فيما قال مصدر من حزب الأغلبية بالجزائر «جبهة التحرير الوطني» إن تعديل الدستور سيكون قبل نهاية مارس (آذار) المقبل، أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عزمه إدخال تغيير على القانون الأعلى في البلاد، خلال 2015 من دون تحديد آجال. غير أن مؤشرات كثيرة تفيد بأن هذه القضية لم تعد ذات أولوية بسبب إجراءات التقشف التي أعلنت عنها الحكومة، بعد انخفاض أسعار البترول. وقال مصدر «جبهة التحرير»، رفض نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب الذي يرأسه بوتفليقة شرفيا، يترقب تعديل الدستور قبل عقد المؤتمر العادي، مشيرا إلى أن تحديد موعد المؤتمر يتوقف على تاريخ تعديل الدستور، الذي رجح أن يجري عن طريق البرلمان دون عرضه على الاستفتاء الشعبي، بحجة أنه لن يكون عميقا. ويتضمن الدستور الحالي، بأن رئيس الجمهورية يطلب رأي الشعب في التعديل إن كان يمس بأركان النظام السياسي. وعقد بوتفليقة مساء أول من أمس مجلسا للوزراء، الثالث خلال عام 2014، تناول فيه موضوع الدستور المثير للجدل، إذ قال، حسب بيان للرئاسة، إن «مشروع مراجعة الدستور الذي سأقترحه طبقا لصلاحياتي الدستورية، لن يكون في خدمة سلطة أو نظام ما مثلما يزعم هنا وهناك، فهو يطمح بالعكس إلى تعزيز الحريات والديمقراطية التي ضحى من أجلها شهداء ثورة نوفمبر (تشرين الثاني) (حرب التحرير ضد الاستعمار) الأبرار»، وذلك في إشارة إلى تصريحات معارضين مفادها أن التعديل الدستوري المنتظر «يهدف إلى تعزيز هيمنة النظام على المؤسسات مثل البرلمان، وهيئات الرقابة على المال العام». وقال بوتفليقة إن مشروعه «يهدف، مثلما سبق لي وأن تعهدت أمامكم، إلى توطيد استقلال القضاء وحماية الحريات وتعزيز الفصل بين السلطات، وكذا دور البرلمان ومكانة المعارضة، وبعبارة وجيزة فإن الأمر يتعلق بتعزيز قواعد ديمقراطيتنا التعددية الفتية، مع ضبط التنافس والاعتراض السياسي دائما مع حماية الأمة من الفوضى والانحرافات». وكشف بوتفليقة في مايو (أيار) الماضي عن مسودة التعديلات، أهم ما فيها تحديد الترشح للرئاسة بولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة. وكان بوتفليقة نفسه فتح باب الترشح للرئاسة مدى الحياة في تعديل أدخله على الدستور عام 2008، وأثار حينها جدلا حادا كونه مدد لنفسه الحكم لولاية جديدة. وفي يونيو (حزيران) الماضي، كلف مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحي باستشارة الطبقة السياسية بشأن المسودة. وقاطعت أغلب أحزاب المعارضة المسعى، على أساس أنه لا يقدم شيئا على صعيد الحريات ومراقبة أعمال الحكومة. ولم يذكر بوتفليقة في بيانه الآلية التي سيحتكم إليها في تعديل الدستور، بمعنى هل سيمرره عن طريق الاستفتاء أم سيكتفي بالتصويت عليه في غرفتي البرلمان، كما حدث في 2008. وفي كل الأحوال، يقول مراقبون إن تعديل الدستور من حيث المبدأ، لن يكون ذا جدوى إن لم يعزز سلطة البرلمان ويقوي صلاحياته في مراقبة المال العام. ولن يكون نافعا للمجتمع إن لم يتح هوامش أوسع لممارسة الحريات ولم يحد من سلطات رئيس الجمهورية الواسعة، ولم يمنع تدخل الجيش في اختيار رؤساء الجمهورية وكبار المسؤولين في الدولة. وخاض بوتفليقة في مجلس الوزراء، حسب البيان، في قضية الساعة أي انهيار أسعار النفط وتداعياته على الاستقرار الداخلي. وقال بهذا الخصوص: «أشكر العلي القدير على السلم والاستقرار اللذين حظينا بهما طوال هذه السنة، وكذا الأشواط التي قطعناها إلى الأمام في سياق دولي مثقل بالمخاوف، وظرف إقليمي ما فتئت فيه بؤر التوتر تهدد أمن الدول كافة». وأضاف: «أنا على قناعة من أنه في ظل السكينة وبفضل تجندنا التقليدي أمام التحديات، ستتجاوز الجزائر دون صعوبات كبرى الاضطرابات الخطيرة التي تشهدها سوق المحروقات الدولية.
مشاركة :