الشارقة: «الخليج» صحيح أننا أصبحنا في زمان باتت فيه «كاميرا» الهاتف الذكي هي الأكثر استخداماً لتوثيق كل لحظات حياتنا، إلا أن تأثير هذه الآلة بشكلها القديم والجديد الرقمي، مازال مستمراً إلى يومنا هذا، ولا يخفى على العالم أجمع أنها غيرت التاريخ وساعدت على تواصل الحضارات والتوثيق بالصورة على مدى قرون، وكما يقول الكاتب الأمريكي الشهير الكسندر إليوت: «كل صورة عظيمة ترينا شيئاً نبصره بالعين مع شيء ندركه بالبصيرة، فهي تجمع بين البصر والبصيرة».سعى الإنسان إلى توثيق مراحل حياته منذ العصور القديمة، فبدأ بالرسم على جدران الكهوف، ثم ظهرت الكتابة الهيروغليفية على ورق البردي، كما كان يفعل المصريون القدماء في سعيهم ربما لإخبارنا بأسرارهم الكثيرة، حتى سجل العالم العربي المسلم الحسن بن الهيثم، حين تم سجنه في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، ملاحظته لدخول الضوء من خلال ثقب في جدار السجن وسقوطه على الجدار المقابل حاملاً معه صورة غير حادة الملامح ومقلوبة لشجرة موجودة في خارج الزنزانة.لا يمكن الحسم في موضوع من هو مخترع الكاميرا، فبحسب موسوعة «ويكيبيديا»، يعتبر الفيلسوف الصيني موزي (470 - 391 قبل الميلاد) أول من أعطى وصفاً يشبه الكاميرا. لكن العالم العربي ابن الهيثم يعد أول من قدم وصفاً واضحاً وتحليلاً صحيحاً للكاميرا المظلمة والكاميرا ذات الثقب، على الرغم من أن أرسطو وثيون الإسكندري والكندي وموزي سبقوه في وصف الآثار المترتبة على مرور ضوء واحد عبر ثقب صغير، إلا أن أياً منهم لم يذكر أن هذا الضوء سيُظهر على الشاشة صورة كل شيء في الجانب الآخر من تلك البؤرة.وكان ابن الهيثم أول من شرح هذه التجربة مع مصباحه، فكان بذلك أول من نجح في مشروع نقل صورة من الخارج إلى شاشة داخلية كما في الكاميرا المظلمة التي اشتقّ الغرب اسمها من الكلمة العربية: «قُمرة»، عن طريق كلمة (camera obscura) اللاتينية، التي تعني «الغرفة المظلمة».وفي عام 1826، وُلدت أقدم صورة فوتوغرافية على يد المخترع الفرنسي جوزيف نيسيفور نيبس بمساعدة المخترع لوي جاك ماند داجير الذي أسهم كثيراً في تطوير كاميرا أوبسكورا وسمى عملية التصوير «داجيريوتيب»، وما زالت الصورة موجودة واسمها «فيو فروم ذا ويندوو آت لو غرا».واخترع العالم الألماني فريدريك سكوت في 1850 فكرة ظهور الصورة على الزجاج والتي تسمى «كولوديون»، وتطورت الكاميرا في منتصف القرن ال 19 على يد علماء كثيرين منهم العالم الفرنسي أندريا أدولف الذي اخترع طريقة ال CDV وهي أن يكون الفيلم على شكل بطاقات صغيرة متتالية، وظهرت أول صورة ملونة عام 1861 على يد العالم الفيزيائي جيمس ماكسويل بمساعدة المصور توماس سوتون وكانت تعتبر مجرد تجربة للصورة الملونة.واليوم أصبحنا نستخدم كاميرات رقمية تستقبل الصورة من خلال كشافات ضوئية، إذ تستقبل الملايين من فوتونات الضوء، ثم تعالجها إلكترونياً، تمهيداً لتخزينها في ذاكرة داخل الكاميرا على شكل صور رقمية مؤلفة من وحدة تسمى البيكسل. وتتميز الكاميرات الحديثة التي يستخدمها المصورون المحترفون بشكل خاص، بالسُّرعة، وقلة التكلفة مقارنة بالكاميرا الفيلمية الكلاسيكية، وسهولة الاستخدام، والمحافظة على البيئة لأنها لا تحتاج إلى مواد كيميائية، وتسمح بعرض الصور، وحذف غير المرغوب فيها قبل طباعتها، وبالتالي توفر الذهاب إلى معمل تحميض الصور والانتظار ليوم أو عدة أيام حتى يتم طباعتها.
مشاركة :