على رغم مرور عقود على إنتاجها وعرضها، ما زالت الرسوم المتحركة ومسلسلات الكارتون الكلاسيكية (مثل عدنان ولينا وسالي وفلونة وهايدي)، تجد مكانها اللائق ضمن الخريطة البرامجية لقنوات الأطفال المختصة وضمن فقرات الصغار في القنوات العامة أيضاً. ولا عجب في ذلك لكونها برامج تتميز بحبكة وبناء دراميين مبهرين وبتقنيات بصرية جذابة توائم المواكبة بين الخيال الطفولي الجامح والواقع كما هو. إنها أعمال تخاطب العقل والمشاعر وليس العين فقط، بعكس أفلام كارتون زمننا الحاضر التي يغزوها التسطيح والسقطات الفنية والتربوية وانعدام المحتوى الهادف. وعلى رغم أنّ الأذواق تختلف وتتطور وتتبدل لدى الصغار باختلاف الأزمنة والأجيال وتبعاً للتطور التكنولوجي والاجتماعي والقيمي العام وما يعكسه من تطور وتحول في قابليات الطفولة ومزاجها ومداركها وتفضيلاتها الترفيهية والجمالية، إلا أن ثمة أنماطاً استهلاكية سائدة بمحتوياتها، وهي بالغة الاستعراضية والخواء المعرفي والسلوكي. فالمشهدية فيها منزوعة الروح وفارغة الهدف بما يطعن في قيمة وجمالية الكم الهائل من المنتوج الكارتوني الذي يتوجه اليوم إلى الطفل المعاصر. فالمسلسلات المذكورة أعلاها غدت من الكلاسيكيات ليس ضمن فئة الرسوم المتحركة الكارتونية فحسب، وإنما الفن العالمي ككل. فهي تجسد أعمالاً عابقة بالفضيلة الممتعة والخير والجمال والحكمة، ليس وفق قوالب وعظية وإرشادية منفرة وتقليدية، بل ضمن سياقات درامية رائعة وممتعة ومبرمجة خصيصاً لمخاطبة عقول الأطفال ومشاعرهم. إلا أنها تبدو صالحة للكبار أيضاً لما تنطوي عليه من سوية معرفية وقيمية وجمالية راقية ما يفسر ربما أننا نتسمر نحن معشر الكبار أمام أعمال خالدة كهذه كلما كان الوقت متاحاً في نوستالجيا عارمة لطفولتنا ولزمنها الجميل البريء.
مشاركة :