روى لي أحد الأطباء عن شخص ما قد أصدر سلوك خاطئ، فقامت إبنته بمناداته ، والتي تبلغ من العمر حوالي خمسة أعوام ثم قالت له : يا أبي لا تفعل هذا مرة اُخري فإنه أمر سيء ، فسعدت كثيرًا بردة فعل ناضجه لطفله لم تتجاوز سن الـحضانة.الطفل فى مرحلة من ثلاث إلي خمس أعوام يتسم بسرعة الحفظ والذي يعد من أوائل العمليات العقليه التي يمر بها ، وهذه هي مرحلة التطبع وفيها يقوم الطفل بتكوين الخصائص الأساسيه فى سلوكه من خلال مراقبة حياة وسلوك الوالدين أولًا ومن ثم المحيط الإجتماعي الخاص به ، ثم يبدأ الطفل فى الإنتقال من مرحلة الحفظ إلي مرحلة إصدار السلوك وردة الفعل تجاه الحياه، فلما كان ذلك الشخص الذي ذكرناه هو قدوه جيده وصالحه بالفعل فقد إستطاع بذلك أن ينقلها سريعًا إلي صواب الأمور ، فعندما أصدر سلوك في غير محله عن غير قصد قامت حينها إبنته بتنبيهه.ذكر أحد أساتذه العلوم التربويه والنفسيه أن القيم ليست مجرد كلمات تُلقن بل إنها تتجاوز ذلك لتصل إلي حد الممارسات الحقيقيه ، وأعتقد حينها إننا قد لا نحتاج إلي الكثير من كلمات التوجيه ، فالطفل حينها يتعلم مهارات إدارة الحياه ومواجهة المواقف من خلال الممارسات التى يقوم بها المحيط الأسري والإجتماعي الأقرب إليه والذي يُمثل له المثال والنموذج للقيم الواجب إتباعها ، فالطريق الأقرب لكي يُصبح إبنك ما تتمناه حقًا هو ما يسمي بـ "التربيه بالقدوه" فكن قدوه فى كلماتك وفي سلوكك أمامه وسيتمثل بك من تلقاء نفسه.وعلي نقيض ذلك فمن يقوم بنصح وتوجيه أبناءه إلي طريق لم يسلكه هو ولم يعرفه فإنها ستصبح تلك النتيجه حتميه وهي ولد ليس لديه قيم أو مباديء ثابته فى حياته ، يتأثر بسهوله بالمجتمع المحيط به ، عنيد ويفعل ما يحلو له ، غير واثق بأبويه فلماذا إذن يحدث كل هذا؟ لأنه ببساطه لم يري أو يتعلم إلا ذلك.الفرصه مازالت متاحه وموجهه إلي كل منا حتي نجد خيرًا فى أبنائنا ، فبينما نحن نُمارس سلوكًا جيدًا نحن نغرس بذلك قيم ومباديء جيده نوجه بها أبنائنا إلي صواب الأفعال ، فهيا لنصنع جيلًا جديدًا بمباديء وقيم أجدادنا لنصحد جيلًا من الشباب الصالحين ، فكونوا قدوه جيده فإنها حقًا ثقافة العظماء.
مشاركة :