اتفاق وقف حمام الدم

  • 9/19/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قلبت قمة سوتشي التي عقدت الاثنين بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان، كل المعطيات التي كانت قائمة بشأن معركة ادلب التي كانت ستندلع لا محالة بدون التوصل إلى الاتفاق المعلن والذي يتضمن إقامة منطقة عازلة بين النظام السوري من جهة والفصائل المسلحة وتلك التي توصف بالارهابية من جهة أخرى، إلى جانب البنود والتفاصيل الأخري المتعلقة بنزع السلاح الثقيل لكل الفصائل وخروج التنظيمات الإرهابية (النصرة وداعش ومن في حكمهم) نهائيا من المنطقة، من دون تحديد أو معرفة إلى أين سيتجه مقاتلوها، وكل ذلك يفترض أن يتم قبل 15 أكتوبر المقبل.الاتفاق لقي ترحيبا دوليا ومحليا على حد سواء، فبينما رحبت به واشنطن وبرلين ومعهما دمشق وطهران، اعتبرته المعارضة السورية انتصارا لأنه يمنع النظام من استعادة السيطرة الكاملة على سوريا، غير أن هناك من يشير إلى أن النظام سيكون حاضرا وممثلا بمؤسسات الدولة في كل محافظة ادلب بحلول نهاية العام، وفقا لما نص عليه الاتفاق نفسه، وبغض النظر عن الموقف التركي الذي يسعى إلى طمأنة المعارضة، لأن تركيا نفسها تركت نافذة عبر الاتفاق ألمحت فيها إلى إمكانية التعاون مع النظام مستقبلا في إدلب وغيرها. لكن يبقى السؤال لماذا راهنت أنقرة على التوصل إلى تسوية في موضوع إدلب وتحملت مسؤولية إخراج التنظيمات الإرهابية من المنطقة؟.من المفيد التذكير أن نذر الحرب كانت حتى قبل أيام قليلة تتجمع في سماء ادلب، وكانت الحشود العسكرية تتجمع من كل حدب وصوب، فيما العالم يحذر من استخدام السلاح الكيماوي، مشفوعاً بالاتهامات المتبادلة بين روسيا وحلفائها والمعارضة وحلفائها الغربيين حول عمليات تصوير وسيناريوهات وبروفات مسرحية لهجمات كيماوية مفترضة، وكان العالم كله يحذر من إمكانية حدوث أبشع كارثة في القرن الحادي والعشرين. أي أن الحرب كانت أمرا واقعا، وفي الحقيقة كانت تركيا تدرك أن المعركة ستحسم في النهاية لصالح روسيا والنظام السوري، وأنها ستخسر لا محالة نفوذها ليس فقط في ادلب بل الشمال السوري كله، وستفقد مصداقيتها أمام المعارضة، بل ستخسر القيادة التركية مؤيديها في الداخل والخارج، والاهم أنها ستفقد دورها وتأثيرها مرة واحدة في سوريا، بينما ستنتعش الوحدات الكردية وتعود إلى عفرين وإعزاز مجدداً وهذا ما لن تستطيع تحمله أنقرة. من هنا يمكن فهم لماذا استدارت تركيا إلى البحث عن تسوية تنقذ ماء وجهها، حتى في حال الخروج من إدلب ومن شمال سوريا، ذلك أن خيار الخروج باتفاق يختلف تماما عن الخروج عبر هزيمة مذلة. حسنا، اتفاق إدلب منع وقوع حمام الدم الذي كان يخشاه الجميع نظرا لاكتظاظ المنطقة بأكثر من ثلاثة ملايين شخص، ولكن العبرة في التنفيذ والقدرة على ضبط المنطقة العازلة وإن كان ذلك عبر دوريات مشتركة مع الروس، لأن لا أحد يضمن مفاجآت الإرهابيين والخروقات التي سيتعمدون القيام بها، كما أن تركيا نفسها تبقى أمام الامتحان الأصعب وهو إخراج الإرهابيين من محافظة إدلب، وفي ضوء ذلك يمكن الحكم على نجاح الاتفاق من عدمه، وما إذا كان الجميع سيعودون إلى المربع الأول.

مشاركة :