صناعة الفخار من أقدم الحرف اليدوية، وتعتمد صناعتها على الطين، حيث يحوّل الطين إلى مادة صلبة عن طريق الحرق فى الأفران، لتتشكل بعد ذلك فى أشكال فنية مبهرة. ومن يشكلها فنانون مهرة، منهم نهلة مصطفى إسماعيل، ٢٠ عامًا، فتاة جامعية صغيرة السن من محافظة الفيوم، عشقت الحرفة وتعلمتها منذ صغرها، بدايتها كانت فى مدرسة «إيفيلين» بقريتها «تونس»، وهى قرية تجذب الكثير من السياح لزيارتها بل يطلق عليها البعض «سويسرا الصغرى» لجمالها حيث يكسوها دومًا اللون الأخضر. تقول نهلة: «تعلمت صناعة الفخار فى المرحلة الابتدائية، وعشقتها منذ صغري، البداية كانت حينما لاحظ أشقائى وعمى عشقى صناعة أشكال من الطين، فبدأ عمى يأخذنى معه لورشته التى كان يصنع فيها الفخار، فتعلقت بالحرفة وأردت احترافها. وتضيف قائلة: "واجهت صعوبات وانتقادات عديدة ومعى فتيات القرية اللاتى أحببن الحرفة مثلي، حيث كان والدى خاصة حينما وصلت للمرحلة الثانوية يمنعنى من الذهاب للورشة للتركيز فى دراستى لكن بفضل إصرارى ومساعدى عمى صاحب ورشة الفخار بالقرية، واصلت ما أردته فقد تعلمت فنون الحرفة على يديه، وأتقنتها لدرجة أنه سمح لى بنصيب ثلث الربح العائد من الورشة، بعدما زاد اعتماده علىّ فى إدارة الورشة، وأصبح تحت يدى كثيرون أقوم بتعليمهم من فتيات القرية". وتستطرد نهلة، قائلة: "الأمر زاد صعوبة بعد انتهائى من المرحلة الثانوية والتحاقى بقسم اللغة العربية بآداب الفيوم، حيث زادت المتطلبات وضرورة الوجود فى المنزل وقت الظهيرة، والانتهاء من الواجبات الدراسة التى تحتاج الكثير من الوقت، لذلك كنت أنتظر إجازة الصيف على أحر من الجمر، لأتفرغ للحرفة التى شغفتنى حبًا، ورغم أننى لم أكن قادرة على المشاركة فى المعارض والمسابقات للتقاليد والعادات السائدة فى القرية، فإن ذلك تغير بمرور الوقت خاصة بعدما تكاثرت ورش صناعة الفخار فى القرية وزاد إقبال الفتيات عليها، بل أصبح هناك مهرجان سنوى تقيمه الفرية لتلك المهنة، يشارك فيه مسئولو المحافظة وشخصيات عامة وفنانون من مختلف الدول تخصصوا فى تلك الحرفة، وأصبح بمرور الوقت من أهم المهرجانات السياحية بالمحافظة". وتؤكد نهلة أنها لعبت دورًا مهمًا فى البدايات خاصة أنها كانت الوحيدة من بين الفتيات فى التعليم الجامعى، مضيفة أنها تولت مع أخريات جمع المال من أهالى القرية لطبع إعلانات بانرات لتكون دعاية للمهرجان، مضيفة أنها إلى جانب تخصصها فى صناعة الفخار، قامت بإعداد دبلومة فى تخصصها بكلية الآداب، وأنها ستواصل دراستها العليا حتى تحصل على الدكتوراه. وتضيف أنها ستواصل العمل فى صناعة الفخار، مؤكدة أن زيارات الوفود الأجنبية للقرية لا تنقطع، وأنهم دومًا ينبهرون بما يفعله أبناء قرية «تونس»، لافتة إلى أن شقيقتها التى تصغرها بعامين وتدرس بالمعهد العالى للعلوم الإدارية بالقاهرة عشقت المهنة منها، مضيفة أنها حينما تتزوج فإنها تأمل من زوجها أن يساعدها فى عشقها لصناعة الفخار، حيث هوايتها المفضلة، كما أنها تحقق ربحًا جيدًا.
مشاركة :