القاهرة - من جديد تتلاعب حركة حماس بالكلمات لتمرر رسالة إلى العالم تدعي فيها تغير خطابها السياسي، وتقديم نفسها باعتبارها الطرف المنفتح في الجسم الوطني الفلسطيني، وهو ما حاول إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي توصيله، الثلاثاء، في كلمته أمام المؤتمر العلمي الأول للحركة في غزة، لكن معاني الكلمات صبت في صالح نفوذ مراكز القوى داخل حماس. وانتقد هنية اتفاق أوسلو قائلا “المؤتمر لن يغرق في ظلام أوسلو وسوف يضيء الطريق للمسارات التي ستتحرك فيها الفصائل الفلسطينية”. ودعا خلال المؤتمر إلى تبني استراتيجية وطنية للعمل على أساسها لمواجهة التحديات التي تحدق بالقضية الفلسطينية، مكوّنة من خمسة بنود هي: الاستمرار في بناء منظومة القوة التي تحمي مشروع المقاومة، العمل على بناء وحدة فلسطينية حقيقية قائمة على احترام مبدأ الشراكة والاتفاقيات الموقعة وبناء البيت الفلسطيني، الانفتاح على كل القوى والدول والتكتلات، العمل على إنهاء حصار قطاع غزة، والعمل من أجل استعادة الأمة لدورها في قضية فلسطين والقدس. وبخصوص التهدئة مع إسرائيل قال هنية إن حماس تريد اتخاذ قرار ينهي الحصار ، وإن “أي تفاهمات لإنهاء الحصار لن تكون مقابل ثمن سياسي، وليس تطبيقا لصفقة القرن، ولا تطالب بنزع سلاح المقاومة”. وأشار هنيّة إلى أن حركة حماس تسعى إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الحصار بشكل متواز، “لكن الربط بينهما متعثر”، مشيرا إلى أن شروط فتح بالمطالبة بكل شيء فوق الأرض وتحتها تثقل المصالحة ولا تؤمن مناخا لتحقيقها، في تصريح صريح على أنه يغلب التهدئة مع إسرائيل. ولفت إلى أن الحركة ستسير في ملف إنهاء الحصار ضمن إطار وطني. واعتبر السياسي الفلسطيني حسن عصفور (عمل لفترة مع الرئيس الراحل ياسر عرفات)، أن خطاب هنية يعكس حقيقة أن حماس تريد الاستيلاء على القرار بمحاولة إقصاء القوى الأخرى، متهما إياها بـ”محاولة إلغاء تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الطويل واستبداله بتاريخ حماس القصير”. Thumbnail وقال عصفور، وهو من معارضي سياسات الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) في تصريحات لـ”العرب” إن “حماس سبب رئيسي فى حصار الشعب الفلسطيني، بسبب طائفيتها وارتباطها بمحاور إقليمية (قطر وتركيا وإيران) ضارة بالقضية الفلسطينية”، واصفا خطاب حماس بـ”السقطة السياسية وبداية لمرحلة قد تعقد كل العلاقات الوطنية”. وحول سبب تمسك حركة حماس بالتهدئة قبل المصالحة الفلسطينية، قال عصفور لأنها تدرك أن الرئيس أبا مازن “اختار طريق اللا مصالحة ولن تتحقق في عهده لأن شروطه التي يطرحها معرقلة جراء تمسكه بالتمكين الكامل من غزة وتوصيفه لكتائب المقاومة الفلسطينية بالميليشيات”. وتلجأ حماس إلى المرونة الظاهرة تحت وقع ظروف معينة، فالحركة تختار أسلوبها في المرونة والتشدد، بشكل يرتبط بما تحققه من مصالح سياسية، فتغلب هذا أحيانا وتخفي ذاك في أحيان أخرى. وأشار أكرم عطاالله، المحلل السياسي الفلسطيني، إلى أن خطاب هنية يندرج في سياق المحاولات التي لجأت إليها حماس في السنوات الأخيرة للتواصل مع العالم ومنها تغيير وثيقتها، والتي عرقلتها الأيديولوجية التي تتمسك بها، ما تسبب فى أزمة حقيقية خاصة بعلاقاتها مع الخارج. وانتقد طلال عوكل، الكاتب الفلسطيني، سلوك حماس الذي يختلف مع الكل الفلسطيني حول الأولويات، ومنها إنجاز المصالحة التى تعد أولوية لمواجهة صفقة القرن الأميركية من خلال تبني موقف فلسطيني موحد. وحذر في تصريحات لـ”العرب” من استمرار تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية، وهو الخيار الذي تسعى له الولايات المتحدة وإسرائيل، ودخول القطاع عبر بوابة تدهور الوضع الاقتصادي، بينما الهدف سياسي، وهو عزل غزة عن الضفة. ورجح عوكل رغبة قيادة حماس في الرهان على تهدئة عملية من دون التوقيع على اتفاق، وهي رغبة إسرائيلية أيضا، تفتح الباب للسماح بدخول الأموال والمساعدات إلى غزة، عبر مؤسسات دولية عاملة في القطاع وعرقلة جهود إنجاز المصالحة التي تقودها مصر. وتوقف الكاتب الفلسطيني، عند تقديرات حماس الفئوية التي تبحث عن كيفية الاستمرار في السيطرة على القطاع بأي وسيلة أو ثمن، والحصول على محاصصة كبيرة في منظمة التحرير، وعدد من المؤسسات الوطنية الفلسطينية، بأقل ضريبة ممكنة.
مشاركة :