محرر الشؤون العربية | اعتداء دام وجه ضربة جديدة للأمن في إيران، من خلال استهداف عرض عسكري في الأهواز كبرى مدن ولاية خوزستان ذات الغالبية العربية (جنوب غرب)، قُتل 29 شخصا غالبيتهم من قوات الحرس الثوري، في واحدة من أسوأ الهجمات التي استهدفت سيف نظام الحكم الديني ودرعه منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، وتبنته جهتان. ومع محاولة مسؤولي النظام الإيراني الترويج إلى دور دول إقليمية في الهجوم، رد ناشطون عرب بأنه استهدف عرضاً عسكرياً، و«نقل المعركة إلى العمق الإيراني»، في وقت تتدخل طهران في شؤون دول عدة بالمنطقة وتدعم جهات مسلحة في اليمن وسوريا والعراق، كما احتفى ناشطون سوريون والإعلام المعارض بالحادثة كونها استهدفت «الحرس الثوري» أشرس شركاء نظام الرئيس بشار الأسد في قتل السوريين، إلا أن كثيرين ذهبوا إلى أن الحادثة مفبركة وتهدف إلى إخراج إيران من مأزقها السياسي والاقتصادي وتبرير هجمات وعمليات قمعية قادمة. وخلال الهجوم، أطلق مسلحون يرتدون زيا عسكريا النار على منصة احتشد فيها مسؤولون لمتابعة إحياء اليوم الوطني للقوات المسلحة التي تحيي في 22 سبتمبر من كل عام ذكرى الحرب العراقية الإيرانية التي دارت بين عامي 1980 و1988. وذكرت وكالة «إسنا» أن عدد الذين قتلوا في «الاعتداء الارهابي»، 29 قتيلا، من بينهم نساء وأطفال من المتفرجين، مشيرة إلى إصابة 60 شخصا. وتداول نشطاء إيرانيون صورا لقيادات إيرانية سياسية وعسكرية لحظة بدء الهجوم، ويظهر في إحداها محمد موسوي جزايري ممثل مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي وإمام جمعة الأهواز وسط محاولة أحد الحراس إجلاءه من المكان، بالإضافة إلى قيادات عسكرية كبيرة في الأهواز من الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية. وفي رده على الهجوم، قال المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي إنه مرتبط «بحلفاء» الولايات المتحدة في المنطقة، وأمر قوات الأمن بالوصول إلى «المجرمين» وراء الهجوم في أقرب وقت وتقديمهم للمحاكمة. من جانبه، صرح المتحدث باسم القوات المسلحة الايرانية الجنرال عبد الفضل شكرجي «من بين الشهداء فتاة ومقاتل سابق كان على كرسيه المتحرك»، مضيفاً «من أصل أربعة مهاجمين تم إرسال ثلاثة الى الجحيم في عين المكان ولحق بهم الرابع في المستشفى». وزعم أنّ منفذي الهجوم حصلوا على أسلحتهم قبل عدة أيام من دول في الخليج، وأخفوا الأسلحة في منطقة قريبة من مكان العرض. وقال المتحدث باسم الحرس الثوري رمضان شريف، إن «الذين فتحوا النار على الناس والقوات المسلحة ينتمون الى الحركة الأهوازية»، في إشارة إلى حركة النضال العربي لتحرير الأهواز، فيما ألقى التلفزيون الرسمي اللوم على «عناصر تكفيرية»، في إشارة إلى متشددين من السنة. بدوره، أكد الرئيس حسن روحاني أن رد ايران على أدنى تهديد سيكون مدمرا، داعيا حماة الارهابيين إلى تحمل المسؤولية. وفي اتصالين هاتفيين مع وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي، ومحافظ خوزستان غلام رضا شريعتي، أمر روحاني وزارة الامن لتعبئة امكانات جميع الاجهزة الامنية لكشف الارهابيين وارتباطاتهم والتصدي القاطع لكل من له صلة بهذه الجريمة الارهابية. من جانبه، كتب وزير الخارجية محمد جواد ظريف في تغريدة «تم تجنيد الارهابيين وتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم بواسطة نظام أجنبي»، مضيفاً ان «إيران تحمّل رعاة الإرهابيين الإقليميين وأسيادهم الأميركيين مسؤولية الهجمات الإرهابية»، مشيراً إلى أن «إيران سترد بسرعة وبحزم للدفاع عن أرواح الإيرانيين». بدوره، توعد يحيى رحيم صفوي المسؤول الكبير بالحرس الثوري بالرد على الهجوم، قائلاً «على الأعداء ألا يتوهموا أن بوسعهم أن ينالوا العزة بهذه الفعلة المشؤومة. سيرد شعب إيران وقواتها المسلحة على هذا». واتهم متحدث عسكري المنفذين بتلقي تدريبات في دولتين عربيتين خليجيتين، «ولا ينتمون لداعش لكنهم على صلة بأميركا واسرائيل». وقال الأميرال علي فدوي مساعد قائد الحرس الثوري لوكالة فارس للأنباء «إن هذا العمل الإرهابي لا يثبت القوة، بل يدل على الذلة ويأتي استمرارا لممارسات داعش في العراق وسوريا، حيث يقتلون الأبرياء». في المقابل، تبنت جهتان مختلفتان الهجوم ولكنهما لم تقدما أي دليل يثبت ما أعلنتاه، حيث قال يعقوب حر التستري المتحدث باسم حركة النضال العربي لتحرير الأهواز، وهي جماعة عربية مناهضة للحكومة الإيرانية، لـ«رويترز» إن المنظمة المقاومة الوطنية الأهوازية التي تضم عددا من الفصائل المسلحة من بينها حركته، مسؤولة عن هجوم الأهواز. وفي وقت لاحق، تبنى تنظيم «داعش» عبر وكالة «أعماق» التابعة له على تطبيق تلغرام، قائلاً «انغماسيون من الدولة الإسلامية يهاجمون تجمعاً للقوات الإيرانية في الأهواز». ولجهة ردود الفعل الدولية، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه لروحاني، مشيراً إلى أن موسكو مستعدة لتعزيز الجهود المشتركة في محاربة الإرهاب، فيما دانت دمشق الهجوم وأعربت عن تضامنها مع حليفتها طهران. ومع محاولة الترويج إلى دور دول إقليمية في الهجوم، كتب الكاتب الإماراتي عبد الخالق عبد الله، معلقاً في «تويتر» إن «الهجوم على هدف عسكري ليس بعمل إرهابي، ونقل المعركة إلى العمق الإيراني خيار معلن وسيزداد خلال المرحلة المقبلة». إغلاق منفذين حدودين أعلنت هيئة المنافذ الحدودية في العراق في بيان أن الجانب الإيراني أغلق منفذي الشيب والشلامجة الحدوديين مع العراق بشكل مؤقت بعد الهجوم في الأهواز، وفي وقت لاحق ذكر مسؤول إيراني أن معبر الشلامجة يعمل روتينياً بعد إغلاقه لساعات. هل الهجوم مفبرك لتبرير مزيد من البطش؟ علق المعارض السوري خالد خوجة على هجوم الأهواز، قائلاً إن «إطلاق النار في تجمع مدني عمل إرهابي بكل المقاييس. وعملية الأهواز قُدمت على طبق من ذهب لنظام ولاية الفقيه ذريعة الإرهاب ليشوه المقاومة الشعبية في الأهواز». من جانبه، رأى السيد محمد علي الحسيني، أمين عام المجلس الإسلامي العربي في لبنان، أن «الهجوم في الأهواز المحتلة يحمل بصمات المخابرات الإيرانية، وهو حادث مفبرك، هدفه إطلاق يد المحتل لممارسة المزيد من القمع والبطش بقتل واعتقال المواطنين العرب في الأهواز الرافضين للخضوع للنظام الإيراني، واتهامهم بالعمالة للخارج والخيانة معزوفة مستهلكة»، محذراً «الشيعة العرب من الانجرار وراء الادعاءات الإيرانية». ونشر الإعلامي السوري فيصل القاسم استفتاء لاستجلاء آراء الجمهور العربي حول الهجوم، وسأل: «هل تعتقد أن الهجوم الدموي على العرض العسكري في إيران مؤشر على بدء الحرب الأميركية على نظام الملالي، أم أن الحادث من تدبير النظام الإيراني كي يظهر على أنه ضحية للإرهاب، وكي يبرر إجراءات قادمة في الأهواز؟». جنود يزحفون وآخرون مذهولون أظهر مقطع مسجل جرى توزيعه على وسائل الإعلام الإيرانية، جنودا يزحفون على الأرض بينما تنطلق أعيرة نارية صوبهم خلال الهجوم الذي استهدف عرضا عسكريا بالأهواز، وأمسك جندي سلاحا ونهض واقفا بينما تفر نساء وأطفال من المكان. وعرض مقطع مسجل بثه الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي لقطات لجنود مذهولين يتساءل أحدهم وهو يقف أمام المنصة «من أين جاؤوا؟» ورد آخر «من خلفنا». روحاني: ترامب سيلقى مصير صدام نفسه توعد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه سيفشل في مواجهته مع إيران مثلما فشل صدام حسين تماما، مشيرا إلى الحرب التي دارت في الثمانينات بين إيران والعراق. وخلال عرض عسكري بمناسبة اليوم الوطني للقوات المسلحة الإيرانية والمصادف لذكرى إعلان بغداد الحرب على طهران في 22 سبتمبر (1980-1988)، قال روحاني: «لن نقلص ابداً قدراتنا الدفاعية سنزيدها يوما بعد يوم»، مضيفاً ان «غضبكم من صواريخنا يدل على أنها الأسلحة الأكثر فاعلية، بفضلكم أصبحنا نعرف قيمة صواريخنا». وقارن روحاني في كلمته بين صدام حسين وترامب، قائلاً إن ترامب مزق بشكل أحادي الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015 لإطلاق «حرب نفسية» على إيران، على غرار ما قام به صدام حسين في 1975 عندما ألغى الاتفاق الذي يرسم قسما من الحدود بين العراق وإيران لشنّ حرب على الجمهورية الإسلامية. وتوقع روحاني أن «تواجه أميركا نفس مصير صدام حسين»، قائلاً إن «ترامب سيفشل في مواجهته مع إيران تماما مثلما فشل صدام حسين». (أ ف ب، رويترز).. ورجل أمن ومصور صحافي يحاولان الاحتماء خلال الهجوم | إرنا
مشاركة :