قرر العملاق الصناعي الصيني «إتش إن آي» بيع حصته من الأسهم في المصرف الألماني «دويتش بنك» والتي تصل إلى 7.6 في المائة، ويعتبر أكبر حامل لأسهم هذه المؤسسة المالية الألمانية. ويأتي هذا القرار في فترة يواجه فيه «دويتش بنك» أوقاتا صعبة جراء عملية إعادة هيكلته المعقدة التي تطغى عليها نتائج مالية مخيبة للآمال ترافقه منذ نحو تسعة شهور على التوالي. وحسب آراء خبراء ماليين ألمان يرتبط قرار الشركة الصينية ببيع أسهمها بضغوط تمارسها عليها حكومة بكين التي تطلب منها إعادة تمركزها في أعمال النقل الجوي وكل ما يتعلق بها من أنشطة فرعية. وفي هذا الصدد يقول إيفو بوشلر، الخبير المالي في فرانكفورت، إنه من غير الواضح بعد كيف ستتم عملية بيع الشركة الصينية لحصتها في «دويتش بنك» ومتى. وفي الوقت الحاضر ما زال الطرف الصيني يحتفظ بحق التصويت الكامل في مجلس إدارة المصرف الألماني، الذي تعاني قيمة سهمه في مؤشر «دي جي ستوكس» من تقلبات حادة تجعل حملة أسهمه والمستثمرين يراقبونه عن كثب يوما تلو الآخر. وما يجدر ذكره أن شركة «إتش إن آي» تمتلك أسهما في أنشطة تجارية وشركات عالمية يقدر إجماليها بأكثر من 40 مليار دولار. ويضيف بوشلر القول: «منذ بداية العام انخفضت قيمة سهم مصرف «دويتش بنك» نحو 40 في المائة. كما أن خروج شركة (إتش إن آي) الصينية سيغذي إمكانات دمجه بمصرف آخر محلي أو دولي. وسيكون لحكومة برلين دور طليعي في تقرير مصيره. وعلى الأرجح سيتم دمجه بمصرف (كوميرس بنك) الألماني». ويختم الخبير المالي: «في شهر أبريل (نيسان) الماضي عرض كريستيان سوينغ المدير المفوض الجديد في مصرف (دويتش بنك) خطة لإعادة هيكلة المصرف. وفي الربع المالي الثاني من هذا العام قررت إدارة المصرف تسريح 1700 موظف، خصوصا العاملين في قطاع الصيرفة الاستثمارية. ولغاية نهاية العام من المتوقع تسريح 2300 موظف إضافي». وحسب تقديرات باتريك جوردان الخبير البريطاني في الشؤون المصرفية الأوروبية فإن شركة «إتش إن آي» ستبيع حصتها في مصرف «دويتش بنك» تدريجيا خلال الشهور الـ18 القادمة. ويضيف أن الأسواق المالية متشائمة بخصوص توقعات أرباح «دويتش بنك» المستقبلية. وتعود أسباب هذا التشاؤم إلى سوء إدارته والمشكلات الداخلية التي طالت قطاعي الخدمات المصرفية للشركات والصيرفة الاستثمارية. وبسبب تراجع أرباحه بصورة مقلقة مقارنة بالمصارف المنافسة الأخرى عمد مصرف «بنك أوف أميركا ميريل لينش» على تخفيض التصنيف الائتماني للبنك الألماني من «حيادي» إلى «ما دون التوقعات». ويختم: «في الشهور الأخيرة تلقت شركة (إتش إن آي) دعما ماليا من الحكومة الصينية لمواجهة ديونها المتراكمة المتعاظمة التي جعلتها عرضة لضغوط هائلة في الأسواق الأميركية. في المقابل طلبت بكين منها التخلي عن أعمالها غير الرئيسية ومن بينها شراكاتها الرئيسية مع مؤسسات مصرفية أوروبية مثل «دويتش بنك» للتركيز على أعمال النقل والسياحة». ومنذ بداية العام تخلصت شركة «إتش إن آي» من أصول وصل إجمالي قيمتها إلى 17 مليار دولار. وشملت عمليات البيع 25 في المائة من الأسهم التي كانت تمتلكها في سلسلة فنادق «هيلتون هولدينغز». علما أن أصولها الكلية في كل أنحاء العالم تبلغ 230 مليار دولار. أما عملية بيع أسهمها في مصرف «دويتش بنك» فستدر عليها مليارات من الأموال الطازجة التي ستحتاجها للتخفيف من ديونها من جهة، والتمركز بصورة تنافسية في قطاع النقل الجوي والسياحة من جهة ثانية.
مشاركة :