حذّرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي المعارضين في حزبها من أن عدم تأييدهم للاتفاق الذي طرحته لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني عدم التوصل لاتفاق، فيما رأى صندوق النقد الدولي في بيان أمس أن «بريكست» بدون اتفاق ستكون «تكلفته كبيرة» على الاقتصاد البريطاني، مؤكداً أن تفاهماً بين بريطانيا والمفوضية الأوروبية حول العلاقات المقبلة بينهما «أساسي» لهذا السبب.وقالت ماي إن البرلمان سيصوّت لصالح أي اتفاق تبرمه مع الاتحاد الأوروبي، ولن يكون هناك إمكانية للتوصل لاتفاق أفضل.وقالت لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في مقابلة أذيعت أمس الاثنين: «عندما يصل الأمر لهذه المرحلة، أعتقد أن البرلمان سيصوّت لصالح الاتفاق لأن الناس سيدركون أهمية الحفاظ على علاقة تجارية جيدة مع الاتحاد الأوروبي، فيما لدينا حرية الاستفادة من مزايا وفرص الخروج من التكتل».ومن المقرر أن تخرج بريطانيا فعلياً من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/ آذار، لكن لم تتضح الأمور بعد، فلم يتم حتى الآن التوصل لاتفاق شامل للخروج، وهدد معارضون من داخل حزب المحافظين بالتصويت ضد الاتفاق إذا تمكنت ماي من إبرامه.وقالت ماي: «أعتقد أن البديل لذلك سيكون عدم وجود اتفاق».وتحيط الشكوك بمصير حكومة ماي وخطتها للخروج من التكتل، بسبب الغموض بشأن قدرتها على الحصول على 320 صوتاً في مجلس النواب بالبرلمان مطلوبة لإقرار الاتفاق، وعززت إشارات صدرت مؤخرا عن بروكسل الأمل في توصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي لاتفاق خروج جيد قبل موعد الانسحاب، لكن تظل هناك خلافات بين الجانبين بشأن خمس تفاصيل الاتفاق تقريباً.وقال رئيس بلدية لندن صادق خان، إذا كان على بريطانيا الآن الاختيار بين اتفاق خروج سيئ أو عدم وجود اتفاق، وهو أمر مدمر، لذلك يتعين أن يحصل الناخبون على فرصة لإبداء رأيهم في استفتاء آخر، ووجّه بوريس جونسون وزير الخارجية السابق انتقادات حادة لخطة ماي للخروج من التكتل.وكتب جونسون في صحيفة ديلي تليجراف يقول: «إذا استمرت مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي في هذا المسار فأخشى أنها ستنتهي بكارثة سياسية استثنائية».وتطرح مقترحات ماي، التي تعرف باسم خطة «تشيكرز» نسبة لمقر إقامتها الريفي الذي وضعت فيه صياغة تلك المقترحات، تصوراً لتجارة حرة للسلع في الاتحاد الأوروبي مع قبول بريطانيا «بقواعد عامة» تطبق على هذه السلع.وقال جونسون: «الأمر برمته يسيء للدستور، إذا تم تبني مقترحات تشيكرز، فسيعني ذلك أن قادتنا وللمرة الأولى منذ عام 1066 سيذعنون لنظام أجنبي»، في إشارة لغزو وقع في القرن الحادي عشر وفرض الحكم النورمندي على إنجلترا.كما انتقد جونسون الطريقة التي تعاملت بها ماي مع المفاوضات بشأن مستقبل الحدود بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا بعد الانسحاب، وهي الحدود البرية الوحيدة بين التكتل والمملكة المتحدة بعد الخروج.وذكرت صحيفة التايمز أن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشيل بارنييه يعمل على طرح مسودة لأنظمة جديدة تفصل كيفية استخدام التكنولوجيا لتقليل عمليات التفتيش على الحدود للحد الأدنى، وأضافت الصحيفة أن الخطة التي طرحها الاتحاد الأوروبي تنص على أن السلع يمكن تعقبها باستخدام أكواد على حاويات الشحن تندرج تحت برامج «للتجار الموثوق بهم»، تديرها شركات مسجلة.