دراسة للدماغ تُظهر السبب وراء تخفيف الوعي التام للألم

  • 9/27/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تبيَّن أن الوعي التام يخفِّف الألم. تناولت دراسة جديدة الأسس العصبية لهذه الظاهرة. وقد تساعد اكتشافاتها الباحثين في تطوير إستراتيجيات أكثر فاعلية للتخفيف من الألم. يشكّل الوعي التام وسيلة فاعلة للتخفيف من الألم المزمن. فقد أظهرت دراسة مولتها أخيراً معاهد الصحة الوطنية أن التأمل الواعي يخفف الألم المزمن بفاعلية أكبر من العلاجات التقليدية. ولكن ما آليات الدماغ المسؤولة عن هذا التأثير المسكّن؟ قرر باحثون بقيادة الدكتور فاضل زيدان، بروفسور مساعد متخصص في علم الأعصاب والتشريح في مركز وايك فوريست بابتيست الطبي في وينستون-سالم، الإجابة عن هذا السؤال. يوضح زيدان: «يرتبط الوعي التام بإدراك اللحظة الحاضرة من دون أي تفاعل عاطفي أو حكم». ويضيف: «نعي أن البعض أكثر وعياً من غيره، ويبدو أنه يشعر بألم أقل». لذلك أراد الفريق معرفة ما إذا كان استعداد الإنسان الفردي المسبق الفطري للوعي التام يرتبط بتراجع الحساسية تجاه الألم. وإذا صح ذلك، فما آليات الدماغ التي تؤدي دوراً فيه؟ نُشرت الاكتشافات التي توصلوا إليها في مجلة PAIN. لتحقيق هذا الهدف، استعان زيدان وزملاؤه بـ76 مشاركاً في الدراسة قُيّمت معدلات وعيهم التام الأساسية في مستهل الدراسة باستخدام اختبار قائمة فرايبورغ للوعي التام المعتمد. كذلك تمتع كل المشاركين بصحة جيدة ولم يسبق لهم أن مارسوا التأمل. عرض الباحثون بعد ذلك المشاركين لتحفيز مؤلم بالحرارة وتحفيز غير مؤلم. واستعملوا في الوقت عينه التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي بغية دراسة نشاط دماغهم. انطلق زيدان وفريقه من فرضية أن «الوعي التام الشخصي» أو استعداد الإنسان المسبق ليكون واعياً يرتبط على الأرجح بانخفاض الحساسية تجاه الألم وتعطيل أكبر لدارة في الدماغ تُدعى شبكة الوضع الافتراضي. تشمل شبكة الوضع الافتراضي مناطق عدة من الدماغ تتشابك وتنشط في حالة الراحة، أي عندما لا يكون الإنسان مركزاً على العالم الخارجي الذي يحفز الانتباه، بل يصبّ اهتمامه على حالاته الداخلية. يشمل بعض مناطق الدماغ الرئيسة، التي تؤلف هذه الشبكة، القشرة الحزامية الخلفية، والقشرة الجبهة الأمامية الوسطى، والتلفيف الزاوي. وأظهرت أبحاث سابقة أن التأمل يحدّ من النشاط في هذه الشبكة. تراجع نشاط القشرة الحزامية اكتشفت الدراسة أن الوعي التام الشخصي يرتبط بتنامي تراجع النشاط في القشرة الحزامية الخلفية. نتيجة لذلك، يشعر مَن يتمتعون باستعداد مسبق للوعي التام بمقدار أقل من الألم. في المقابل، بدت مناطق الدماغ هذه أكثر نشاطاً في حالة مَن ذكروا أنهم شعروا بألم أكبر. يؤكد زيدان: «يتعطّل الوضع الافتراضي كلما أديت مهمة ما، مثل المطالعة أو الكتابة». «تستأنف شبكة الوضع الافتراضي نشاطها ما إن يتوقف الإنسان عن أداء مهمة ويعود إلى أفكاره، ومشاعره، وأحاسيسه الذاتية»، وفق هذا الباحث. يضيف زيدان: «تُظهر نتائج دراستنا أن مَن يتمتعون بوعي تام لا ينغمسون كثيراً، على ما يبدو، بتجربة الألم، ما يرتبط بإفادتهم الإحساس بألم أقل». يتابع موضحاً: «إذاً، صرنا نملك اليوم ذخيرة إضافية لنستهدف هذه المنطقة من الدماغ بغية تطوير علاجات ألم فاعلة». «لكن الأكثر أهمية أن هذا البحث يُظهر أن علينا أن نأخذ مستوى الوعي التام لدى الإنسان في الاعتبار عند احتساب كيف يشعر بمقدار أكبر أو أقل من الألم ولماذا»، حسبما يشدد زيدان. يأمل الباحث بأن تسهم الدراسة في تقديم الراحة لمن يعيشون مع الألم المزمن. ويختم: «استناداً إلى بحثنا الأولي، ندرك أننا نستطيع أن نعزِّز الوعي التام من خلال جلسات قصيرة نسبياً من التدريب على التأمل الواعي. إذاً، قد يتبين أن هذه طريقة فاعلة للتخفيف من ألم ملايين مَن يعانون أوجاعاً مزمنة».

مشاركة :