نيودلهي - وافقت حكومة الهند الأربعاء في خطوة تاريخية على حظر الطلاق الشفوي بالثلاث، وأقرّ مجلس الوزراء الهندي أمرا تنفيذيا بتجريم الطلاق الشفهي بالثلاث، في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء لخطب ودّ الناخبات المسلمات. وبات بذلك يحظر الطلاق بالثلاث حظرا تاما في بلد غالبا ما تشتكي المسلمات فيه من أنّهن طُلّقن عبر رسائل قصيرة أو تطبيقات من قبيل “واتسآب”، ما يحرمهن من المطالبة بتعويض قانوني. وكان مجلس النواب الذي يسيطر على أغلبية مقاعده حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بزعامة رئيس الحكومة نارندرا مودي، قد اعتمد تشريعا يحظر هذا النوع من الممارسات في ديسمبر الماضي، غير أن تمرير هذا التشريع عُرقل في مجلس الأعيان، ما دفع الحكومة إلى إصدار مرسوم تنفيذي الأربعاء. ولا يحتاج هذا المرسوم سوى لموافقة الرئيس كي يصبح قانونا. وقال وزير القانون الاتحادي الهندي رافي شانكار براساد إنه رغم قرار المحكمة العليا العام الماضي اعتبار أن “الطلاق بالثلاث في لفظ واحد غير دستوري، فإن هذه الممارسة قد استمرت”. وأضاف” شعرنا أنا هناك حاجة ملحة لإصدار مرسوم”. وكشف أن الحكومة رصدت وقوع 440 حالة طلاق من هذا النوع في الفترة من يناير 2017 وحتى سبتمبر 2018، وقعت 239 منها قبل حكم المحكمة و201 بعدها. وذكر أن هذا الطلاق عادة ما يقع لأسباب واهية مثل حرق الخبز أو الاستيقاظ في وقت متأخر، واتهم أحزاب المعارضة بتعمد الامتناععن وضع نهاية “لممارسة تعسفية وغير دستورية”، وقال إن مجلس الوزراء أقرّ الأمر التنفيذي لأن هذه الممارسة استمرت رغم صدور حكم قضائي بمنعها. الحكومة الهندية رصدت وقوع 440 حالة طلاق من هذا النوع في الفترة من يناير 2017 وحتى سبتمبر 2018 ويشكل المسلمون 14 بالمئة من إجمالي عدد سكان الهند البالغ 1.25 مليار نسمة، يحكمهم قانون أحوال شخصية تستند إلى الشريعة إلى حد ما. وفي أغسطس 2017، أعلنت المحكمة العليا في الهند أن الطلاق بالثلاث مخالف لأحكام الدستور وطلبت من الحكومة إصدار قانون في هذا الصدد. وما تريد الحكومة الهندية علاجه في هذا الموضوع، يتعلق بحق من حقوق المرأة، فالرجل قد يغضب أو يواجه موقف ما، لم يتأنّ به، فيتلفظ مفردة الطلاق، التي تصبح قانوناً، بينما الطلاق في المحاكم، وأن يكون عقداً مكتوباً يعطي فرصة لمراجعة الرجل نفسه. ويعني الطَّلاق الشفوي أن يتلفظ الزوج بكلمة طالق بالثلاث على زوجته، وبسماعها للفظ تُحرم على زوجها، وهو من حق الرجل فقط، وليس من حق النساء، والمذاهب السُّنية الأربعة تقرّ هذا الطلاق، وتعتبره من مفردات الشريعة الإسلامية، غير أن مذاهب إسلامية أُخرى، مثل الشيعة الإمامية، لا تقرّ الطلاق بالشفاه، بل أن يكون مكتوبا وبوجود شهود، بينما لم يشترط المذهب الأخير وجود الشهود في الزواج، مثلما تشترطه المذاهب السُّنية. إلا أن بعض المذاهب اعتبرت أن طلاق الرجل لزوجته يتم حتى بالكناية عن الطلاق، كقولها أُخرجي من بيتي، فإذا كانت هذه العبارة مدعومة بنية الطلاق يقع الطلاق، كذلك البعض اعتبر تلفظ الزوج العاقل بصيغة الطلاق يقع وإن كان هازلاً. ويقول الفقهاء يقع الطلاق الشفوي ثم يُكتب بعد ذلك، وهذا من حق الرجال دون النساء. رافي شانكار براساد: الطلاق الشفوي عادة ما يقع لأسباب واهية مثل حرق الخبز رافي شانكار براساد: الطلاق الشفوي عادة ما يقع لأسباب واهية مثل حرق الخبز ويثير الطلاق الشفوي الذي لا زال منتشرا في بعض الدول الإسلامية من بينها مصر، جدلا واسعا بين علماء الدين، فمنهم من يرى أنه لا يقع إلا بشهود وتوثيق، ومنهم من يرى أنه يقع دونهما، وطالب العديد من مشايخ الأزهر بالإشهاد على الطلاق لتحقيق المصلحة، وإبعاده من أن يكون نتيجة غضب. ومن جانبها قطعت هيئة كبار علماء الأزهر الشريف الطريق نهائيا أمام هذا الجدل، مؤكدة وقوع الطلاق الشفوي المستوفي لأركانه وشروطَه، والصادر من الزوج عن إرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، دون شهود أو توثيق. وقالت إنها ترى أنَ ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعييه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علماً بأن كافة إحصاءات الطلاق المعلن عنها هي حالات مثبتة وموثقة سلفا إما لدى المأذون وإما أمام القاضي، وأن العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكل أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجاد، لتوجيه الناس نحو احترام ميثاق الزوجية الغليظ. وفي المقابل رأى الدكتور سعدالدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن الأضرار الناتجة عن الطلاق الشفوي تنذر بتدمير المجتمع وهدم الحياة الأسرية، مطالبا مجلس النواب بطرح القضية للنقاش المجتمعي. وبيّن أن رأى الأزهر استشاري بالنسبة لمجلس النواب وغير ملزم له، كما وحذر من أن “أوصياء الدين” يحاولون فرض سيطرتهم على الناس، منذ عصر العثمانيين، ويظنون أن لهم السيادة على المواطنين. وأشار إلى أن الأضرار الناتجة عن الطلاق الشفوي كثيرة جدا وتنذر بتدمير المجتمع وهدم الحياة الأسرية وإهدار حقوق الزوجة، لذلك يتوجب على مجلس النواب طرح الموضوع للنقاش المجتمعي. وأوضح حقوقيون أن هذه الخطوة التي اتخذتها الهند تعتبر خطوة جريئة تحفظ بها حقوق المسلمات من استسهال الأزواج للطلاق والتخلي عن مسؤولياتهم الأسرية تجاه الزوجة والأبناء، وشددوا على أن مثل هذه الممارسة تساهم في تفشي الطلاق وما له من آثار مدمرة للأسر والمجتمعات.
مشاركة :