ومن جهته، رأى صندوق النقد الدولي في بيان أمس الاثنين أن «بريكست» بدون اتفاق ستكون «تكلفته كبيرة» على الاقتصاد البريطاني، مؤكداً أن تفاهماً بين بريطانيا والمفوضية الأوروبية حول العلاقات المقبلة بينهما «أساسي» لهذا السبب.وقالت هذه الهيئة المالية الدولية إنها تتوقع نمو اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 1,5 في المئة العام المقبل، لكن تقديرات الصندوق قائمة على فرضية التوصل إلى اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام الجاري وبدء مرحلة انتقالية، على حد قوله.وحذر الصندوق في تقريره بينما بلغت المفاوضات حول «بريكست» مراحلها الأخيرة، من أن خروج بريطانيا من الاتحاد في ظروف مضطربة «يمكن أن يؤدي إلى نتيجة أسوأ بكثير».وصرحت المديرة العامة للصندوق كريستين لاجارد في مؤتمر صحفي في لندن «نشجع بريطانيا والاتحاد الأوروبي في وقت واحد على العمل بجد لتجنب طلاق قاس»، سيؤدي على حد قولها، إلى انخفاض النمو وسيشكل عبئاً على المالية العامة ويسبب تراجعاً في قيمة العملة.وترى لاجارد أن أولويتي الحكومة البريطانية يجب أن تكونا التوصل إلى اتفاق تجاري وحول الحدود الإيرلندية، وتابعت أن «ضيق الوقت المتبقي للتوصل إلى اتفاق يطرح إشكالية كبيرة»، بينما تشعر أوساط الأعمال بالقلق من التقدم الضئيل في المفاوضات وتأثير غياب اتفاق على نشاطاتهم، إلا أنها عبّرت عن «تفاؤلها» بشأن إبرام اتفاق.من جهته، قال وزير المال فيليب هاموند الذي تحدث بشكل مقتضب بعد لاجارد، إن «بريكست» بلا اتفاق «يبدو غير مرجح لكنه ممكن»، وأضاف، «علينا أن نولي الاهتمام للتحذير الواضح الصادر عن صندوق النقد الدولي». (وكالات)«دويتشه» ينفي تأسيس كيان جديد في بريطانياأكد بنك «دويتشه بنك» الألماني أمس الاثنين أنه لا يعتزم إقامة كيان تابع له، ربما يكون مكلفاً في المملكة المتحدة/ لمواصلة تقديم الخدمات للعملاء بعد خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، نافياً بذلك ما أورده تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز».ونقلت وكالة «بلومبيرج» للأنباء الاقتصادية عن متحدث باسم البنك القول، في رد بعث به عبر البريد الإلكتروني، على أسئلة تم توجيهها له، إن البنك يعتزم مواصلة العمل في المملكة المتحدة من خلال فرع، وفقا لتوجيهات الذراع التنفيذية ل«بنك إنجلترا».وكانت «فايننشال تايمز» أشارت إلى احتمال أن يقوم البنك بتحويل أعماله في المملكة المتحدة إلى كيان تابع له بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في أعقاب ضغوط من الجهات الرقابية. وأرجعت هذا إلى شخصيات مطلعة على آراء مسؤولي دويتشه بنك.وكان «دويتشه بنك» أعلن العام الماضي نيته جعل فرانكفورت، وليس لندن، مركز الحجز الأساسي لعملاء الخدمات المصرفية الاستثمارية. وقال المتحدث إن هذا يعني «نقل أصول»، وأشار إلى أن هذه العملية «جارية بالفعل بالتفاهم الكامل مع الجهات التنظيمية في كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي». (د ب أ)
مشاركة :