أحمد بن طولون هو مؤسس الدولة الطولونية في بلاد الشام ومصر والحجاز، هو جندي مملوكي تركي، وأهداه ملك بخارى إلى الخليفة العباسي المامون، وكان والده من الموالي، وبسط نفوذه حتى الشام والحجاز، لتكون بداية ظهور نفوذ الأتراك. سيرته:ولد أحمد بن طولون في عام829 ميلاديًا، ونشأ نشأة دينية، كره أفعال الاتراك المنكرة، حيث كان عاقلًا ومتعصبًا، كان بارا بالمسلمين، واكتسب في ثغر طرسوس حياته العسكرية والسياسية،حظي بحب واحترام الأتراك لخلافته، وفوض إليه الخليفة المتوكل المهام التي كان يقوم بها أبيه إليه بعد وفاته، ليحظى بعد المتوكل بولائه للخليفة المستعين ويكسب ثقته.تزوجت والدة احمد بن طولون بعد وفاة من الأمير بايكباك التركي، الذي كان يعمل واليًا لمصر، حيث أوكل زوج أمه إليه مهمة ولاية الصلاة في مصر بالنيابة عنه.ساعد تعرض الأمير بايكباك للقتل في دعم وتثبيت حكم أحمد بن طولون في مصر، وخصوصًا بأن يارجوج صديق إبن طولون، والتي كانت تربطهما علاقة مصاهرة طيبة، تولى حكم وولاية مصر بعد أخيه، الذي شجع ابن طولون ودعم خططه ليستخلفه على كل مصر، غير أن مهمة الخراج التي بقيت بيد احمد بن المدبر الذي كان منافسًا لأحمد بن طولون، وقد تقدم ابن طولون بطلب للخليفة المهتدي بإقالة احمد بن المدبر وإعفائه من مهمة خراج مصر، وتوكيله بها، ليوافق الخليفة بتوكيل ابن طولون بالمهمة إلى جانب توليه مهمة الثغور الشامية التي وقع بها اضطراب.أصبح ابن طولون الحاكم الشرعي لمصر، بعد وفاة يارجوخ في عام 873 م، وتولى حكم برقة والإسكندرية، وبايعه أمراء الكور موالين له بالطاعة.واجهت الدولة الطولونية ثلاثة ثورات الأولى كانت ثورات العلويين بثورة بغا الأصغر وقائدها أحمد بن محمد بن عبد الله طباطبا، الذي قدم مع أتباعه من العراق إلى منطقة بين برقة والإسكندرية، وقد قضى عليها ابن طولون، لتقوم بعدها ثورة ابن الصوفي العلوي، والتي قادها إبراهيم بن محمد بن يحيى الذي قيل عنه يتبع لسلالة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقام بأعمال نهب وسلب في مصر، مما دفع ابن طولون لتسيير جيشه الذي انتصر وقضى على ابن الصوفي، لتنطلق ثورة العمري التي هزمها ابن طولون أيضًا وقضى عليها.امتدت الثورات ضد احمد بن طولون إلى مدينة برقة، والتي قام أهلها بالثورة عليه وطرد نائبه منها، مما جعل ابن طولون يسير جيش بقيادة القائد لؤلؤ، حيث قضى على الثورة بعد أن حاصر المدينة ليستسلم أهلها لابن طولون.آخر الثورات وأصعبها على نفسه ثورة ابنه العباس بن احمد بن طولون في الشام ومصر، حيث تمكن من القضاء على الثورة والقبض على ابنه وحبسه حتى فارق الحياة في عهد وحكم أخيه خمارويه بن احمد بن طولون.قام أحمد بن طولون في عام 870م بتأسيس مدينة القطائع الواقعة بين الفسطاط وتلال المقطم، ويعزى سبب تسميتها بهذا الاسم بأن سكانها شكلوا وعمّروا قطائع مثل قطيعة الروم، قطيعة السودان، وقطيعة الفراشين، وبنوا الطواحين والمساجد والحمامات، لتصبح مدينة مهمة وكبيرة، وقد بنى بها ابن طولون قصرًا فخمًا، وشيّد حول القصر ثكنات عسكرية لجيشه وحاشيته وجنوده، كما بنى مسجد يجمع بين القطائع لا تصله نيران ولا تأتي علية الفيضانات ولا تهدمه.أشاد ابن طولو البيمارستان أي (مستشفى)، وذلك لعلاج الفقراء مجانًا، كما أنشأ صيدلية لصرف الدواء بدون مقابل، وقد دأب ابن طولون على تفقد ومتابعة البيمارسان وعلاج المرضى حتى الشفاء.قام ابن طولون ببناء القناطر المائية، لتسيير إلى خدمة القطائع وسكانها.بنى احمد ابن طولون المسجد الثاني مسجد التنور على جبل يشكر، وبه مئذنة تشعل النار بها لتدل وتهدي الناس ليلًا على الطريق.شجع احمد بن طولون الزراعة وزيادة المحاصيل الزراعية، حيث قام بإصلاح القنوات والترع التي تسقي المزروعات والبساتين، وساعد برفع الضرائب وتخفيفها عن الفلاحين، وترخيص أسعار الحبوب عليهم لتشجيعهم على الزراعة والإنتاج.ساعد ابن طولون في إزدهار الصناعات في مصر، مثل صناعة الكتان والمنسوجات الصوفية والمطرزة.قام ابن طولون بإصلاح مقياس روضة النيل، المقام على زمن والي مصر أسامة بن زيد التنوخي في عام 715 ميلادي، الذي يفيد في قياس إرتفاع منسوب مياه النيل، كما عمل على تشييد حصن الروضة المنيع في جزيرة الروضة، واستعمله كمعقلًا له من الأعداء.تعرض احمد بن طولون لمرض أصابه أثناء حصار طرسوس، مما دفعه للعودة إلى مصر، حتى توفي في العاشر من مايو عام 883 ميلاديًا.
مشاركة :