عجيب أمر الإنسان، يولد ضعيفًا، ومن قبل لم يكن شيئًا مذكورًا، خُلق من ماء مهين، في الغيب قدره وفي اللوح سطّرت أيامه ولياليه وأحواله؛ ما بين أفراح وأحزان. يعيش ما قدر الله له من حياة في هذه الدنيا الفانية، يكبر يتعلم يُخالط الناس ويتحمل أذاهم، كما يأنس بمحبّتهم وقربهم وصلتهم. عجيب أمر من يتصوّر أنه بعلمه -مهما بلغ- يستطيع أن يُحدِّد عمر إنسان، أو يتوقع منيّته، لا علم لأحد متى وأين سيموت.. العلم عند الله وحده. وإن كنت طبيبًا ماهرًا متمكنًا من علمك وتخصصك؛ لم تطلع على الغيب، وقد تكون منيتك قبل مريضك. رأيت بعيني كم من مريض عاش بيننا، وكم من صحيحٍ مات من دون علة، لأن أجله حان، وذاك لم تقتله شدة. كل إنسان له قدر لابد أن يعيشه، وكم هي ألطاف الله تتلطف به تلك الرحمات الربانية، يتقلب فيها لأنه لم يبتلى إلا لأن الله يحبه، فالله إذا أحب قومًا ابتلاهم. تعلمنا في كتب التوحيد منذ طفولتنا؛ أن الإيمان ما وقر في قلوبنا، وهو المحك الحقيقي في أن تؤمن بالله ربًا، وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. ما أجمل أن يتغلغل هذا الإحساس في وجداننا، ويلامس شغاف قلوبنا، حينها تهنأ لنا الحياة، وتطمئن القلوب العامرة بذكر الله. لن نؤمن حقًّا إلاَّ إذا صدق اللسان ما وقر في القلب. ولا يقضي ربنا إلاَّ بخير ولا يقول نبينا إلاّ صدقًا وحقًا. إلهي أنت وحدك تعلم ما ينفعنا وما يضرنا، أنت من تختار لنا الأصلح، والغيب لم يطلع عليه أحد من خلقك. إلهنا علمتنا أن ندعوك بقلب موقن بالإجابة، ونلجأ إليك في كل أمرٍ من أمور حياتنا، فلا استقامة لها إلاّ برضاك عنّا، عليك وحدك -لا شريك لك- تيسير أمر كل عسير. لا فارج للهمِّ سواك، ولا قاضي للحاجات إلّاك.. من ذا الذي يرحم قلوبنا من ألم أصابها.. ومَن الذي يكشف الكربات ويرفع البلايا، إيّاك.. أنت وحدك لا رب سواك، ولا خالق للكون غيرك. إلهنا نسألك حبك وحب عمل يقربنا إلى حبك، إن ضاقت بنا الدنيا بما رحبت فرحمتك أوسع لنا. عندك وحدك الفرج، وأنت سبحانك الذي يبتلي ويرفع البلاء بقدرتك وحولك وسلطانك، فأمرك بين الكاف والنون إذا أردت شيئا قلت له كن فيكون. نبينا عليه الصلاة والسلام بشّرنا بأن الصابرين يوفون أجرهم بلا حساب، وأن المسلم كل ما أصابه من أمره خير الوصب والنصب والشوكة يشاكها كفارة له من ذنوبه. إلهنا أنعمت وتفضلت وكرمك غمرنا، أعطيتنا فلا تحرمنا، أكرمتنا فلا تهنّا، اللهم زدنا ولا تنقصنا من خيرك وفضلك ورحمتك وعافيتك.. واجعلنا من عبادك الصابرين عند البلاء، محتسبين شاكرين ذاكرين مبتهلين متوكلين.. أنت حسبنا ونعم الوكيل. ظننا بك أنك أرحم الراحمين، وظننا بك أنك لن تردنا خائبين، ولا عن بابك مطرودين، وأنك قريب مجيب الدعوات. اللهم نسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد بأن تفرج همّ المهمومين، وتنفّس كرب المكروبين، وتشفي مرضانا ومرضى المسلمين، وترحم موتانا أجمعين. سبحانك ما أعظمك.. سبحانك ما أكرمك.. سبحانك مالك الملك والملكوت.. رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما.. وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين. Majdolena90@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (65) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :