«إسماعيل فهد»: أبو الرواية الكويتية..ومؤسس الرواية الخليجية المعاصرة

  • 9/26/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لم يتوقع جمهور الندوة التي عقدت مساء الأحد الماضي بالكويت، حول  الرواية  الأخيرة  للكاتب الكويتي البارز، إسماعيل فهد إسماعيل،«صندوق أسود آخر»، أن تكون تلك الساعات هي الأخيرة ايضا في حياة «إسماعيل»، ليرحل صباح اليوم التالي، عن 78 عاما، وتفقد الكويت مؤسس ورائد الرواية الكويتية، تاركا عطاءا أدبيا تراوح بين 37 عملاً ما بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحية ودراسة نقدية، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الرواية عام 1989، وجائزة الدولة التشجيعية في مجال الدراسات النقدية عام 2002،  وجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في دورتها الرابعة عشرة2014/2015  ولد إسماعيل في البصرة بالعراق عام 1940، وتلقى تعليمه في الكويت والعراق.. حصل على البكالوريوس في الأدب والنقد من المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، وبدأ كتابة القصص القصيرة في مجلة الرائد الكويتية عام 1963 التي جمعها لاحقا في مجموعة قصصية بعنوان (البقعة الداكنة) صدرت عام 1965 عن مكتبة النهضة في بغداد..أصدر روايته الأولى (كانت السماء زرقاء) عام 1970 التي حققت صدى واسعا على المستوى العربي، وتوالت بعدها الروايات، ومنها (الضفاف الأخرى) و(الطيور والأصدقاء) و(خطوة في الحلم) و(دوائر الاستحالة) و(ذاكرة الحضور) و(إحداثيات زمن العزلة) و(السبيليات)..وتحولت الكثير من أعماله إلى مسرحيات، وكانت له دراسات نقدية هامة منها (القصة العربية في الكويت) و(الفعل الدرامي ونقيضه) و(الكلمة-الفعل في مسرح سعد الله ونوس) و(شعر في الهواء الطلق). . وإذا كان  إسماعيل وفياً لهويته الكويتية، فهو كان عربياً وعروبياً، مسكونا بأزمة القضية الفلسطينية التي شغلته مثقفاً وكاتباً في ما نجم عنها من هزائم وخيبات. ولم يكن إصداره رواية عن ناجي العلي قبل عام بعنوان «على عهدة حنظلة»، إلا إصراراً منه على بلورة القضية من خلال شخصية حفرت عميقاً في الوجدان الفلسطيني والعربي..وفي هذه الرواية، ينطلق إسماعيل من غرفة العناية الفائقة التي كان يرقد فيها الرسام الكبير غائباً عن الوعي، ليفتح صفحات حياته ونضاله.     وكان مهتما ايضا بقضية «البدون» في الكويت، وأصدر روايته الأخيرة «صندوق أسود آخر»، التي لم يتسن له متابعة ردود الفعل حيالها، حول قضية «البدون» التي يصفها بـ «صندوق أسود معلّق بحبل الزمن» دلالة على استعصاء حل هذه القضية الشائكة، وعالج مأساة «البدون» في روايات أخرى منها «في حضرة العنقاء والخل الوفي». ولعله من القلة الذين خبروا هذه المأساة، مأساة اللامنتمين، فهو ولد في البصرة، ولكن من جذور كويتية، وعاش في العراق سنوات يعمل في التدريس، لكن الكويت كانت مستقره وبوصلته. عاش في مصر وفي لبنان وسافر إلى الفلبين، مع أحداث غزو الكويت، وأقام فيها نحو سبع سنوات مع زيارات متقطعة لبلده الأم، وكتب من وحي الغزو رواية عنوانها «إحداثيات زمن العزلة»، عبّر فيها عن هذه المأساة التي عاشها الشعب الكويتي.   في العام 1970، أصدر إسماعيل في القاهرة روايته الأولى، «كانت السماء زرقاء»، بعد باكورة قصصية بعنوان «البقعة الداكنة»، وحملت مقدمة كتبها الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور. هذه المقدمة فاجأت قراء هذا الروائي الشاب مثلما فاجأت النقاد، وكتب فيها عبدالصبور يقول: «أدهشتني الرواية ببنائها الفني المعاصر المحكم، وبمقدار اللوعة والحب والعنف والقسوة والفكر المتغلغل في ثناياها».. وعرفت الرواية رواجاً، خصوصاً بعد منعها في مصر، وقدمت إسماعيل كروائي جديد صاحب موهبة كبيرة ما لبثت أن تجلت في أعماله المتتالية. ورواية تلو أخرى، منها ثلاثية، تمكن إسماعيل من أن يفرض نفسه كروائي كويتي وعربي.     وهو علاوة على كونه أبا الرواية الكويتية وأحد مؤسسي الرواية الخليجية المعاصرة، احتل مرتبة في الحركة الروائية العربية، سواء من ناحية الموضوعات الجديدة وغير المألوفة التي تطرق إليها، ومنها قضايا الوافدين إلى الكويت و «البدون» وفلسطين، عطفاً على شؤون إنسانية وتاريخية، فردية وجماعية، فلسفية ووجدانية، أم من ناحية الشكل أو الأسلوب السردي. فهو اعتمد تقنيات عدة، كلاسيكية وحديثة، منها: التعدد الصوتي في الرواية أو «البولوفونية»، والديالوج، والمونولوج أو تيار الوعي، والمسرحة، والتقنية السينمائية.

مشاركة :