كعادة تنظيم الحمدين، يلعب على كل الأطراف، فما بين الانصياع التام لتوجيهات تل أبيب وجعل قناة الجزيرة في دور المكافح من أجل العروبة، أمرت الدوحة قناتها "الخاصة" بالامتناع عن عرض فيلم وثائقي عن الأنشطة الخاصة بالدوائر المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، مقابل تلميع صورتها في واشنطن وبين الجالية اليهودية. وتقول صحيفة "لوريون لوجور" الناطقة بالفرنسية في تقرير ترجمته "عاجل": إن فيلم "اللوبي" الذي وصف بــ "القنبلة الموقوتة"، يلقي نظرة ثاقبة على الأنشطة الداخلية لجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة. وأوضحت أن الفيلم الذي كان يثير القلق لدى البعض، وينتظره آخرون بحماس، تم إلغاء عرضه إلى أجل غير مسمى من قبل إدارة القناة القطرية، التي اعتادت الحديث عن "الرأي والرأي الآخر". وأشارت إلى أنه في مارس الماضي قال كلايتون سويشر، مدير التحقيقات بـ"الجزيرة"، إن الفيلم الذي يحمل عنوان The Lobby USA لن يعرض على الشاشات، على الأقل في الوقت الحالي. وأكدت أنه كما يوضح تقارير "لوموند ديبلوماتيك" الدوحة، التي تمول الجزيرة، انهارت تحت ضغوط سياسية: عدم بث الفيلم الوثائقي مقابل حصولها على دعم "جزء من اليمين الإسرائيلي". وبينت أن الإمارة الصغيرة هي في وضع إقليمي حساس للغاية في ظل المقاطعة التي فرضت عليها يونيو 2017 من قبل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب "المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر". ونوهت بأنه في ظل عزلتها من قبل جيرانها تسعى قطر للإقامة علاقات خارج منطقة الخليج، ولذلك لا تستطيع الدوحة الإساءة إلى واشنطن وحليفتها إسرائيل. ووفقًا لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، استأجرت قطر جماعات ضغط مسؤوليتها تحسين صورة الإمارة مع المجتمع اليهودي، وأنّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، نفسه تدخل شخصيًا على اتخاذ قرار عدم عرض الفيلم. وتقول "لوريون لوجور" أنها اتصلت بالمسؤولين في قناة الجزيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع للاستفسار عن هذا الموضوع لكنها لم تتلق أي رد، لافتة إلى أن قرار عدم بث الفيلم الوثائقي أثار استياء سويشر، سيزيد من اتهامات القناة، وأنها في الحقيقة "عميل تحت إدارة وسيطرة حكومة قطر". وتبين "لوريون لوجور" أن القصة برمتها كان الممكن أن تنتهي دون أن يشعر أحد، لولا مقاطع من فيلم "اللوبي" سربت عبر الإنترنت نهاية أغسطس على مواقع مؤيدة للفلسطينيين ونشر "لوموند ديبلوماتيك" أيضًا تقريرًا مفصلًا عن هذا الموضوع بعد أن حصلت على تحرير شبه نهائية لمحتوى من الحلقات الأربع للفيلم الوثائقي. وتقول الصحيفة: إنّ الفيلم يتطرق لشخصيات رئيسية مختلفة في الدوائر الأمريكية المؤيدة لإسرائيل تم تصويرها عام 2016 بواسطة جيمس أنتوني كلاينفيلد، وهو شاب من أكسفورد، ويلقب بـ "توني" حيث استطاع التسلل داخل منظمة موالية لإسرائيل ومقرها في واشنطن. وخلال تصوير ما يجير بكاميرا خفية، كشف "توني" النقاب عما يحدث في اللوبيات الموالية لإسرائيل وراء الكواليس مثل التقارب مع الكونجرس الأمريكي أو تنظيم مظاهرات لتشويه سمعة مؤتمر الطلاب الوطنيين 2016 من أجل العدالة في فلسطين، أو مطاردة الطلاب والمدرسين الذين يدعمون مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ، وهي حملة دولية مؤيدة للفلسطينيين تدعو إلى مقاطعة إسرائيل في مختلف المجالات. وتؤكد "لوريون لوجور" أنّ ما سرب عن الفيلم الوثائقي يسلط الضوء على المعركة الدائرة خلف الكواليس بين المؤيدين للإسرائيليين والفلسطينيين في الولايات المتحدة. وذكرت أنّ القناة القطرية كانت بثت بالفعل سلسلة من أربع حلقات حول نفس الموضوع في المملكة المتحدة عام 2017، ويظهر كيف تآمر دبلوماسي إسرائيلي مع مسؤول بريطاني "لإسقاط" آلان دنكان، وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في وزارة الخارجية البريطانية، بعد انتقاده الاستعمار في الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل، حيث شعرت السفارة الإسرائيلية في المملكة المتحدة، بالحرج من هذا التدخل في شؤون دولة أجنبية، واعتذرت وسحب دبلوماسيها.
مشاركة :