير السينمائي/الفيديو غرافي والرسوم المتحركة وكتابة السيناريو والإخراج وتصميم الصوت. وتخصص «العمل للأمل» برنامج «فاعل» لبناء قدرات المديرين الثقافيين والنشطاء الذين يعملون في ظروف صعبة ويستهدفون المجتمعات التي تمر بأزمات إضافة إلى برنامج الكتابة الإبداعية والحكي الذي تتابعه سيدات من مجتمعات اللاجئين في لبنان. وتتابع زين قائلة: «في ديسمبر 2017 نظمنا النسخة الأولى من مهرجان (أوان) في بيروت لعرض الأعمال الفنية التي جاءت كنتاج برامجنا المختلفة، وحضره أكثر من 600 شخص»، كما تنظم المؤسسة مهرجانًا آخر عنوانه «مساحات الأمل» في برلين لعرض ومناقشة الفن والثقافة السورية. برامج ونشاطات وفعاليات كثيرة قد يرى البعض أنها غير كافية لحل الأزمات والصعوبات التي يواجهها المستفيدون، إلا أن زين تجيب: «لاحظنا منذ أن بدأنا عملنا مع مجتمع اللاجئين والفئات التي تمر بأوضاع صعبة أن تقبله ورغبتهم بالعمل والنشاط الفني والثقافي أكبر بكثير مما كنا متوقعين، كما أن عدد المواهب الهائل الذي نجده كل يوم يدعو إلى التفاؤل. مدارس العمل للأمل توفّر تعليما طويل الأمد وتمكن الطلاب من بناء مستقبلهم وليس فقط وسيلة تعبيرية مؤقتة». وتتابع: إن معظم طلاب مدارس الموسيقى مثلاً يتعلقون بآلة الموسيقية جدا ما ينعكس إيجابًا على حالتهم النفسية والاجتماعية؛ إذ يقضون أوقات فراغهم في العزف منفردين أو مع أصدقائهم أو يعطون دروسًا خصوصية في الموسيقى. إلا أن هذا التفاني والتفاؤل تواجهه بعض العراقيل التي ترى زين أن المشاكل السياسية هي أهمها. وتخبرنا: «مثلاً، عام 2017 تلقى فريق المسرح دعوة للمشاركة في مهرجان إدنبرة الدولي للمسرح في المملكة المتحدة ليعرض مسرحية (الفيل يا ملك الزمان)، ولكن لم يتمكن أعضاء الفريق من الحصول على تأشيرة للسفر، ما أدى إلى شعور بالإحباط». وتضيف: «نواجه أحيانًا صعوبات في المجتمعات التي نعمل فيها، ولا سيما أن معظمهم قادمون من بيئات محافظة لا يناسبهم التمثيل على المسرح أو عزف الموسيقى لأسباب دينية أو اجتماعية». عقبات تبقى «بسيطة» أمام إنجازات وطموحات «العمل للأمل» التي تسعى لتوسيع مدارسها لتطول شريحة أكبر داخل وخارج لبنان، والتي تبذل كل الجهود المتوافرة ليحصل الخريجون على جميع الفرص المتاحة.. فالعمل للأمل لا يتوقف!
مشاركة :