شيماء المرزوقي في جلسة نسوية، حدثتني إحدى الصديقات عن ابنتها المريضة التي ترقد في العناية المركزة لعامين متتاليين. تقول هذه الصديقة: طوال عامين وأنا في قلق دائم، أشعر وكأن قطعة ثمينة انتزعت من جسدي، ليس سهلاً على الإطلاق أن ترقد ابنتي في العناية المركزة تحت أجهزة التنفس الصناعي وكأن هذه الأجهزة متحكمة بشكل تام بحياتها.. ثم أجهشت بالبكاء وقالت: الله وحده قادر على كل شيء، فهو من رزقني بها وهو أرحم الراحمين.. طوال جلستنا وهي تحدثني عن التحديات التي واجهتها وعن كمية الألم الذي تحملته وحاولت التعايش معه. حدثتني عن المبالغ الطائلة التي دفعت لعلاج ابنتها ولكن دون جدوى، حدثتني عن عدد المرات التي توقف فيها قلب ابنتها، تقول عن هذه اللحظات بأنها من أسوأ ما قد يمر على الإنسان بأن يقف عاجزاً دون فعل أي شيء. وجود الأم نعمة كبيرة في حياة كل إنسان، فطوال حديثها وأنا أتذكر كم من الألم تعانيه الأمهات المضحيات من أجل أن يكبر صغارهن، وكم سمعنا عن قصص عقوق الوالدين وعن رمي الآباء والأمهات في دور العجزة أو إهمالهم حتى الموت. أعود إلى قصة صديقتي ولكم الألم والصبر الذي تتحمله كل أم في سبيل تربية أبنائها ورعايتهم، وفي المقابل يجازيها ابنها أو ابنتها برميها في دور المسنين أو إهانتها وشتمها وعدم برها. قال الله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا». وقبل أن ينتهي حديثنا قالت مبتسمة: لم أعد أبكي كثيراً ولم أعد أجلس حزينة في الزوايا، علمتني هذه المحنة قيمة مهمة جداً في الحياة وهي الصبر.. الصبر على الابتلاء والاستمرار في الدعاء فهناك رب رحيم مجيب للدعوات. أتوقف عند هذه الكلمات العظيمة التي نطقت بها أم ترقد ابنتها في العناية المركزة طوال عامين متتاليين. وأقول لكم قبلوا أقدام أمهاتكم وعانقوهن، لبوا حوائجهن تقربوا منهن واستمعوا إلى حديثهن،فهو لا يمل، بل يضفي لكم الكثير والكثير من الخبرات المهمة. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :