نوقشت مؤخرًا تحت إشرافنا وإشراف مشارك د. سلوى أبوالعلا الشريف بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة المنيا ومشاركة أ. د. عزة عبدالعزيز عثمان، رئيس قسم الإعلام بآداب سوهاج، ود. فاطة الزهراء صالح، الأستاذ المساعد بالقسم نفسه، رسالة الدكتوراه المميزة التى أعدتها الباحثة آلاء ماهر خفاجة، وعنوانها: «التفاعلية بالمواقع الإخبارية والشبكات الاجتماعية وعلاقتها بمستوى المشاركة الاجتماعية والسياسية والثقافية: دراسة تحليلية وميدانية على عينة من النخبة النسائية العاملة بالصعيد».حاولت الباحثة من خلال هذه الدراسة معرفة كيفية استخدام المرأة العاملة بالصعيد -النخبة منهن- للمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعى، سواء كوسيلة أو كسبب أو كمنصة لعرض الرؤى والأفكار والنشاطات المختلفة، عن طريق تفاعلها ومشاركتها على المواقع الإخبارية والشبكات الاجتماعية، وتأثير هذا التفاعل على المشاركة الاجتماعية والسياسية والثقافية فى بعض القضايا المحيطة بها، ومعرفة مدى ثقتها فى التعامل مع المضامين المقدمة وأنماط وأشكال التفاعل والمشاركة الإلكترونية، وما التحديات والفائدة المتحققة لديها من التواصل المعلوماتى من خلالها، وبأى شكل يعود ذلك على مسيرتها المهنية، وتأثير الموروث الثقافى لمجتمع الصعيد على تعامل هذه الفئة مع المجتمع التفاعلى للإنترنت، وعلى تناول قضايا الصعيد من قِبَلَهُن.وقد سعت الدراسة إلى استكشاف ذلك كله من خلال تحقيق الهدف الرئيس للدراسة المتمثل فى رصد مستوى التفاعلية بالمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعى بأبعادها المختلفة، وتوصيف أدواتها من منظور مقياس التفاعلية الوظيفية، ومقياس التفاعلية المدركة لدى عينة الدراسة، ومقياس المشاركة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وباستخدام منهج المسح لمفردات العينة، وباستخدام أداتى تحليل المضمون والاستبيان.وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج المتعلقة بالدراسة التحليلية والدراسة الميدانية بناء على التحليل الكيفى للمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعى عينة الدراسة، وفقًا لمقياس «كارى هييتر» للتفاعلية الوظيفية، وبناء على الدراسة الميدانية لعينة الدراسة من السيدات العاملات بالصعيد.ومن أهم ما توصلت اليه الدراسة أن المواقع الإخبارية مازالت ينقصها الكثير لتوفير كل الأدوات التفاعلية أو للتساوى مع شبكات التواصل الاجتماعى على الأقل؛ فلم توظف المواقع الاخبارية أدوات تفاعلية تحقق الاستجابة للجماهير بشكلٍ كافٍ. فالتفوق هنا كان لصالح شبكات التواصل الاجتماعى. ودلت النسب العالية لبعد «تقليل الجهد الذى يبذله المستخدم» أن المستخدم لم يعد يبذل جهدًا كبيرًا أثناء التعامل مع المواقع الاخبارية وشبكات التواصل الاجتماعى، مع وجود أدوات تفاعلية مثل التصنيف، وتخصيص التصنيف.. إلخ، وأعطت النتائج مؤشرًا آخر يدل على المتابعة والآنية بفضل عنصر التحديث بشكل مستمر. ودلت النتائج على أنه ما زالت هناك فجوة بين القائمين على المواقع الإخبارية، والجماهير المستخدمة لها، وذلك بسبب عدم تقديم أدوات تسهل الاتصال الشخصى بشكلٍ كافٍ.وأظهرت النخبة النسائية العاملة بالصعيد أنهن يملن إلى شبكات التواصل الاجتماعى أكثر من المواقع الإخبارية متفقةً بذلك مع كل فئات المجتمع المدروسة من قبل، والتى تميل إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى بشكلٍ يومى، حيث وجدت المرأة العاملة بالصعيد فى هذه الشبكات متنفسًا لها للتعبير عن الرأى والمشاركة فى القضايا المختلفة وفِكاكًا من القيود المجتمعية فى مجتمع الريف، وإن كن قد تحفظن قليلًا ووجدن من العيب التواصل مع غرباء وبعضهن فضلن إخفاء هويتهن فى هذا العالم الافتراضى.ومن مجمل أفراد العينة من النخبة النسائية العاملة بالصعيد لم تشارك منهن إلا نسبة قليلة جدًا لم تتجاوز 3.6%، على أرض الواقع فى الأنشطة والمسيرات والوقفات التى دعت إليها أو نظمتها المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعى، واستخدمن المواقع الإخبارية لشبكات التواصل الاجتماعى لمساعدتهن على إقناع الناس بالمشاركة وإبداء الرأى والانضمام إلى الفعاليات المختلفة، حيث كن أيضًا من المشاركات بعمل دعوات وتنظيم فعاليات للأنشطة المختلفة. واستخدمنها لرفع الصور ومقاطع الفيديو عن الفعاليات المختلفة وكتابة ملخصات عما قمن به.وإن كان ذلك لا يعنى بالضرورة امتناعًا أو سلبية باقى أفراد العينة عن المشاركة فى القضايا والأحداث المجتمعية، ولكنهن فضلن أن يفعلن ذلك بشكلٍ افتراضى وبشكل واقعى مع بعض القضايا ولكنهن فضلن القيام بها دون الرجوع إلى الفعاليات التى تدعو إليها المواقع الإخبارية أو شبكات التواصل الاجتماعى.لم تُظهر أى من المبحوثات أيضًا تحمسهن لمناقشة قضايا المجتمع الصعيدى عبر الإنترنت، وباستقراء السياق الثقافى وُجد أن طبيعة المجتمع الصعيدى ذكورية خاصة فيما يتعلق بمناقشة وحل قضايا الثأر والنزاعات العائلية.. إلخ، ولذلك كان من الطبيعى ألا يكون هناك حضور نسائى لمثل هذه النوعيات من القضايا، سواء فى العالم الافتراضى أو العالم الواقعى.وعرضت الباحثة فى نهاية الدراسة أهم المقترحات التى توصلت إليها من خلال الدراسة التحليلية والميدانية، وهى على النحو التالى:البحث فى أهمية التفاعلية على شبكة الإنترنت، خاصةً فى شبكات التواصل الاجتماعى بكل أنواعها، لما تتيحه من مجال للتعبير عن الرأى والمشاركة فى تشكيله، وبأشكال جديدة ومختلفة عن الإعلام التقليدى. ضرورة تبنى المواقع التفاعلية، الأدوار المهمة فى المجتمع، مثل: التنشئة والمسئولية والتوعية الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والدينية،.. إلخ. ضرورة اهتمام النُخب الأكاديمية والثقافية والسياسية بالمواقع التفاعلية، واعتبارها منصات مجانية وسريعة الانتشار وسهلة الاستخدام للتواصل مع كل الفئات المراد الوصول إليها فى المجتمع، أسوةً بالنُخب فى الدول الأجنبية، خاصةً أثناء الأحداث المهمة، مثل: الانتخابات والمؤتمرات والفعاليات المختلفة.ضرورة اهتمام الباحثين بتوسيع نطاق البحث على العينات المختلفة، لتشمل كل فئات المجتمع، وبذلك يمكن فعلًا تعميم النتائج على كل الفئات، فى حالة فهم طبيعتهم، وبذلك يمكن فهم هوية كل مجتمع.الإكثار من الدراسات التى تهدف إلى شرح طبيعة الإنترنت عامة، والمواقع التفاعلية خاصة، والاهتمام بنشرها على نطاق واسع، لرفع مستوى الوعى بها، وثقافة التعامل معها.الاهتمام بدراسة مخاطر التفاعلية على شبكة الإنترنت، والاهتمام بنشر نتائج الدراسات، على مستوى واسع لتوعية المتخوفين من التعامل مع المواقع التفاعلية، وإرشادهم إلى حسن التعاطى معها، وكيفية التصرف فى حالة الوقوع فى أخطاء أو التعرض للمضايقات والمشاكل، وكذلك طمأنة الفئات المتخوفة من التعامل مع المواقع التفاعلية، وتشجيعهم على التعامل مع لغة العصر.
مشاركة :