بنهاية هذا اليوم نطوي آخر صفحة من عام صاخب بأحداث ومفاجآت ومفارقات عصفت بالعالم، قلبت كثيراً من المعادلات، وغيرت كثيراً من الحقائق، وخلخلت كثيراً من الثوابت، كان النصيب الأكبر منها في البؤرة الملتهبة دائماً، منطقة الشرق الأوسط، وعالمنا العربي المضطرب على وجه الخصوص وبما أننا جغرافياً، وجيوسياسياً جزء من هذه المنطقة، لا نستطيع القول إننا كنا بمنأى من هذه الأحداث وتبعاتها، ولكن بكل المقاييس والاعتبارات يمكن دون مبالغة، أو كلام استهلاكي، اعتبار وطننا المساحة التي حافظت على استقرارها وأمنها وسلامة مجتمعها خلال الصخب الذي بلغ ذروته خلال هذا العام. صحيح لدينا تحديات على المستوى الوطني، ولدينا بعض المصاعب، وهناك كثير من الخلل في أداء بعض الأجهزة. هناك برامج تعثرت وأخرى ننتظرها ولم تبدأ، وصحيح أن المجتمع يريد عجلة الإصلاح أن تمضي أسرع في المجالات التي بدأت فيها، ولكن مع كل ذلك، وحين نتلفت يميناً، وشمالا حولنا يتأكد لنا أننا نعيش في نعمة كبرى اسمها الأمن، الذي لو اهتز قليلا في أي مجتمع فإنه لن يستطيع تحقيق أي شيء آخر. وسط ركام الدمار والخوف والهلع والدماء، يكاد وطننا يكون المساحة الوحيدة التي رغم اتساعها يستطيع الإنسان أن يعبرها من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، نهاراً وليلا دون خوف من عصابة أو مرتزقة أو قطاعي طريق. يكاد يكون الوطن الوحيد الذي تظل فيه الأبواب مفتوحة والطرق آمنة، والأعراض مصانة، والأموال محفوظة، إنها نعمة الأمن التي لا يدركها إلا من فقدها. سيظل الاختلاف على كثير من الأمور موجوداً، وسوف تستمر بعض القضايا جدلية وإشكالية، ولن نتوقف عن المكاشفة والنقاش في جوانب شأننا الوطني، لكن الشيء الذي لا بد من الإجماع عليه والاجتماع حوله هو أمن الوطن والسلم الاجتماعي. هذا هو الشيء الذي يجب أن تتوقف كل الخلافات دونه، ويصطف الجميع لحمايته من أي عبث..
مشاركة :