صدر عن منشورات «مقاربات» كتاب جديد للناقد المغربي يحيى بن الوليد، بعنوان «قراءة التراث النقدي والبلاغي عند العرب». يقع الكتاب في 220 صفحة من القطع الكبير، وقد صمم غلافه الفنان المغربي عزيز ازغاي، أما لوحة الغلاف فهي للفنان التونسي خالد ميلود. نقرأ من المقدمة التي صدّر بها الناقد كتابه: «إن الإقدام على دراسة محور قراءة التراث لم يجعلنا نسلم من السؤال الذي كنا قد افتتحنا به الدراسة الأولى: (لماذا خطاب جابر عصفور دون سواه من خطابات النقاد العرب المعاصرين؟).ويقف المؤلف عند الحوافز التي تفسّر إقدامه على دراسة هذا الخطاب ومن خارج دائرة (الميول الذاتية) التي أشار إليها في مفتتح المقدمة. وفي طليعة هذه الحوافز، اهتمام الناقد بـ (نقد النقد) الذي ما يزال أحد الأسئلة التي لم نولها حقها من الدراسة والتدقيق، إضافة إلى أنه ما تزال هناك تلك النظرة التي تتعامل مع نقد النقد بوصفه (عملاً) يقل أهمية عن النقد. ومن بين الحوافز الأخرى، ما يعود إلى التعامل مع ما هو موجود من نقد النقد في الخطاب النقدي العربي المعاصر، إذ من النادر العثور على نماذج تستطيع أن تدفع بالنصوص المدروسة إلى ما هو أعمق، فأغلب الإنجازات لا يعدو أن يكون (وصفاً) و(تكراراً) للمادة الموصوفة وإن بطرائق مختلفة، وهو ما يتضح أكثر على صعيد نقد النقد المرتبط بقراءة التراث النقدي، فأغلب الإنجازات تتشابه فيما بينها ولا تمس -بالتالي- أنساق التراث. من هذا المنطلق، منطلق نقد النقد، بمعناه الجذري: أي من حيث هو عملية لا تقل أهمية عن النقد ذاته، تبدت للناقد يحيى بن الوليد الأهمية اللافتة للخطاب النقدي عند جابر عصفور، لكن في أفق الوعي بخطابات سبقته وأخرى تلته، خصوصاً تلك التي يتقاطع معها على مستوى الهمّ المنهجي والحس الإشكالي للقراءة. ثم إن تصوراً من هذا النوع جدير بأن يعكس ثراء خطاب جابر عصفور وفي الوقت ذاته ثراء باقي الخطابات، بما يحافظ لكل خطاب على فرادته المتميزة وصوته المخصوص في خريطة النقد العربي المعاصر. ودراسة خطاب ناقد على حدة هي اختيار له، من دون شك، أهميته مقارنة بدراسة خطاب أكثر من ناقد، خصوصاً إذا كانت هذه الدراسة لا تفارق منطق (التجميع). ويستدرك المؤلف بقوله إن» مثل هذا التصور لا ينبغي له أن يخفي الصعوبة التي ينطوي عليها خطاب جابر عصفور الذي لا يخلو من تداخل وتراكب. ومن المفيد الإشارة هنا، إلى أن هذا الخطاب ما يزال في حاجة إلى الدرس والتقصي، وخصوصاً في الخطاب النقدي بالمغرب الذي لا نلفي فيه ولو دراسة واحدة عنه. على أن الأمر لا يقتصر على المغرب وحده، بل يمتد إلى مصر ذاتها بلد الناقد، إذ لا نلفي دراسة عنه مستقلة منشورة رغم أهمية خطابه وتكامله، فما نجده لا يعدو أن يكون مقالات متفرقة في بعض المجلات، وأغلب هذه المقالات لا يعالج قراءته للتراث، بل يكتفي، بسبب إغراء الكتابة الإعلامية، بتصوراته للحداثة والتنوير والاتجاه المدني، مع أن قراءته للتراث لا تحيد عن هذه التصورات».;
مشاركة :