البحث عن صيغة مبتكرة للبيان الوزاري تسهّل تنازلات الفرقاء للحكومة الجامعة

  • 9/3/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قالت مصادر سياسية متعددة لـ «الحياة»، إن الاتصالات الجارية بعيداً من الأضواء حول تأليف الحكومة قد تؤدي الى حلحلة في شروط الفرقاء في شأن شكل الحكومة والحصص فيها، لكن النقاش الفعلي يدور حول البيان الوزاري للحكومة، فإذا جرى حسمه يجرى تثبيت الصيغة الحكومية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل 10 أيام ووافقه الرأي حولها الرئيس المكلف تمام سلام وهي الحكومة «الجامعة» التي تضم جميع الأطراف على قاعدة التساوي في التمثيل بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار والكتلة الوسطية المشكّلة من وزراء سليمان وميقاتي و «جبهة النضال الوطني» النيابية برئاسة وليد جنبلاط، من دون ثلث معطل لأي من الفرقاء مع إحداث مداورة في الحقائب. وأوضحت المصادر لـ «الحياة» أنه حتى الآن لم يترك فريق 8 آذار شروطه حول الصيغة الحكومية العتيدة، بحيث ما زال على مطالبته بتمثيله وفق الأحجام النيابية، لكن هناك آمالاً بالتوصل إلى حل وسط في هذا الشأن بحيث تتخلى قوى 14 آذار عن صيغة الحكومة الحيادية، لمصلحة القبول باشتراكها مع «حزب الله» في حكومة واحدة، على أساس 8+8+8، على أن يقابل «حزب الله» وفريق 8 آذار هذا التوجه بالتخلي عن شرطه الحصول على الثلث المعطل في عدد الوزراء، وهذا ما لم يسلّم به الحزب بعد، فضلاً عن أن «التيار الوطني الحر» لم يسلّم بالمداورة في الحقائب. وتضيف المصادر أن ليونة ظهرت في مواقف الفرقاء إزاء طرح سليمان الحكومة الجامعة، فأخذت قوى 14 آذار تتحدث عن ضرورة التزام «حزب الله» بإعلان بعبدا الذي يقول بالحيادية إزاء الأزمة السورية والمحاور الإقليمية، مع القبول بالاشتراك معه في الحكومة. وتشير المعلومات في هذا الصدد إلى أن نقاشاً حصل بين قوى 14 آذار، بعد التفجيرات التي حصلت في الرويس وطرابلس، والمخاطر من تفجيرات جديدة، وحول ضرورة استيعاب الأوضاع السياسية والأمنية المقبلة عبر حكومة جامعة كما يقترح سليمان، مع ما يعنيه ذلك من تخلٍ عن صيغة الحيادية، وسط الاعتقاد بأن لا مجال للملمة الآثار الضاغطة أمنياً على البلد والعلاقات المذهبية السنّية - الشيعية إلا باشتراك الجميع في الحكومة. حتى أن نائب رئيس البرلمان فريد مكاري كان تمنى أكثر من مرة على حلفائه في 14 آذار الأخذ بفكرة الاشتراك مع «حزب الله» في حكومة واحدة على رغم أنه اتخذ موقفه بصفة شخصية من دون تنسيق مع أحد، بل نتيجة قناعة خاصة بأنه لم يعد ممكناً تحصين البلد إزاء محاولات تفجيره إلا بحكومة من هذا النوع. ومع أن هناك فريقاً في 14 آذار كان يتشدد إزاء اشتراك الحزب في الحكومة ما لم ينسحب من سورية، فإن الفريق الداعي الى التساهل اعتبر أن العامل المستجد المتعلق بالضربة العسكرية الآتية ضد النظام السوري يوجب أكثر اللجوء إلى خيار الحكومة الجامعة، مع «حزب الله» لضمان الحد من الارتدادات السلبية للضربة على لبنان، والتعاون من داخل الحكومة لمواجهة هذه الارتدادات، خصوصاً أن ليس هناك في فريق 14 آذار من يفكر بالاستقواء بأي هجوم أميركي على النظام السوري لإدراك الجميع أن الضربة العسكرية محدودة. فضلاً عن أن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أكد في رسالة إلى اللبنانيين أنها ساعة للوحدة وليس للتباعد. وعلمت «الحياة» أن الأمر اخذ يتجه منذ أول من أمس لمصلحة القبول بصيغة الحكومة الجامعة وفق مبادرة سليمان. إلا أن المحاولات الجارية بعيداً من الأضواء لإيجاد المخارج لصيغة 8+8+8 توقفت عند عقبة صوغ البيان الوزاري للحكومة باعتبار أن رموز قوى 14 آذار كانت أصرت في الإيحاءات عن استعدادها للقبول بها على أن يكون إعلان بعبدا في صلب البيان الوزاري للحكومة، وهو ما رفضه «حزب الله»، وفق المصادر المطلعة على هذه المداولات، وأكد إصراره على تضمين البيان معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي ترفضها قوى 14 آذار. وأوضحت مصادر مواكبة للاتصالات مع قوى 14 آذار أنها ابدت ليونة في موقفها بعد مشاورات مع زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ولأن صيغة الحيادية وحكومة تكنوقراط باتت من الماضي. وتقول مصادر رسمية تسنى لها الاطلاع على جانب من لقاء رئيس الجمهورية مع رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد إن لا جديد في موقف الحزب على صعيد الحكومة. إلا أن المصادر نفسها أشارت الى أن نتائج اللقاء بين سليمان ورعد كانت إيجابية، وتحدث خلاله كل منهما بصراحة وود، وعرض سليمان نظرته بوجوب تشكيل حكومة 8+8+8 من دون الحصول على جواب واضح. وصارح سليمان رعد في موقف الحزب السلبي من بعض خطبه الأخيرة والتدخل العسكري في سورية وإصراره على إعلان بعبدا مذكراً بمواقفه من المقاومة ودورها في مواجهة إسرائيل، ومؤكداً أن انزعاج بعض المحيطين بالحزب من عدم إشارته في عيد التحرير إلى شهداء المقاومة لا يلغي موقفه الداعم للأخيرة، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن مواقفه يجب أن تراعي رفضه اشتراك اي فريق في القتال في سورية سواء في القصير أم في غيرها مثل تل كلخ. وشدد على أن مسؤولياته تحتم عليه حماية البلد من تداعيات الأزمة السورية. وانتهى الاجتماع، وفق المصادر نفسها، إلى تأكيد رعد ضرورة التواصل المباشر بين الحزب وسليمان «ونحن نعرف أن نواياك صافية وكل ما يقال عنك ويُنسب إلينا لا علاقة لنا به، وإذا كانت لدينا من ملاحظات نبلغك إياها مباشرة أو يقولها الأمين العام السيد حسن نصرالله ونحن نفهم أن مسؤولياتك تحتم عليك بعض المواقف». وذكّر سليمان رعد بأنه سبق أن أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حين اتصلا به بأنه مع تمثيل جميع المكونات السياسية في الحكومة اللبنانية ويرفض استبعاد أحد. وإذ تعتبر المصادر أن اللقاء فتح الباب على صلة إيجابية، فإن مصادر أخرى سياسية تقول إن لا بد من التفتيش عن صيغة خلاقة للبيان الوزاري تجمع بين إصرار 14 آذار على إعلان بعبدا وبين حرص الحزب على معادلة الجيش والشعب والمقاومة من دون نسخها حرفياً. وسألت مصادر مراقبة للمداولات الضيقة الجارية في هذا الصدد عما إذا كان قول رئيس المجلس النيابي نبيه بري في كلمته السبت الماضي إن الدولة والجيش والشعب والمقاومة مكّنت لبنان من دحر الاحتلال الإسرائيلي هو محاولة منه لاقتراح صيغة جديدة بحيث تصبح المعادلة رباعية بإضافة عبارة «الدولة» الى المعادلة الثلاثية التي يتمسك بها الحزب، بما تعنيه الدولة من آلية لاتخاذ القرار الرسمي في شأن الحرب والسلم. لكن مصادر أخرى استبعدت ان تفي هذه الإضافة بالغرض. وأشارت الى أن المداولات جارية على نطاق ضيق لابتكار عبارات جديدة ترضي الفريقين وتمهّد لتسهيل التنازلات المذكورة أعلاه.

مشاركة :